5 مطاعم تراثية تعيدك للإسكندرية “الكوزموبوليتانية”
تحتوي الإسكندرية على مطاعم تراثية عديدة. ففي أحدها جلست الملكة نازلي، وهنا تناول الملك فؤاد قهوته الفرنسية وهو يستمع إلى الموسيقى اليونانية. وفي هذا المطعم جاءت الملكة صوفيا ملكة اسبانيا. وداخل هذا المطعم كان يأتي نجيب محفوظ.
أما هنا فقد أتى نجوم زمن “الأبيض والأسود”. وهذا فنان إيطالي “ترك بصمته الفنية على جدران وسقف هذا المطعم”. وهذه “الأكلات اليونانية لن تجدها إلا داخله”. وعلى هذه الطاولة ذكريات “من زمن فات” كانت فيه الإسكندرية مدينة “كوزموبوليتانية” متعددة الجنسيات والثقافات.
مطاعم تراثية في الإسكندرية
وعلى الرغم من أن الإسكندرية شهدت في نهايات القرن الماضي وحتى الآن هدم الكثير من تراثها المعماري. إلا أن هناك بعض أصحاب المطاعم التراثية اتخذوا قرارا بالحفاظ على تراث أجدادهم. لتظل ذاكرة الإسكندرية متعددة الثقافات محفوظة داخل هذه الأماكن القليلة، لتحكي لكل زائري ورواد المطعم تاريخ المدينة.
1- مطعم وحلواني “تريانون”.. أنشأ 1905م
يقع مطعم “تريانون” في 54 سعد زغلول في محطة الرمل ويعتبر من أقدم المطاعم التراثية في عروس البحر. وقد حاول أصحابه الحفاظ على تراثه المادي المتمثل في الحوائط والأسقف والتصميم الذي يعيدنا إلى ذكريات القرن الماضي. إضافة إلى محاولة الحفاظ على تراثها غير المادي المتمثل في صناعة بعض الحلوى يدوية الصنع والأطباق. وهي كانت تقدم من ثقافات وجنسيات متعددة عند إنشاء المطعم في مطلع القرن العشرين.
“أنشأت الشركة عام 1905 على يد اثنين من اليونانين (الجريج). هما يورغوس بيرليس مع عائلة قسطنطينيدس وأندريا دريكوس. وقمنا بعد ذلك بشرائها منهم عام 1970 م. وذلك عندما قام جدي اللواء عبد الفتاح الحضري، مؤسس الشركة، ومعه ثلاثة شركاء آخرين هم: الدكتور محمود الحضري، شقيقه، والأستاذ جورج لوقا، المحامي، والأستاذ سمير بولس، بشرائها من أصحابها اليوناين. وأصبحت عائلة الحضري تملك الثلثين والثلث للأستاذ جورج والأستاذ سمير. ولقد توفوا جميعا ماعدا الأستاذ جورج. والآن نحن في الجيل الثاني أولادهم والجيل الثالث أحفادهم نحاول إعادة الشركة إلى ما كانت عليه في الماضي”.
هذه هي بداية القصة التي بدأ بها المهندس فتحي المصري- مدير عام شركة حلواني ومطعم تريانون التراثي- حديثه لولاد البلد عن مطعم وحلواني “تريانون” التراثي والذي تتولى مجلس ادارته والدته مدام هدى الحضري.
وبترحاب وابتسامة. يتابع المصري حديثه عن المطعم التراثي “عندما قام جدي وشركاؤه بشراء المطعم، كان كما تشاهدونه الآن بنفس الرسومات على الحوائط والأسقف والتي صممها ورسمها فنان إيطالي في عشرينات القرن الماضي تقريباً، وقد طعمها ببعض اللمسات الشرقية”.
الحفاظ على التراث
ويضيف “لقد حاولنا الحفاظ على كل ماهو تراثي داخل المطعم.. وفي عام 2011 تعرض الزجاج للكسر من الخارج نتيجة الأحداث وقت الثورة. وفي عام 2012 قمنا بعمل عمره للمكان لإعادة الترميم والحمد لله أن الأسقف والحوائط لم يحدث لها شيء”.
ويتابع “لكن زجاج الفاترين التراثي تحطم، وحتى الآن نبحث له عن حل لإعادة ترميمه، وأيضا نتيجة الغاز المسيل للدموع وقت الثورة تأثرت الرسومات قليلاً لذلك لجأنا للمتخصصين وأساتذة من كلية الفنون الجميل لإعادة ترميمها”.
وبتأكيد وثقة يقول “لن أفكر أبدا أن أقوم باستبدال التراثي بما هو حديث لأنني لن أستطيع تعويض هذا التراث رغم أن صيانته مكلفة، فالمكان كله من الداخل خشب وهو أمر صعب في كل شيء في صيانته في عوامل الأمان.
