من هو "الإله سوبك" الذي تتعامد الشمس على تمثاله منذ 7 آلاف سنة؟
“سوبك، كروكوديلوس، وشدت”.. كلها أسماء ترمز للتمساح المقدس في الحضارة المصرية القديمة، وفي 21 من ديسمبر من كل عام، تتعامد الشمس على تمثاله داخل معبد قصر قارون بالفيوم، كظاهرة فلكية سنوية عمرها 7 آلاف سنة.
تقول حسناء محمد عبد اللطيف، المدرس المساعد بكلية الآثار بجامعة الفيوم، إن محافظة الفيوم كانت عبارة عن منخفض، وكان يعيش في بحيرة الفيوم عددا من التماسيح، وكان المصري القديم يقدس الحيوانات لثلاثة أغراض، وهي: من أجل المنفعة مثل “حتحور” التي كانت تظهر في شكل بقرة وكان الإنسان يستنفيد من ألبانها وجلودها ولحومها، كما أن المصري القديم كان يرى في بعض الحيوانات قوة خارقة مثل الصقر “حورس”، أو كان يخاف من التمساح، فقام بتقديسه لذلك السبب، حتى يأمن مكره وشره، وهذا السبب الرئيسي حول تقديس “سوبك”.
وتتابع “حسناء” بأن الأغريق أطلقوا علي الفيوم قديمًا “شدت”، اسم “كروكوديلو بولس”، بمعنى مدينة التماسيح، كما أن المعبود “سوبك”، ظهر في عدة أشكال منها علي شكل تمساح، أو تمساح محنط أو رجل برأس تمساح.
وتشير “عبداللطيف” إلى أنه يوجد عدد كبير جدًا من المقابر تم العصور على عدد كثير من التماسيح المحنطة، وهذا يدل على أهمية المعبود، ووجود كهنة يقومون على عبادته، ودليل على أهمية المعبود “سوبك” وجد في مدينة ماضي بالفيوم بيض تماسيح محنط.
سوبك نيفرو
وتكمل أستاذة الآثار بأن أول سيدة حكمت في الأسرة الـ12، كان اسمها الملكة “سوبك نيفرو”، وارتبط اسم الملكة بالتمساح لأنه شاع تقديسه بالفيوم حينها، ومن ضمن الأسرة الـ12 أيضًا سنوسرت الأول والثاني، ومعظم الملوك أقاموا عددا كبير من الأهرامات والمقابر الخاصة بهم في الفيوم، نظرًا لاهتمامهم بالفيوم ومعبودها.
وتضيف أن “سوبك” كان المعبود الرئيسي في الفيوم قديمًا، وكان يوجد في قصر قارون بالفيوم، وهو من العصر البطلمي معبد وداخلة قدس الأقداس ويحتوي على تماثيل للمعبود سوبك، لأن المصري القديم كان يقدسة هناك.
مؤكدة أن مقر أصل عبادته الرئيسي في محافظة الفيوم، ثم انتقلت عبادتة بعد ذلك في أماكن أخري في مصر كـ”كوم أمبو”، و”مدينة طيبة”، وغيرهما.
تعامد الشمس
طوال فترة السنة قدس الأقداس في ظلال تام، ولكن في يوم 21 من ديسمبر في كل عام، تتعامد الشمس علي تمثال المعبود سوبك داخل المعبد، وهي ظاهرة فلكية تعني بداية الانقلاب الشتوي، وهي تدل على كيف كان القدماء المصريين على علم بمعظم الظواهر الفلكية وكيف ابدعوا في ذلك.
اكتشافات أثرية
وتتابع بأنه في منطقة هرم هوارة بالفيوم توجد منطقة “قصر التية”، وفي جنوب شرق المنطقة يوجد معبد كبير جدًا لا توجد إلا أطلاله حاليًا، وكان المؤرخ هيرودوت عندما زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد، ذكر بعد زيارتة إنه وجد أن قصر التية مكون من 3000 غرفة مقسمين إلى 1500 فوق الأرض، و1500 تحت الأرض.
وذكر المؤرخ أن وقت زيارته لمصر في القرن الخامس قبل الميلاد؛ سمح له الكهنة بزيارة الغرف الموجودة أعلى القصر، ورفضوا زيارة الغرف الأرضية، واكتشف أن سبب ذلك وجود تماسيح محنطة متمثلة في المعبود “سوبك” مدفونة في الغرف الأرضية، لعدم السماح لأحد بالدخول على المعبودات.
وهيرودوت كان مؤرخا إغريقيًا يونانيًا آسيويًا، عاش في القرن الخامس قبل الميلاد.
العصر البطلمي
وفي لقاء مع سيد الشورة، مدير عام هيئة الآثار بالفيوم، قال إن الفيوم في البداية كانت جزءًا من الإقليم العشرين من أقاليم مصر العليا ولكنها انفصلت بعد ذلك عنه، وكونت في العصر البطلمي إقليمًا مستقلًا عرف بإسم إقليم أرسنوي نسبة إلي أرسنوي زوجة بطليموس الثاني.
بحيرة التماسيح
ويضيف “الشورة” أن هذا المنخفض اشتهر في العصرين اليوناني والروماني، فكتب عنه رحالة اليونان والرومان، وكانت بحيرة التماسيح تستعمل كخزان للمياه في وقت التحاريق، ولأن هذة البحيرة كانت مليئة بالتماسيح فأصبح الإله “سوبك” ربًا للإقليم، كما سادت عبادة “سوبك” في هذا الإقليم ثم اندمج بعد ذلك مع إله الشمس “رع” فأصبح اسمة “سوبك رع”.