“المخمرة”.. خبز بدو مطروح المفضل
كتبت – غادة الدربالي
“نخمر بدري ونسوي بدري ونرقدوا بدري” بهذه الجمل البيسطة تختصر الحاجة عزيزة وصف الحياة اليومية العادية لأهل البادية في صحراء مطروح.
وتقصد بهذه الكلمات أنها تعجن خبزها باكرًا وتطهو الطعام لأسرتها باكرا وتذهب إلى النوم باكرًا، استعدادا ليوم جديد مليىء بالواجبات والمهام المنزلية.
يبدأ يوم البدوية في صناعة خبزها اليومي المعروف عند أهل البادية بالخبزة “المخمرة”، فتعجن عجينتها وتتركها لتختمر، وخلال هذه ذلك تبدأ طهو طعام الغداء وبعد أن تنتهي منه تعود إلى تسوية عجينتها على النار داخل فرنها اليدوي البدائي البسيط، لتصنع أشهى رغيف خبز تتناولة أسرتها.
العجن
لا تعرف المرأة البدوية المقدار في عملية عجن الخبز، لكنها تعرف المقدار “تعاير” بعشوائية ناجمة عن الخبرة والمهارة المنزلية، فتضع كمية من الدقيق “الطحين” بما يناسب الاستهلاك اليومي لأفراد أسرتها أو على حسب استقبالها لعدد الضيوف أو الزوار.
وتبدأ مرحلة العجن بـ”البسملة”، ثم تضع ذرات من الخميرة والملح على الدقيق المطلوب داخل إناء عميق، ثم تصب عليهم الماء الدافيء بشكل تدريجي وبمقدار يحدده احتياج الدقيق.
وتختلف طريقة عجن الخبز عند المراة البدوية عن المرأة في ريف الدلتا والصعيد، إذ تستخدم المرأة في الدلتا والصعيد يديها الاثنين لعجن الخبز، بينما تستخدم المرأة البدوية يدها اليمنى فقط، وعدم التصاق العجين في يديها أو اصابعها فتخرج يدها بعد الانتهاء من مرحلة العجين نظيفة وخاليا تماما من العجين، وتختمها بترديد “الشهادة والصلاة على النبي، باعتقاد أنها تبارك العجينة، لتخمر بسرعة وتحل عليها البركة فتكفيها وأسرتها، ثم تغطي العجين، حتى يكتسب درجة حراره تساعدها على التخمر بسرعة.
التقريص
تنتهي المراة البدوية من طهو طعامها، ثم تعود سريعا إلى عجينتها فتجدها قد اختمرت وجاهرة لمرحلة التقريص، إذ تقطع العجينة وتكور إلى عدد من الكرات الصغيرة متساوية الأحجام، تقريبا بحجم قبضة اليد، وتتركها لترتاح إلى نهاية العجينة.
الفرد
وباستخدام قطعة من العصا الخشبية الصغيرة “النشابة” تبدأ المرأة البدوية مرحلة فرد العجينة، أي تحويل كرات العجينة إلى رغيف من الخبز، فتأخذ كرات العجينة بالترتيب من الأقدم إلى الأحدث وتفرد أطرافها بيديها، ثم تمرر عليها بالعصا الصغيرة حتى تأخذ شكل الرغيف الدائري، وترص الأرغفة بالترتب داخل “صينية” مسطحة، كلما امتلئت الصينية بالأرغفة تغطيها بالأجولة، وتضع أعلى منها صف جديد من الأرغفة إلى آخره.
الخبيز
المرحلة الأخيرة هى مرحلة “الخبيز” أي طهو أرغفة الخبز المعدة داخل الفرن البدائي، المعروف بفرن “الحمية”، الذي تبنيه المراة البدوية بيديها وتصممه بأبسط الأدوات، إذ تجمع عددًا من الأحجار أو الطوب، وتحفر حفرة صغيرة في الأرض، وتسكب فيها المياه ثم تبني أعلاها الفرن بخلط الرمال الحمراء بالماء، وتثبيت الأحجار بها، وتغطيها بالطين.
ثم تضع في منتصف الفرن قطعة من الصاج المسطحة تستخدم ليوضع أعلاها أرغفة الخبز، وتثبت قطعة الصاج على مسافة معينة أعلى الحفرة، لتسمح بدخول جذوع الأشجار وقطع الأخشاب كوقود لإشعال الفرن وطهي الخبز على الحرارة الناتجة.
ومن أدوات الفرن “السيخ” وهو عبارة عن قطعة رفيع من الحديد تستخدمه المرأة البدوية لتحرك به رغيف الخبز داخل الفرن، حتى تتأكد من تسويته جيدًا وتستخدمه بمهارة وإتقان وكالعادة تستخدم يديها فى رمي رغيف الخبز داخل الفرن وسط لهيب النار لتسويته ثم تقليبة وإخراجة من الفرن بالسيخ.
التنظيف
بعد الانتهاء من تسوية الخبز تستعين بقطعة من القماش المبللة بالماء، لتمررها اعلى الصاج وتمسحها وتتركها نظيفة، استعدادا لاستخدامها فى اليوم التالي لتسوية عجينة “مخمرة” جديدة
المراة البدوية تحرث على صنع خبزها اليومى “المخمرة” طازجا كل يوم لتقدمة ساخنا، بجانب الطعام ويتميز خبز المخمر بأنه خفيف ليست به “لبة” سميكة ويكسوه أعلاه اللون الأحمر الخفيف، فيكون مقرمش من السطح وطري من الأسفل والجوانب.
2 تعليقات