صور| “البولو” لعبة ابتداعها الفرس ومارسها الملوك والسلاطين في مصر
الخيول قديمًا كانت هي الوسيلة الرئيسية للتنقل من مكان لآخر، وكان لها دور قوي في الحرو، وأيضًا نلاحظها على جدران المعابد الفرعونية مقترنة بالعجلات الحربية التي كانت تجرها.
لذلك لم يكن غريبًا أن تتطور بصفتها رياضة، ويتفرع منها رياضات مختلفة مثل سباق الخيول ورياضة “بولو” الخيول، أو كما كان يطلق عليها قديمًا لعبة “كرة الصولجان”، وفقًا لما أشار إليه كتاب “كرة الصولجان.. البولو في تاريخ الرياضة العربية” للمؤلف إبراهيم بنعزوز – طربلس 2017.
نشأتها
كثير من المراجع التاريخية مثل كتاب “تاريخ مصر في العصور الوسطى” لمؤلفه ستانلي لين، ترجمة ومراجعة أحمد سالم، وتقديم الدكتور أيمن فؤاد السيد، وكتاب “الفروسية: كيف تمتطي فرسًا؟”، وكتاب “كرة الصولجان.. البولو في تاريخ الرياضة العربية” للمؤلف إبراهيم بنعزوز _ طربلس 2017، رجحت أن النشأة الأولى لهذه الرياضة كانت على يد الفرس 55 ق.م، ثم انتشرت بوانتقلت إلى باقي القارات منها الهند والتبت والصين
وعلى الجانب الآخر يورد كتاب “كرة الصولجان.. البولو في تاريخ الرياضة العربية”، آراء آخرى لبعض المؤرخين حول نشأة هذه اللعبة، فهناك من يرى أنها ظهرت في العراق حوالي 2500 ق.م.
في عام 1862 أقيمت أول مباراة للرياضة “البولو”، بعدها نقل الهنود الحمر هذه اللعبة إلى الإنجليز الذين أحبوها وحاولوا تتطويرها، وسنت لها قوانين منظمة عام 1873م، وفقًا لما ذكره كتاب “الفروسية: كيف تمتطي فرسًا؟”، إعداد وتقديم دار القلم.
أصل التسمية
كانت هذه اللعبة تعرف قديمًا باسم “شانجير”، وأيضاً كانت تعرف باسم “شوبجان”، أي العصا ومضرب الكرة، وأصل تسميتها في الحاضر”البولو” الذي يعني الكرة في لغة التبت، بعد ذلك أطلق عليها العرب اسم “كرة الصولجان”.
كرة الصولجان في مصر
وعن ظهور “كرة الصولجان”، في مصر، يذكر الكتاب سالف الذكر أن الدكتور عبد العزيز صلاح سالم، قال في كتابه “الرياضة عبر العصور.. تاريخها وآثارها”: “رغم أن بعض الباحثين ينسبون نشأت هذه الرياضة إلى الفرس والحقيقة أن كرة الصولجان عرفها ومارسها القدماء المصريين منذ آلاف السنين، وثبت ذلك من النقوش والرسوم التي اكتشفت في مقابر “بني حسن”، وقد عثر في مقبرة الأمير خيتي من الأسرة 11 ما يعتبر أصل “كرة الصولجان”، ولكن كان بدل الكرة طوق أو حلقة، أما وقفة اللاعبين والعصا المعكوفة دليل ثابت أن هذا الأثر دليل على أصل كرة الصولجان “البولو”.
كما يذكر كتاب”الفروسية: كيف تمتطي فرسًا؟”، أن رياضة “بولو” الخيول نشأت كلعبة أرستقراطية لا يمارسها إلا الأرستقراطيون، نظراً إلى التكاليف المالية التي تتطلبها، ويشير كتاب “تاريخ مصر في العصور الوسطى” أن في فترة عصر المماليك في مصر كان السلطان “بيبرس” مغرمًا بسباق الخيل، وكان يقضي يومين أسبوعيًا في لعب”البولو”، حيث كان لهذه الرياضة مكانة خاصة في عصر المماليك.
وفي الإسكندرية يعتبر نادي سبورتينج ونادي أصحاب الجياد من أقدم النوادي التراثية التي أنشئت في المدينة الساحلية، والتي اهتمت بسباقات ومرهانات الخيول أوائل القرن الماضي، وأيضًا لعبة “البولو” التي ارتبطت في ممارستها بالملوك والأمراء والأثرياء، حيث يذكر الكتيب الصادر من النادي تحت عنوان “اليوبيل الماسي للنادي أصحاب الجياد” أن هذا النادي أنشء في الأساس للسباقات الخيل عام 1934 م.
ويشير الكتيب، إلى أن الأمير عمر طوسن الذي كان يلقب بأمير الإسكندرية، كان محبًا للرياضة سباق الخيل، وكان رئيسًا للنادي سبورتينج بالإسكندرية، ورئيسًا لنادي الفرسان المصري، ومن مؤسسي نظام سباق الخيل في مصر، لذلك شجع ابنه الأمير سعيد عمر طوسن على حب هذه الرياضة، وساهم بعد ذلك سعيد طوسن في إنشاء نادي أصحاب الجياد عام 1934، وتم افتتاحه في شم النسيم، وتولى رئاسته حتى عام1951، ومن المراجع التي توضح كيف كان الأمير عمر طوسن وعائلته يعشقون رياضة ركوب الخيل كتاب”تاريخ تربية الخيول العربية في مصر” تأليف الدكتور عبد العليم عشوب.
أدوات البولو وقوانينها
وداخل النادي وعن رياضة “البولو” أوضح الدكتور فاروق الجيار، أستاذ بكلية زراعة جامعة الإسكندرية، ووكيل اتحاد الفروسية سابقًا، ووكيل الهيئة العليا لسباقات الخيل حاليًا، ومن أقدم الأعضاء في النادي وشارك في العديد من بطولات ركوب الخيل في قفز الحواجز ورياضة “البولو”، وشارك بعد ذلك في تحكيم هذه الرياضة، أن رياضة “بولو ” تسمى بالفصحى “الكرة والصولجان”.
ويتابع: “تمارس بخيول ليست مرتفعة وتصنع الكرة الخاصة بها من “الخشب” من نبات يسمى ” pulu” كانت تصنع منه هذه الكرة، والآن أصبحت تصنع من خشب البامبو، و”عصا” طويلة ذات وزن معين حسب ارتفاع “الحصان”، وينبغي أن تمسك باليد اليمنى، وغير مسموح باليد اليسرى أن تقذف الكرة، ويرتدي اللاعب خوذة وتزود بواق للوجه وقفازات لحماية اليدين وواقي للركبة.
ويضيف الجيار أن الفريق يتكون من 4 أمام 4، ورئيس الفريق يكون رقم 3، وتبلغ مساحة ميدان البولو 275×180 مترا، وتقسم اللعبة إلى أشواط يستغرق كل شوط سبع دقائق ونصف، ويحكّم اللعبة 4 حكام، ويختتم حديثه: “سافرت بهذه اللعبة عدة دول مثل السودان والأردن وإيران، وحاليًا أقوم بالتحكيم، وأولادي يمارسونها”.