خبراء الآثار: محاولة تقليل حرم هرم ميدوم الأثري جريمة!
حصل موقع «باب مصر» مؤخرًا على مستند رسمي يقترح السماح ببناء منشآت، ضمن حدود حرم هرم ميدوم. حيث تقدم مدير عام منطقة بني سويف للآثار المصرية، بمذكرة علمية لتعديل القرار الوزاري رقم 38 لسنة 1992 للسماح بالبناء على مواقع أثرية.
عالم الآثار المصري الدكتور محمد عبدالمقصود، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار، تحدث عن الأمر لـ«باب مصر» وقال: الحرم الأثري وفقًا لقانون حماية الآثار يبدأ من متر واحد، وحتى ثلاثة كيلو مترات «الأمر يعتمد بشكل كبير على المنطقة الموجود بداخلها الأثر. فإذا كان الأثر داخل منطقة محاطة بالبنايات فهنا يحتم علينا الأمر أن يكون الحرم صغيرًا من حيث عدد الأمتار وهذا منطقي. أما في حالة هرم ميدوم والأهرامات بشكل عام فالحرم داخل هذه المناطق يمتد لثلاثة كيلو مترات، نظرًا لأنه ينبغي أن تتم مراعاة زاوية الرؤية كي لا يتم حجب الأهرامات. وأيضًا حتى لا يتم التعدي عليها والبناء حولها؛ وبالتالي يمكن أن تتأثر.
وتابع: المبان الحديثة، تتطلب بناء بنية تحتية حولها، بدءًا بشبكات الصرف وغيرها من الأمور. وهذه الأشياء ستؤثر على الطبيعة الأثرية للموقع ككل، سواء من خلال مشكلات الرشح، والمجاري التي يمكن أن تحدث في أي وقت. لذلك أرى أن هذا القرار الذي نشره موقع باب مصر خطير جدًا. لأنه يسمح بذلك بإقامة منشآت داخل حرم هرم ميدوم؛ وبالتالي إلغاء القرار القديم الذي صدر من نفس الجهة “الآثار” التي تحاول حاليًا تمرير قرار آخر سيضر بالهرم بدون أدنى شك. فالبناء على هذا الموقع مرفوض، وهو قرار لو تم تمريره سيكون كارثيًا».
مشاريع مدمرة
يتساءل عبدالمقصود عن سبب محاولة تمرير هذا القرار: «الأمر غريب جدًا، لأنه في عام 1992 تم الموافقة على مسافة ثلاثة كيلو مترات كحرم للأثر. وهذا القرار تم اتخاذه عبر لجان فنية متخصصة ومن خلال اللجنة الدائمة للآثار المصرية. لذلك فالخلل هنا يعود للقرارات الجديدة، لأنها ضربت بعرض الحائط القرار القديم الذي تم اتخاذه من قبل متخصصين. فوقتها لم يكن هناك أي تعديات على حرم هرم ميدوم الأثري، لكن حاليًا يتم التعديات على المواقع الأثرية. وبالتالي يجب المحافظة على القرارات القديمة، وعدم تغييرها لإقامة مشاريع ستدمر من طبيعة المكان».
السماح بالزحف العمراني!
وعن الخطورة المتمثلة في هذا القرار أوضح أنه بذلك يسمح بامتداد الزحف العمراني نحو الهرم. وبالتالي لا يجب أن تكون الآثار هي الضحية في هذه الحلقة المفرغة، لأنه بكل تأكيد سيتم التعدي فيما بعد على حرم هرم ميدوم. وفي هذه الحالة ستلجأ الآثار لتقنين الأوضاع، وهذا ما يحدث أغلب الوقت منذ سنوات طويلة. لذلك لا يجب تمرير مثل هذه القرارات لأنه ستؤدي لكارثة في النهاية.
يستطرد عبدالمقصود: ما يحدث الآن هو تقنين لكافة التعديات التي حدثت على مواقع الآثار خلال السنوات الأخيرة. وهناك قرى كثيرة تم التعدي على الأراضي الأثرية بداخلها خصوصًا في منطقة الدلتا. وما يحدث لم يكن لأحد أن يملك الجرأة في السماح به من قبل؛ لذلك فالوضع أرى أنه مأسوي. وأظن أنه لو تم الاستمرار بنفس الوتيرة فلن يتبقى لنا أي موقع أثري. وسنصبح بلد تضم متاحف فقط ليس أكثر؛ لذلك أرى أن الأمر كارثي.
قرار كارثي
الدكتورة مونيكا حنا، العميد المؤسس لكلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية تساءلت: أريد أن أعرف هل يريدوا أن يحولوا هذه المنطقة لتصبح نزلة سمان جديدة؟ بالتأكيد هذا القرار لو تم تمريره سيكون خطأ كبير وكارثة حقيقية. «نحن نطالب أصلًا منذ سنوات بتزويد حرم الآثار لا تقليله، فهرم سنفرو «ميدوم» مهم جدًا ولا يجب إزالة أي سم من حرمه أو السماح بالبناء على حرمه. فإذا أرادوا تقديم خدمات بداخله، وإقامة منشآت فلا يجب أن تكون بالحفر. لأن ذلك يؤثر بشكل كبير على طبيعة الموقع، يمكنهم إنشاء أكشاك لأنها لا تؤثر على الموقع الأثري. فنحن نتكلم عن هرم مهم جدًا من الناحية المعمارية، وأيضًا من الناحية الأثرية. وأي تدخلات بالحفر ستؤثر على طبيعة الموقع الأثري بشكل كبير».
محاولة تغيير القرارات القديمة
الجدير بالذكر أن التقرير الذي نشره موقع «باب مصر» كان عبارة عن محاولة من الآثار لإلغاء القرار رقم 38 والصادر سنة 1992. والذي نص على أن الكيلو متر الأول من هرم ميدوم يحظر فيه إقامة أي مبانٍ أو اشغالات من أي نوع. ويستثنى من ذلك استراحة المحافظ المقامة حاليًا ومساحتها عشرة أفدنة. أما بخصوص الكيلو متر الثاني والثالث، فقد ذكر القرار أن يصرح باستغلال الزراعة والمحاجر ويحذر إقامة أي مبان أو منشآت. بعد الكيلو متر الثالث وحتى الحد الإداري بين محافظة بني سويف، ومحافظة الجيزة. والحد الإداري لمحافظة الفيوم غربًا في اتجاه منطقة “حفظ سنورس” الجهة الشرقية فيتم التصريح بإقامة مبان ومنشآت من دور واحد.
فقد اقترح مدير عام منطقة آثار بني سويف بتاريخ 26-4-2023 تعديل الكيلو الثاني والثالث تمهيدًا للعرض على اللجنة الدائمة للآثار المصرية. والحفاظ فقط على الكيلو متر الأول، وحظر عمل أية منشآت من أي نوع بداخله. حيث أوضح أن ذلك بهدف الحفاظ على أملاك آثار ميدوم، من زحف التعديات عليها.
أما بخصوص الكيلو متر الثاني والثالث فقد اقترح بالسماح ببناء مساحة وصفها بالـ”صغيرة المتفرقة” وموزعة بالمساحات المطلوب استغلالها، على ألا يتعدى ارتفاعها ثلاثة أمتار ولا تتعدى المساحة المبنية 1% من إجمالي المسطح المطلوب زراعته!
اقرا أيضا:
بالمستندات… الآثار تبدأ إجراءات السماح بالبناء على حرم هرم ميدوم !