ضمن فعاليات “أيام التراث”.. “السمات الحضارية لإقليم مريوط” ندوة بمكتبة الإسكندرية
ونظم المركز الفرنسي للدراسات السكندرية، اليوم الإثنين، ندوة بعنوان “السمات الحضارية: إقليم مريوط في العهد الهلنيستي والروماني” بمكتبة الإسكندرية. ضمن فعاليات أيام التراث السكندري في نسخته التاسعة.
حاضرت في الندوة الدكتورة شيرويت فضل، مدرس التاريخ والدراسات اليونانية والرومانية بكلية الآداب بجامعة دمنهور. مسلطة الضوء على أهم الملامح الاقتصادية والاجتماعية والصناعية التي كان عليها إقليم مريوط قديما وما يسمى اليوم ببحيرة مريوط.
إقليم مريوط
وأشارت “شيرويت” إلى أن موقع إقليم مريوط يقع غربي الإسكندرية، وعندما وصل الإسكندر الأكبر في 330ق.م كان الإقليم عبارة عن صحراء، تسكنه مجموعة من الرعاة. وقد شجع البطالمة على الاستيطان في الإقليم، حيث استوطنته في البداية مجموعة من المقدونيين الذين حضروا مع الإسكندر الأكبر، الذين تولوا مناصب عليا في عهده. وتابعت بأن في تلك العهد قاموا باستصلاح أراضي الإقليم بمساعدة الأهالي. ما أدى إلى ازدهاره بعد أن كان صحراء جرداء، حيث كانت البحيرة تمتد إلى 50 كيلو متر، وبعمق 18 كيلو متر، وتطل على أطلال مدينة ماريا ويحدها مدينة كفر الدوارت.
ووفق مصادر كلاسيكية، استعرضت “شيرويت” أهم ما تحدث عنه المؤرخون عن إقليم مريوط، مشيرة إلى أن الإسكندر الأكبر قرر إنشاء مدينة عظيمة في مصر. وأعطى أوامره ببناء مدينة بين البحر المتوسط في الشمال وإقليم مريوط في الجنوب.
كما ذكرت المصادر الكلاسيكية، مثل المؤرخ “سترابون” أن البحيرة قديما كانت أكبر وأعمق. وكانت الفيضانات تغذيها بالمياه العذبة، فضلا عن نهر النيل بمياهه وطميه. وكان إقليم مريوط محاطا بالأراضي الزراعية، كما اشتهر الإقليم بأنه مكان سياحة واستجمام.
وقد وصف المؤرخ المنطقة في عبارة تقول “المكان يغمره بحران في الشمال البحر المصري والجنوب مريوط التي تمتلئ من ينابيع نهر النيل. حجم التجارة أكبر من التي تأتي من البحر، القناة كانت صالحة للملاحة”.
صناعة النبيذ والزجاج البردي
وكانت أهم السمات الحضارية لإقليم مريوط، كما تشرح مدرسة التاريخ، أنه كان له نشاط اقتصادي. حيث ازدهرت الزراعة تبعا لسياسات الملوك البطالمة، وكان مليئا بحقول الكرنب والزيتون والقمح والتين والبلح واللوز ونبات البردي. كما أن الإقليم كان يصدر كميات كبيرة من ورق البردي. حيث كانت مصر تتحكم في أسواق البردي عالميا.
ومن أشهر الصناعات القائمة على النشاط الزراعي “النبيذ”. حيث تحدث المؤرخ الكلاسيكي “أثانيوس” عن نبيذ مريوط وعن جودته، حيث كان يطلق عليه النبيذ المريوطي أو السكندري. وذكر لونه وشكله ومقوماته، وأنه لا يذهب الرأس.
كما أشتهر الإقليم بصناعة الأسماك، من تخزينها وتمليحها. اشتهرت بصناعة الزجاج الملون، وكانت مصر تصدر الزجاج الملون في الأسواق العالمية. كما اشتهر بصناعة الجبس، وصيد الطيور. أما الحياة الإجتماعية في إقليم مريوط، فقد نشأت نتيجة ازدحام المنطقة بالسكان. الذين عملوا في أعمال البناء وانتشرت الأبنية في تلك الإقليم كالقصور والصهاريج والسراديب ومع انتشار المسيحية ظهرت الأديرة في الإقليم، بحسب المؤرخ.
أهم الحوادث التاريخية في الإقليم
وذكرت”شيرويت” أن الإقليم شهد حوادث تاريخية من ضمنها؛ زيارة الإسكندر الأكبر إقليم مريوط، وعقد مقابلة في تلك الإقليم مع وفد من أكوينا التي تعد مكانها في ليبيا، وقد وافق على البيعة.
وفي عهد بطليموس الثاني، كان يوجد في مدينة أكوينا حاكما يدعى “مجاس”. ووفق البيعة أصبحت أكوينا تابعة لمصر. وكان “مجاس” دائم الثورة على مصر وراغب في الاستقلال بالحكم. فقرر مجاس غزو بطليموس، لكن بعد وصوله إقليم مريوط وجد ثورة تسلبه الحكم.
وفي عهد كليوباترا السابعة، عقب نزاعها مع أخيها بطليموس 13 على الحكم. حضر إلى مصر قائد روماني هو يوليوس قيصر، ودارت الحرب بين كليوباترا السابعة ويوليوس قيصر ضد أخيها بطليموس التي امتدت إلى إقليم مريوط.
وشهدت منطقة مريوط عبر تاريخها الطويل 4 زلازل، أحدثت به تغيرات أرضية. وذلك في القرنين الرابع والخامس ميلاديا، وتسببت في هجرة السكان ودمار الإقليم. وعقب الفتح العربي قلت النشاطات داخل الإقليم، لتوقف الشريان الكانوبي الذي يغزي الإقليم بمياه النيل. وتم الاعتماد على مياه الأمطار بدلا من نهر النيل.
أما في القرن التاسع عشر فقد حدث جفافا بالإقليم؛ حيث قامت بريطانيا في عام 1801 ميلاديا بتغذية الإقليم بمياه البحر، لمحاصرة الجيش الفرنسي، وتحول إلى إقليم صحراوي، بحسب “شيرويت”.
*مؤسسة ولاد البلد الإعلامية الشريك الاعلامي لمركز الدراسات السكندرية.
اقرأ أيضا:
ضمن فعاليات أيام التراث السكندري.. إصدار كتاب “الإسكندرية في الحرب العالمية الأولى”
تعليق واحد