قصر ألكسان باشا
كتب – فاتن الخطيب
تصوير: أحمد دريم
في شارع النيل، جنوب مبنى دیوان عام محافظة أسیوط، خلف سور حدیدي یقف قصر ألكسان باشا شاهدا على تاریخ عمره 108 أعوام مضت، وسط حدیقة متسعة تزینها أشجار يرفرف على أغصانها الحمام.
قصر ألكسان باشا
یتكون القصر من طابقین علویین، له أربعة مداخل، المدخل الرئیسي ذات سلم رخامي على آخره عمودین یحملان أرضیة شرفة الطابق الثاني للقصر، ثم باب القصر
الخشبي ذي النافذتین “شراعتین” من الزجاج المحاط بالحدید، وفوق الباب نقوش ورسومات بارزة.
أما قمة الطابق الثاني – الذي تمتلئ شرفته الدائرية بالزخارف النباتية – مثلث الشكل ذات قاعدة مزخرفة في الوسط محفورة بشكل دائري، مع أطراف مربعة، يحيطها من الجوانب شبابيك مستطيلة أسفلها سور دائري مزخرف ومجوف ومطعم بنظام العرائس للزينة.
ألكسان باشا
تذكر الدكتورة أسماء فرغلى، مفتش آثار، أن ألكسان باشا ولد في عام 1865 والتحق بمدرسة الإرسالیة الأمریكیة بأسیوط وتخرج فيها عام 1882، ثم درس بعد ذلك بمدرسة الحقوق، وهو ینتمى لأحد الأسر العریقة في أسیوط.
ویقول أحمد سلیمان، مدیر عام آثار شرق أسیوط، إن ألكسان باشا أبسخیرون من موالید مركز أبنوب، حاصل على لیسانس الحقوق، عمل محام بعزبة ویصا باشا بأسیوط وتزوج من ابنتهفرویزا.
وأصبح ألكسان عضوا بمجلس الأمة وترك المذهب الأرثوذوكسي، وانضم للمذهب البروتوستانتي، وتدرج في المذهب حتى وصل رئیسا لطائفة البروتوستانت في مصر والسودان.
ُعقد اجتماعات بین جمیع قیادات الطوائف بالقصر، وكان مقرا ثقافیا لتبادل الثقافات المتنوعة.
المنشئ
یتابع سلیمان: وبالعودة لقصة زواج ألكسان من فرویزا؛ فلقد كانت أسرة ویصا باشا رافضة لزواجه من ابنتهم، ولكن بعد وفاة الأب تزوجته الإبنة، و”فرویزا” هي التي أنشأت هذا القصر.
وفي فترة الإنشاء عام 1910 كانت أسرة محمد علي تقوم بإرسال أبنائها لأوروبا، لشغف الخدیوى إسماعیل والملك فؤاد بالطراز الأوروبي بقصور أوروبا، فأردوا أن ینقلوا هذا الطراز لمصر، فانتشر في القاهرة ثم نقله البشوات بمدیریات الجمهوریة ومن بینها طراز قصر ألكسان؛ الذي بني على الطراز الأوروبي وبناه مهندس إیطالي جلب المواد الخام والعناصر الزخرفیة حیث أنهُ من إیطالیا، وأثاث القصر أیضا إیطالي، ونظام الزخارف الباروكي والروكوكي كان منتشرا في أوروبا في هذه الفترة.
القصر مكون من ثلاثة طوابق، بدایة البدروم وكان متعارفا علیه بجمیع القصور أنه سكنا للخدم، والطابق الثاني وهو السلاملك عبارة عن هول متسع یبدأ من المدخل الشمالي حتى الجنوبي؛ یحیط به مجموعة من الغرف عبارة عن صالونات لاستقبال الضیوف، وغرفة مكتب لألكسان باشا صاحب القصر، ومكتبة مازالت محتفظة بهذه الكتب وبمجموعة من الكتب النادرة؛ التي انتشرت بهذه الفترة عن تاریخ الكنیسة والفن القبطى وتاریخ هذه الفترة، الذي یشیر لازدهار الثقافة بها، وقاعة للبلیاردو وبیانو.
يعتبر الدور الأول شبه الحیاة الیومیة المعتاد علیها أصحاب هذه القصور في هذه الفترة، أما عن الطابق العلوى فكان مخصصا لغرف النوم أحدها الغرفة المركزیة لألكسان باشا، تطل على الناحیة الشمالیة للهواء والشمس، وغرف صغیرة مخصصة للخدم ومربیة الأطفال، وعلى الیمین غرفة للسفرة للعزائم.
يملأ القصر الزخارف والمنافذ المتسعة، لإدخال الإضاءة والهواء بشكل مباشر، طبقا للنموذج الأوروبي، لقلة الشمس هناك بعكس طبیعة الشمس في مصر، ولكن المهندس صممها على الطراز المعتاد.
تاریخ عقد
یستأنف سلیمان حدیثه: ألكسان كان رئیس طائفة البرتوستانت في مصر والسودان وكانت تجرى بهذا القصر اجتماعات بین مثقفي المحافظة ورجال الدین وقیادات المحافظة، وبه جناح خاص للملك فاروق لاستضافته أثناء زیارته لأسرته، واستضافه في زیارته للمحافظة أثناء افتتاح مجموعة من المشروعات الكبرى للمحافظة منها توسعة قناطر أسیوط ومعهد الملك فؤاد، ومحطة القطار، والمجلس الشعبي المحلي، وهذه القاعة مازالت قائمة حتى الآن كمعلم من معالم أسیوط.
اللوحة التأسیسیة للقصر، على مدخل القصر مكتوب علیها تاریخ الإنشاء عام 1910 وتم تسجیله في 1996، وفي 2009 صدر قرار رئیس الوزراء باعتباره منفعة عامة آثار، وحالیا هناك مشروع لترمیم وتطویر هذا القصر وحدیقته لتحویله إلى متحف إقلیمى للمحافظة، أجريت الدراسة لبدء مشروع تحویل هذا القصر إلى أسیوط، والإدارة الهندسیة للقوات المسلحة، وبعد ترمیمه وتطویره سیتم دراسة الأمر إن كانت اللجنة الدائمة للآثار ستخصص القصر كمتحف إقلیمى لمحافظة أسیوط یضم بدایة من العصر الفرعوني إلى الیوناني إلى الروماني، والعصر القبطي والعصر الإسلامي والعصر الحدیث، أو إنه سیكون متحفا شخصیا خاص لألكسان باشا صاحب هذا القصر.