محسن أبوالعزم في فعاليات معرض «الرحلة»: أحب لوحات المستشرقين
تحدث الفنان التشكيلي محسن أبوالعزم خلال مشاركته في فعاليات النسخة الثالثة من معرض «الرحلة» الذي ينظمه موقع «باب مصر» التابع لشركة ولاد البلد للخدمات الإعلامية بالتعاون مع قصر ثقافة الفيوم عن رحلته الفنية، موضحا المتغيرات التي تأثر بها خلال سنوات عمره. إذ أشار إلى اهتمامه بالتعمق في ثقافة هذا البلد أكثر. وشرح أبوالعزم سبب قله معارضه الفنية رغم انتشار أعماله على الإنترنت مرجعا ذلك للوقت الذي يستغرقه في إنتاج اللوحة الواحدة.
رحلة أبوالعزم
في البداية وصف الروائي محمد جمال الدين الذي أدار الندوة : “فنان يحمل الكثير من جينات أجداده. مبدع كبير نتاج طين الأرض. يعيش مع الكادحين حياتهم. يتألم معهم. ويضحك على عتباتهم حين يراهم سعداء. يصور عالمهم بكل تفاصيله الدقيقة التي نراها كل يوم ولا تلفت انتباهنا. لكن محسن أبوالعزم يلتقط تلك التفاصيل ويخرج منها هذا الفن الجميل الذي قد يكون أحيانا ساكنا في قلب القبح. ويدهشنا الجمال حين نتأمل لوحاته ونركز في تفاصيلها التي تحيلنا إلى فضاءات الأماكن الشعبية في فن الرواية”.
وتحدث الفنان محسن أبوالعزم عن رحلته. وقال: ” أنا من مواليد محافظة الفيوم، لأسرة متوسطة. عشت أيام طفولتي في منطقة شعبية وتحديدًا حيث كان منزلنا في شارع الجامع المعلق بالفيوم. وكان لهذه المنطقة تأثير كبير علىَ. فقد اختزنت ذاكرتي مشاهد الحياة اليومية للأسرة الفيومية والنجارين وصانعي السواقي بالفيوم، وأصحاب الحرف الأخرى مثل النحاسين، وبائعي الخضار، والباعة الجائلين، وغيرهم”.
الاهتمام بالتفاصيل
وتابع: يمكنني القول أن كل تفاصيل الحارة الشعبية من منازل وبيوت قديمة، والحوارات اليومية للناس في المقاهي والشوارع والبلكونات القديمة، تركت أثرًا كبيرًا في ذاكرتي التي تأثرت أيضًا بالمشاهد الأفلام السينمائية القديمة مثل أفلام صلاح أبوسيف وبركات، التي رسمت بعض مشاهدها لكن برؤيتي الخاصة، ومنها رسمت لوحات من أفلام باب الحديد، الزوجة الثانية، وغيرها.
وظلت تلك التفاصيل الخاصة بعالم وحياة الناس عالقة في ذاكرتي منذ كنت طفلًا صغيرًا. حيث لاحظت أنها خلال رحلتي الطويلة مازالت محفورة بداخلي، مثل الموالد الشعبية وخاصة مولد على الروبي بالفيوم، ومظاهر الاحتفال به التي صورت الكثير من تفاصيلها التي تشكل سمة رئيسة للمولد مثل بائعي الحلوى وبائع الشاي والمشروبات، لعبة الثلاث ورقات، والمدفع وغيرها من مكونات المولد، وكذلك الطقوس الاحتفالية بالسبوع والفرح وغيرها من مظاهر الحياة اليومية داخل البيوت.
