كيف تحسن خطك؟ هذه نصائح الخطاطين
طرق مختلفة سلكها المهتمون بالخط العربي أو الخطاطين بالفيوم، من أجل الحفاظ على هذه القيمة التي يرونها إرثا عظيما. إلا أن الرابط الوحيد الذي جمعهم كان مدرسة تحسين الخطوط العربية، التي منها انطلق أو انتهى مطاف كل منهم. عودة تدريس مادة الخط العربي في المدارس كان المطلب الأبرز.. «باب مصر» يتعرف على حكايتهم.
نصائح الخطاطين
يقول إبراهيم أحمد إبراهيم، مدرس بمدرسة الخط العربي بالفيوم: بدأ حبي وعشقي للخط العربي منذ الصغر، فكنت أقلد المانشيتات وعناوين الجرائد، وظل ينمو حبي للخط والرغبة في تعلمه، فالتحقت في بداية التسعينات بمدرسة تحسين الخطوط التي تخرجت فيها عام 1994 بترتيب الأول على الجمهورية، وتطورت موهبتي بشكل كبير، وبدأت في تدريس الخط العربي إضافة إلى المشاركة في المعارض والمسابقات المختلفة إلى أن حصلت مؤخرًا على منحة تفرغ من وزارة الثقافة.
ويكمل إبراهيم، لم يعد لمهنة الخطاط وجود اليوم، ويحزنني حال الخطاطين في الفيوم من أمثال: ميخائيل إسحق، حجي، مرسى، كمال، ومحمد عبدالعظيم درويش أحد أقاربي وهو من أمدني في طفولتي بالأقلام والأحبار، إذ بدأ يقل دور الخطاط بشكل تدريجي، وحل البانر البلاستيك محل “اليافطة” القماش، التي تمتاز بالسرعة مقارنة بالكتابة بيد الخطاط.
وتابع: حتى الوسائل التعليمية والأنشطة المدرسية مثل اللوحات والخرائط والمجلات التي كنت تنفذ على الورق وبيد الطلاب أصبحت هي الأخرى جاهزة ليس فيها أي فن أو ابتكار، وهو ما جعل 90% من الطلبة بمراحل التعليم المختلفة لا يتمتعون بالخط الجيد حتى مدرسي اللغة العربية أنفسهم لا يتمتعون بالخط الجميل، والآن تحولت السبورة السوداء التي كان يكتب عليها بالطباشير إلى سبورة بيضاء يكتب عليها بالأقلام فلوماستر، ثم أصبحت سبورة إلكترونية وأصبح لا داعي للكتابة من الأساس مع وجود التابلت في أيدي الطلبة.
الخطاطين والوسائل الحديثة
لم تؤثر الوسائل الحديثة على الخطاط وحده، أيضا أثرت على مدرس الخط العربي الذي كان يُدرس المادة مستقلة من قبل، ولكن الآن أصبح الخط العربي فرعا من منهج اللغة العربية، وهو ما جعل محمد حسن سيد، الذي عمل مدرسا لمادة الخط العربي لمدة 16 عاما في المدارس الابتدائية، للاتجاه إلى العمل بمدرسة تحسين الخطوط بالفيوم.
يقول حسن: أثناء دراستي بمعهد المعلمين الأزهري كانت لدي موهبة الخط الجميل، فهي وراثة عن جدي ووالدتي التي كانت تتمتع بكتابة الخط الجميل، وأردت أن أنمي هذه الموهبة فالتحقت بمدرسة تحسين الخطوط في عام 1993، ضمن أكثر من 400 متقدم، تم قبول 200 متقدم فقط، وحصلت على دبلوم الخط العربي، وكانت مدته 4 سنوات ثم عامين لدراسة التخصص، بجانب حصولي على دبلوم المعلمين، وتم تعييني بإحدى المدارس الابتدائية، وقمت بتدريس مادة الخط للصفوف العليا في مدرستين في وقت واحد بسبب عجز في أعداد مدرسي الخط، والآن لا يوجد مدرس للخط العربي.
ويطالب “حسن” بعودة مدرس الخط العربي للحفاظ على جمالياته وتحسين كتابة الخط، كما يطالب أيضًا بتوفير قسم بإحدى كليات الجامعة لتدريس الخط العربي.
الفن التشكيلي والخطاطين
يستخدم الفنان الشاب سيد صفوت عبدالحميد، ابن قرية قلمشاة بمركز إطسا، خريج مدرسة الخط العربي والحاصل أيضا على منحة تفرغ للعام الثاني من وزارة الثقافة، عوالم الخط المبهرة كاشفًا من خلال لوحاته عن تفاصيل الجمال الكامن في كتلة الحروف وحركتها، بما يملك من إمكانيات إبداعية لتلوين الخطوط وتطويعها.
يقول سيد: حصلت على دبلوم المدارس الصناعية قسم طباعة، لكني منذ الصغر أتمتع بموهبة الخط الجميل، لذا التحقت بمدرسة الخط العربي في عام 1993، وتعلمت قواعد الكتابة وأنواع الخطوط وإخراج اللوحات، وكان عالمًا جديدًا بالكامل، وبعد حصولي على دبلوم الخط أكملت مشواري بدراسة التخصص لمدة عامين.
