بالطب والأدب.. نبيل فاروق يرسم -أحيانا- «ملف المستقبل»
كانت القراءة هي وسيلة التسلية والثقافة للأطفال والمراهقين قبل غزو الأجهزة الحديثة والإنترنت، لم تخلو حقيبة شاب أو فتاة من الروايات المصرية للجيب، التي اقترن فيها اسمي الكاتبين الراحلين أحمد خالد توفيق ونبيل فاروق، لكل منهما لونه الخاص في الكتابة وتأثيره، وبالتزامن مع وفاة الكاتب والطبيب الجراح د. نبيل فاروق، أفصح الكثير من أطفال الماضي -رجال اليوم – عن تأثيره على حياتهم من تشكيل الثقافة والوعي للتأثير على حياتهم الشخصية، حتى أن كتاباته كانت سببا في اقتداء البعض به والتحقوا بمجالات دراسة وعمل نتيجة التأثر بأعماله الأدبية.
أدب وهندسة
بأسلوبه الشيق والسهل استطاع الكاتب الراحل جذب جيل كامل من السبعينات والثمانينات، للقراءة وانتظار الأعداد الجديدة، بل واستطاع أن يجعل الشباب الذي يقرأ روايته يراوده حلم أن مصر دولة قوية لديها جهاز مخابرات قوي ومؤسسات بحث علمي متطور مثل التي ذكرها في سلسلة «ملف المستقبل».
الروائي المصري فادي زويل واحد من المتأثرين بشدة بأعمال الراحل نبيل فاروق، كانت قراءة كتاباته هو وسيلة التسلية وقتها من ألغاز المغامرات الخمسة، ومغامرات الشياطين الـ13، وروايات ملف المستقبل، ويقول لـ«باب مصر»: “هذه الروايات جعلتنا نسرح بخيالنا ونحلق بأحلامنا في أحداث وأماكن خارج نطاق الواقع اليومي، وجعلنا نستعمل عقلنا في التخيل وتحليل الأحداث”.
شغفه بكتابات د. نبيل كانت سببا في تأثره على المستوى الشخصي في الدراسة والهواية، فهو مهندس تخرج من قسم الحاسب الآلي بجامعة الإسكندرية وكاتب روائي لديه شغف بدراسة التاريخ والاختلاف بين الحضارات، ويرجع هذا التأثر إلى أعمال دكتور فاروق، التي كانت مختلفة عن أي كاتب في ذلك الوقت، حيث اخترق مجالا جديدا في الرواية العربية بشكل غيرتقليدي وهي ملفات الجاسوسية وتكنولوجيا المعلومات.
تمنى فادي زويل تحقيق حلمه بلقاء د. نبيل فارق والحديث عن رجل المستحيل وملف المستقبل، ويقول لـ«باب مصر»: “تأثري كان واضح بكتاباته في رواياتي «ميديوكير» بتحول الصراع النفسي الذي يمر به البطل دكتور حاز إلى مغامرة تدور بين 3 من أقوى أجهزة المخابرات”.
أجندة علمية
لم يختلف الأمر عن نهى عامر، التي كانت في العاشرة من عمرها حين بدأت في قراءة أعمال د. نبيل فاروق، وفي الثالثة عشرة اتخذت قرار بتدوين كل الهوامش والمعلومات المرفقة في روايات ملف المستقبل، في أجندة خاصة بها ترجع إلى عام 1997، خصصت وقتا يوميا لكتابة وتنسيق هذه المعلومات.
تقول نهى لـ«باب مصر»: “كانت هذه الكتابات قبل وجود جوجل أو يوتيوب، كانت الروايات هي مصدر معلوماتنا ومتعتنا في الوقت نفسه، بسببها اكتشفت ميولي للعلوم وحبي لها”، كل معلومة كانت تدونها عن المعلومات الطبية التي كانت مجهولة لها حينها بمثابة وسيلة للبحث واستكشاف المزيد عنها، ما هو الإنقسام الميوزي أو الصفائح الدموية أو الإكتو بلازم، أو القصور الذاتي.
كانت تلجأ للمعلمين أو لكتب أخرى منفصلة لإثراء معلوماتها وثقافتها عن المعلومات الطبية والفيزيائية المدونة في الرواية التي برغم أحداثها الخيالية تتضمن جزءا من الحقيقة التي تتقصى عنه، حتى حان وقت تحقيق الحلم لتلتحق بكلية العلوم، وتستكمل نهى: “بعتبر نفسي من جيل المحظوظين.. اللي دور على المعلومة بنفسه وتعب في تجميعها، من أنواع الصدقة الجارية علم ينتفع به، ودكتور نبيل فاروق هو ودكتور أحمد توفيق علموا جيلي حاجات كتير وساهموا بشكل قوي في تشكيل عقول ووجدان جيل كامل”.
برغم مرور 23 عاما على وجود هذه الأجندة إلا أن نهى آثرت الاحتفاظ بها طوال هذه المدة، وتقول: “ده إرث طفولتي”، وكلما نظرت إليها تشعر بمسئولية تجاه أطفالها والمجتمع بضرورة وجود محتوى تثقيفي للأطفال بعيدا عن الأجهزة الحديثة، “البحث والقراءة وسيلة لرسم المستقبل وليست للتسلية فقط” كما قالت.