أخطاء وكوارث في دراما رمضان.. أبرزها شعرة «المشوار» وتكرار مشاهد «راجعين يا هوى»
خلال دراما رمضان، وفي الحلقتين الواحدة والعشرين والثانية والعشرين من مسلسل المشوار تظهر فجأة على الشاشة شعرة سوداء سميكة، تتقافز من لقطة لأخرى، اعتقدت عندما رأيتها لأول مرة أن هناك شيئا ما على شاشة التليفزيون، فقمت ومسحت الشاشة، ولكنها عاودت الظهور، فأدركت، فجأة، أنها على عدسة الكاميرا نفسها، وأن المصور ومدير التصوير والمخرج والمونتير لم ينتبهوا لها، بالرغم من أنها راحت تتقافز من لقطة لأخرى، وحلقة لأخرى، في واحدة من أغرب وقائع هذا العام الغريب.
في الحلقتين العاشرة والحادية عشر من مسلسل “راجعين يا هوى” يتكرر مشهد حواري طويل بين بعض الشخصيات، وكأن الدقائق الثلاث التي تنفق في بداية كل حلقة لعرض ملخص للحلقات السابقة وجزء من نهاية الحلقة السابقة لا يكفي، فنسى المخرج والمونتير أن المشهد المذكور استخدم في الحلقة العاشرة، فأعادوا استخدامه في الحلقة التالية.
دراما رمضان..حتى غمام
حتى “جزيرة غمام”، الذي يعتبر العمل الأفضل هذا العام، وربما كثير من الأعوام الماضية، هناك مشهد في بداية الحلقات للشيخ محارب (فتحي عبد الوهاب) يتفاوض مع كبير “المطاريد” (ضياء عبد الخالق) على شراء شحنة سلاح لارهاب أهل الجزيرة. هذا المشهد يتكرر مرة أخرى في الحلقة الواحدة والعشرين في سياق آخر يقوم فيه أعداء عرفات بالانفصال والاستعداد للحرب، ويصل، بالصدفة، تجار السلاح لتسليمهم الشحنة المتفق عليها. إعادة المشهد هنا مقصودة، غالبا، للتذكير بحدث الاتفاق على الصفقة، وربما يكون سبب الاعادة، غالبا، هو أن المخرج والمونتير اكتشفوا في غرفة المونتاج أن هناك فجوة زمنية كبيرة بين مشهد الاتفاق على الصفقة، ومشهد تسليمها وأنهم لم يقوموا بتصوير مشهد “جسر” يربط بين الاثنين، ولذلك أعادوا استخدام المشهد القديم، وبالطبع هذه غلطة أتمنى أن يتداركها صناع هذا العمل العظيم في النسخ التي تعرض بعد نهاية رمضان.
ما خفي أعظم في دراما رمضان
هذه “الأخطاء” البسيطة المضحكة لا تعد شيئا مقارنة بالأخطاء الجسيمة ونقاط الضعف الخطيرة التي تعاني منها كثير من الأعمال الرمضانية بسبب ظروف وعادات العمل في رمضان، والتي حذرنا منها مرارا وتكرارا دون جدوى.
يتم الاتفاق على المسلسل قبل بداية رمضان بأسابيع قليلة، ولكن الاتفاق وتوقيع العقود لا يكون على المسلسل، بل على بضعة حلقات منه، قد تنخفض أحيانا إلى حلقتين أو ثلاثة، ويبدأ التصوير قبل أن ينتهي كاتب، أو كتبة، المسلسل من كتابته، وهذا في حد ذاته كارثة لأسباب كثيرة يصعب حصرها، ولكن لنتخيل بعضها: ماذا يحدث إذا مات، أو مرض، أو اعتذر أحد أبطال المسلسل عن استكماله لسبب أو آخر؟ ماذا يحدث إذا كان النجم مدللا، غير ملتزما، أو إذا دب شجار بينه والمخرج أو أحد زملاءه؟ ماذا يحدث إذا تباطأ المخرج في الالتزام بجدول التصوير؟ أو إذا قام المؤلف بكتابة حلقات ضعيفة في منتصف التصوير؟ أو بكتابة حلقات أخيرة تحمل مشاهد لا تتفق مع بقية مضمون العمل أو تحمل رسائل عكسية؟
بالمناسبة كل هذه الكوارث حدثت وتحدث كل عام، بعضها يظهر للعلن وبعضها يظل مجهولا. العام الماضي شهد مصيبتين.. الأولى في “نسل الأغراب” الذي تم تلفيق حلقاته الأخيرة بنتيجة فاشلة.. دفعت الشركة المنتجة لإصدار بيان تعلن فيه أنها لن تتعامل مع مخرجه مرة أخرى. والثانية “خلي بالك من زيزي” الذي قرر أصحابه، بعد مرور خمسة أيام من عرضه، أن يضاعفوا عدد حلقاته من 15 إلى 30 حلقة.. والنتيجة أن المسلسل تحول إلى جلسات ثرثرة على المقهى يرتجل فيها الممثلون أي شئ يخطر ببالهم. لكن الأكثر ازعاجا كان ردود فعل بعض المشاهدين والنقاد الذين لم يجدوا أي غضاضة أو مشكلة في هذا اللغو والثرثرة.. على أساس أن المناقشات تدور حول موضوعات مهمة.. ولتذهب أصول الدراما والسرد والحبكة والصراع والشخصيات وفن الحوار إلى الجحيم!