المبالغة لإظهار فكرة
من يشاهد أعمال محسن أبوالعزم يرى مبالغة كبيرة في ملامح شخوصه، سواء السيدات والرجال. وعن هذه المبالغة قال أبوالعزم: “بالفعل أتعمد تلك المبالغة في التفاصيل الجسدية للشخصيات، أو ملامح الوجه، بهدف إظهار فكرة معينة أريد التركيز عليها، مثل انفعالات الغضب، أو الفرح والسعادة. وقد أبالغ مثلا في تضخيم شكل اليد، كي أظهر مما تفعله. كما أهتم كثيرًا بالتفاصيل في لوحاتي، ولا أترك أي شيء مهما كان صغيرًا. فأنا أصور الحياة اليومية، والمواقف المختلفة، وجميعها مليئة بالتفاصيل الهامة، على سبيل المثال مشهد متابعي كرة القدم على المقهى. هذا المشهد مليء بالانفعالات سواء في حالة الفوز أو الهزيمة. وهو ما جعلني أرسم لوحتان أثناء الفوز ومشاهد الفرحة والسعادة والنصر، وأخرى عند الهزيمة حيث تعلو الوجوه مشاعر الهزيمة والانكسار والحزن”.
وقال الكاتب والقاص عصام الدين الزهيري – خلال مداخلة له-: “شيء عظيم أن تنصت لكلمات فنان نذر حياته بصبر وصمت وصفاء وعمق. كراهب وناسك في مرسمه. لاقتناص حيوات أجيال من البشر، وطبقات من رموز الثقافة الشعبية، والخبرة التاريخية الحية بالمدينة في موكب جمالي حافل بالعشق والحياة والفن والفرادة”.
ويضيف: محسن أبوالعزم “أحد الزهاد في الفن” وهو من عبر عن روح الثقافة بالفيوم. فالجميع ينظر للأشياء من الخارج، لكن محسن أبوالعزم يتعمق كثيرًا في أعماق ثقافة هذا البلد. ثم وجه الزهيري سؤاله للفنان محسن أبوالعزم: “هل تأثر أسلوبك بلوحات المستشرقين؟”.
ورد أبوالعزم: “أحببت كثيرًا لوحات المستشرقين. لأن لوحاتهم صورت مصر بشكل رائع في تلك الحقبة الزمنية، ومن يراها يشعر بجمال مصر وحاراتها الشعبية، لكني لم أتأثر بها كأسلوب فني. لكن تأثرت من حيث الأسلوب بالفنان الفرنسي “أونوريه دومييه”. الذي عكست أعماله الحياة الاجتماعية والسياسية في فرنسا في القرن التاسع عشر. حيث كان يصور الواقع بأسلوب أقرب كثيرًا لفن الكاريكاتير. وهو الأسلوب الذي انتهجته في أعمالي فيما بعد للتعبير عن رؤيتي وأفكاري، والذي تطور أيضًا مع مرور الوقت بشكل طبيعي، فأعمالي منذ عشر سنوات على سبيل المثال أجدها تختلف الآن. وأنا لا أفتعل التطوير لكنه يأتي من تلقاء نفسه”.
معرض جديد
وفي مداخلة للكاتب الصحفي محمد شعير، سأل فيها أبوالعزم عن قلة معارضه الفنية، رغم انتشار العديد من أعماله عبر الإنترنت، وصفحات السوشيال ميديا. ورد الفنان بقوله قد يكون السبب في ذلك الوقت. الذي تستغرقه اللوحة مني الذي يكون طويلاً جدًا. وهو ما يجعل إنتاجي قليل بعض الشئ. وبالطبع يحتاج المعرض لأكثر من لوحة وهو الأمر الذي يحتاج إلى وقت طويل لإنجازها.
على جانب آخر يفتتح الفنان محسن أبوالعزم معرضه الجديد. اليوم السبت. بجاليري ليوان بالزمالك. ويستمر المعرض حتى 28 من شهر إبريل المقبل. ويستقبل الجاليري ضيوف المعرض من الساعة الحادية عشر صباحًا وحتى الثامنة مساءً عدا يوم الجمعة.
يحمل المعرض اسم “أيقونة الروح المصرية”. ويضم مجموعة من لوحات أبوالعزم، يكمل فيها مشواره الفني الذي يوثق مظاهر الحياة في الحارة الشعبية المصرية بكل تفاصيلها.
اقرأ أيضا
تنظمه «ولاد البلد»: اليوم افتتاح النسخة الثالثة من معرض «الرحلة» بالفيوم