ويكمل حديثه، عشقت ما نسميه بـ”الحروفيات” وهي الاتجاهات الخطية الحديثة، التي يتم من خلالها إبراز جمال الخط العربي باستخدام التشكيلات المختلفة وإضافة الألوان التي لا تستخدم في الكتابة الكلاسيكية، حيث يمكن للفنان التعبير عن روحه وإبداعه ومخزونه البصري من خلال اللوحة، وأنا لا استخدم أي تقنية تكنولوجية في أي من مراحل لوحاتي.
ويضيف، اعتقد أن هذا الاتجاه الحديث في كتابة الحروف واستخدام الخط يجذب المتلقي أكثر ناحية الخط العربي، وهو ما نشاهده في المعارض.
الخطاطين الجدد
يدرس جمال عبدالناصر، 24 عاما، خريج كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة الفيوم، سنتين تكميليتين في مدرسة تحسين الخطوط، ويقول: اتجهت لدراسة الخط لرغبتي الشديدة في تعلمه ولحبي وعشقي للخط العربي، فأنا أتمتع بموهبة الخط الجميل، وكنت استخدم موهبتي ودراستي أثناء الجامعة، حيث كنت أقوم بكتابة اللوحات الإرشادية واللافتات بالجامعة، ثم المشاركة في المسابقات والمعسكرات لكتابة مجلات الحائط وغيرها من الأنشطة.
يتابع جمال: أشعر في الكثير من الأحيان بالإحباط لعدم التقدير والاهتمام بالخط العربي، وقدمت في الجامعة عدد من الكورسات للتعريف بالخط العربي وأنواعه ووجدت العديد من الطلاب الذين يريدون التعلم لكن لا يوجد الاهتمام الكافي، وأنا استخدم التكنولوجيا في أعمالي، حيث أقوم بكتابة اسكتشات وجمل بسيطة باستخدام تنويعات مختلفة وأقوم بطباعتها على ورق الصور الفوتوغرافية لإعطاء اللوحة بعدًا أكثر حداثة، لكن لا أفضل الكتابة باستخدام الكمبيوتر عن اليد.
أما كريم مختار، خريج كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الفيوم دفعة 2011 والحاصل على منحة تفرغ من وزارة الثقافة أيضا، قرر الالتحاق بمدرسة تحسين الخطوط، وحصل عام 2015 على دبلوم مدرسة الخط العربي، فيقول عن تجربته: كنت أعمل بمكتب دعاية وإعلان قبل التحاقي بالجامعة، واكتشفت ميولي للخط الكوفي، بعد أن شاهدت أحد النصوص المكتوبة بهذا الخط.
وتابع: كنت أتمتع بالخط الجميل لكن دون معرفة القواعد الخاصة بكتابة الحروف، والآن وبعد الدراسة اكتب الحروف بجمالياتها، لكن ميلي أكثر إلى الخط الكوفي، وهو ما يظهر في كل لوحاتي التي شاركت بها في المعارض المختلفة، وسبب عشقي له أنه خط منمق ومنظم، يمتاز بالخطوط الهندسية ذات النسب الدقيقة، التي تحتاج إلى براعة وتركيز شديد، واتمنى أن أجد الوقت الكافي للتفرغ بشكل كامل للكتابة.
كراسة للخط العربي
ضمن جهوده ومبادراته لتعليم وتحسين الخط العربي، صمم محمود عبدالرحيم، مدرس بمدرسة تحسين الخطوط العربية بالفيوم، كراسة لتعلم الخط العربي، ضمن سلسلة ينتوي تكملتها بعنوان “سلسلة المعلم في تحسين الخط العربي”.
يقول عبدالرحيم عن مبادرته: طبعت الجزء الأول من السلسلة وهو عبارة عن تعلم خطوط النسخ، ووزعتها مجانا على معارفي وأصدقائي، حتى يمكنهم من خلالها تعليم أبنائهم أو المهتمين بالخط العربي، مشيرا إلى رغبته في تحسين الخط العربي.
وتابع: تقابل أولادنا وتلاميذنا في المدارس مشكلة الخط السيء، لذا قمت بتصميم الكراسة كوسيلة معينة، الكراسة ليست تقليدية مثل الكراسات الخاصة بالوزارة، التي توزع بالمدارس وتتسم بالصعوبة حيث تحتاج إلى مدرس متخصص لتعليم الطالب، لكن الكراسة التي صممتها أرفقت بها مجموعة من الإرشادات تحت عنوان “كيف تحسن خطك؟”، كما أخرجتها بطريقة سهلة للتعلم وكتبت فيها كل الحروف، وكل حرف مكرر حوالي مائة مرة، بطريقة منقوطة كي يتبعه المتعلم، ثم بعد ذلك يستطيع كتابته بسهولة، وأرجو أن تعمم فكرتي وتلقى قبولا واسعا.