محصول هزيل.. في درما رمضان
هذه الظروف والعادات السيئة لا تتسبب فقط في ضعف المحصول الدرامي وهزاله مقارنة بالأعمال العالمية.. بل ومقارنة بحجم المواهب والامكانيات الموجودة في مصر.. والتي يمكن أن تنتج أعمالا كثيرة بقيمة “جزيرة غمام” لو تحسنت الظروف قليلا.
كنت أقول أن الضرر لا يقع فقط على المستوى الفني ولكن على الانتاج أيضا. مثال على ذلك أعمال تتم كتابتها على الهواء.. ولا يعلم مخرجوها أو منتجوها أو مصممو ديكوراتها أين ستقع المشاهد التالية. ويحدث مثلا أن يتم تصوير بعض مشاهد الحلقات الأولى في مدينة أو شقة أو ديكور مبني ما.. ويغادر فريق العمل المدينة أو الشقة أو الديكور المبني.. ليكتشفوا قبل نهاية رمضان بأيام أن المشاهد الختامية التي تم تسليمها متأخرا تدور في هذه المدينة أو الشقة أو الديكور المبني.. وأن عليهم أن يسافروا أو يستأجروا الشقة أو يعيدوا بناء الديكور من جديد…منتهى العبث..أليس كذلك؟!
مغالطات و”غلوشات” في رمضان دراما رمضان
ربما يعلو صوت ما من الذين اعتادوا على هذه الظروف أو يرغبون في تبريرها.. ليخبرنا بأن الأمر ليس بدعة مصرية وأن المسلسلات الأمريكية والعالمية يجرى تصويرها أيضا بعد بداية بث الحلقات.. وهذه مغالطة و”غلوشة” واجتزاء للحقائق.
الذي يحدث في الخارج أن هناك مسلسلات من نوع “السيت كوم”.. والتي كما يدل اسمها تدور داخل ستوديو ثابت، لا يتم هدمه إلا بعد انتهاء الحلقات أو المواسم كلها. وحتى في هذه الحالة يكون هناك وقت كاف لمراجعة ما تم تصويره واصلاح أخطاءه أو إعادة التصوير أحيانا.
الذي يحدث أيضا أن هناك مسلسلات يتم توزيعها على عدة مخرجين.. تحت إشراف مخرج منتج واحد، هو العقل الرئيسي للعمل. وبالطبع تكون الكتابة منتهية، من زمان، وخطة الانتاج والتصوير تم وضعها، من زمان. ويكون هناك أيضا وقت طويل فاصل بين نهاية التصوير وموعد بث الحلقات.. حتى يمكن مونتاجها وإعادة مونتاجها ومراجعتها مرة وأخرى واصلاح أي مشكلة يتم اكتشافها.. حتى لو اضطر صناع العمل لتصوير مزيد من المشاهد أو استخدام التقنيات الحديثة لاصلاح هذه الأخطاء.. مثل ظهور ميكروفون أو عدة التصوير في خلفية المشهد أو ظهور شعرة سوداء كثيفة ملتصقة بعدسة الكاميرا!
اقرأ أيضا:
رغم فلاتر الرقابة: هوس المنع لا يكتفي بالدراما المعقمة!