طريق الكباش: تحنيط الخيال والدعاية الخفية
فرحنا بافتتاح طريق أبي الهول المعروف باسم طريق الكباش، ويجب أن لا ننصرف، يجب أن يكون الافتتاح ضربة البداية لاحتفال دائم ومتجددٍ.
الوقوف عند مفهوم الدعاية بمعناها المباشر خطأٌ، الدعايةُ الذكيةُ والفعالة تلك التي لا يرصدها الآخر بوصفها دعاية، خاصة مع مشروع روحي في المقام الأول.
طريق الكباش
من حيث القيمة المادية يساوي طريق الكباش مصنعا كبيرا، لكنه ينتج خامة إبداعية وثقافية فريدة من نوعها. خامة لا تنفد ويطلبها السوق الإنساني باستمرار، لكنها تحتاج إلى مهارة التسويق وجذب الأنظار. وتلك العملية لا تنتهي مع افتتاح المشروع افتتاحا مبهرا، بل تبدأ به. ينبغي أن يكون المبهر سمة أساسية ودائمة في كل التفاصيل التي ترتبط بالمشروع.
فصل السياحي عن الاجتماعي والثقافي خطأ. قيمة المشروع في ثرائه الروحي والإنساني، لا ينبغي علينا تحنيط الروحي، أو الاكتفاء ببطولة التماثيل. ينبغي أن ترافقها بطولة إنسانية، تضيف إلى الطريق نورا يجذب الآخرين إلى المكان، ويثريهم داخليا، أو يحافظ على سكينتهم على الأقل.
رحلة السائح
طريق الكباش لا يؤدي بالضرورة إلى نجاح رحلة السائح. نجاحُ الرحلة يأتي من حصيلة كل التفاصيل، التي تبدأ منذ الوصول حتى المغادرة، والإبهار الصحيح. ينبغي أن يتجسد في كل سلوك، وكل تعامل، الدعايةُ العظمى لا يصنعها نشاط عابر مهما كانت عظمته. الدعاية العظمى نشاط يوميٌ يولد من تفاعل الثقافي والاجتماعي مع المشروع، من خلق حالة روحية تحيط بالمكان.
خلق حالة روحية تحيط بالمكان لا يمكن أن يتحقق إلا بتوريط عشاق المكان في المشروع. وأعني بعشاق المكان هؤلاء الذين يتمتعون بصلات غير مادية تربطهم بالمواقع الأثرية، صلات دافعها الأساسي هو الجمال أو المعرفة. ومن الإبهار الحقيقي بحثنا عن هؤلاء، وفتح حوار دائم معهم لمعرفة تصوراتهم وأحلامهم الجمالية والمعرفية الخاصة بالطريق، وغيره من ثرواتنا الأثرية.
مشروع مفتوح
مشروع الكباش مشروع مفتوح على إمكانيات كبيرة جدا. ومن الخطأ أن يقتصر العمل فيه على الإدارة المحلية، أو وزارة الآثار والسياحة. طريق الكباش مشروع إبداعي وهذا يعني ضرورة مساهمة المبدعين فيه، لابد من السعي الجاد إلى معرفة تصوراتهم وأفكارهم وأحلامهم الخاصة بكيفية العمل على الاستفادة من كل شبر في الطريق.
لابد من إيمان الجهاز الإداري للدولة بخيال المبدعين. ولاشك أن فتح الباب أمام خيالهم الخلاق سوف يسفر عن أفكار إبداعية مدهشة ومبتكرة ولم تكن في الحسبان، والفكرة في الصناعات الإبداعية تساوي الكثير.
مؤتمرات دورية
أبسط مظاهر فتح الباب هو إقامة مؤتمرات دورية خاصة بكيفية استثمار المبدعين في تطوير المشروع، خاصة أهل الفكر والفنون الجميلة. ينبغي أن تساهم وزارة الثقافة والجامعات المصرية والجمعيات الأهلية بمؤتمرات جادة عن كيفية خلق حالة روحية تحيط بالمكان، وتدمج السياحي بالاجتماعي والثقافي.
حاجة طريق الكباش إلى الخيال، أشد من أي حاجة أخرى. ولابد من تحفيز الخيال باستمرار من أجل حيوية المشروع، وتلك الحاجة لايمكن أن يشبعها سوى أرباب الإبداع والآفاق الثقافية الواسعة. والإدارة المبهرة هي التي تدمج هؤلاء في منظومتها، وتستفيد من خيالهم الخلاق، في جعل افتتاح المشروع عملا مستمرا ومتجددا.
اقرأ أيضا
الصعيدية العجوز: حفيدة الربة الحامية