مشاهير زاروا المطعم
يقول بينما يتذكر المصريين المشاهير الذين زاروا المطعم “هنا جاءت الملكه نازلي من العائلة المالكه إضافة لآخرين من القصر الملكي، وكثير من الباشوات والوزراء كانوا يجلسون في المنطقة الخارجية للمطعم التي للأسف الآن تحولت إلى مقلب قمامة .. وأيضاً كان من رواد المطعم كثير من المشاهير والأدباء”.
ويشير المصري، إلى أشهر الحلويات التراثية في المطعم “رغم أنه كان من الممكن الاعتماد على ماكينات حديثة لصناعة الشوكلاته وكانت ستدر علينا الكثير من الربح. لكن قررنا استخدام الماكينات اليدوية التراثية المملوكة للمصنع الملحق بالمطعم لأنها مميزة ومذاقها غير الأخرى المعدة بالماكينة الآلية. وعلى الرغم من أن إنتاجها أقل لكن السر في الطعم وهذه من ضمن المنتجات التي حافظنا عليها حتى اليوم إضافة إلى حلوى الأمريت والأروغلافس اليوناني وأيضاً باستخدام بالماكينات اليدوية القديمة”.
لكنه يعود مستطردا “للأسف هناك بعض المنتجات التراثية في المطعم التي توقفت بسبب التكلفة مثل الشربات يدوي الصنع رغم أن مذاقه مختلف ومميز لكن تكلفته مرتفعة بالمقارنة بالمنتجات التي تباع في السوق لذلك توقف وأتمنى أن يعود، كما أن ماكينة الامريت عندما توقفت بحثنا عمن يصلحها فلم نجد وعندما قررنا أن نأتي بماكينة جديده شعرنا بإختلاف في الطعم وهذا يثبت أن هذه الماكينات اليدوية القديمة لا تعوض”.
نحتاج إلى دعم
ويوضح المهندس فتحي المصري أن “المطعم لا يزال يستقبل كثيرا من الأجانب فقط لتصوير المطعم وطابعه التراثي وهذا أمر يسعدني”.
ويتابع “نحن الآن نواجه مشاكل كثيرة للحفاظ على هذا المستوى خاصة مع ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الدولار أصبح الأمر يمثل ضغطا كبيرا، خاصة أننا نرفض أن نتخلى عن هذا التراث، إلى جانب أننا نوفي جميع التزامتنا من ضرائب ومرتبات وتكلفة المواد الخام للمنتجات”.
“نحن لانحتاج دعم مادي لكن كل ما نحتاجه مساعدتنا في الحفاظ على هذا التراث، على سبيل المثال أن تتحمل الدولة أو هيئات الحفاظ على التراث فكرة صيانة هذا التراث معنا لأنه جزء من تراث الإسكندرية ومصر، إضافة إلى وجود ماكينات وحرفيين يدوين للصناعات مثل الشوكلاته اليدوية والمنتجات الأخرى نحتاج الحفاظ عليهم وعلى توارث الحرفه حتى لاتنتهي وهذا هو الدعم الذي نطلبه”.
للمزيد من المعلومات عن مطعم “تريانون”من هنا
2- مطعم وحلواني “ديليس” أنشأ 1922
بجوار مطعم وحلواني “تريانون” تجد “ديليس” من المطاعم التراثية التي لايزال يملكها اليونانون الذين عاشوا في الإسكندرية. وكما يذكر أن كلمة “ديليس” تعني البهجة والمتعة.
ومن لافتة عليه، نتعرف على تاريخ إنشائه 1922، ومن داخل المطعم نجد أن أصحابه قد احتفظوا بكثير من تراثه، من ماكينات الحساب. وسنترال التليفونات. وبعض الأكلات والحلوى اليونانية، التي لا تزال تقدم به.
“أنا أقدم العاملين في المطعم، وحتى يومنا هذا أصحاب هذا المطعم يونانين وناس تمام ويعرفوا أصول الشغلانه، هما بتوع شغل. المكان أنشئ 1922 على يد اليوناني كلوفلس موستاكاس ثم من بعده ابنه جورج موستاكاس وبعدهم ابنه انطونيو وأولاده هم من يديرون ديليس الآن”. كانت هذه هي الكلمات الأولى التي استقبلنا بها المتر مصطفى التهامي، أقدم العاملين في حلواني ومطعم “ديليس” الذي بدأ العمل فيه منذ عام 196.
ويتابع بأن “أصحاب المكان هنا حافظوا على التراث داخله ستجدي حتى ماكينات الحساب القديمة جميعها محتفظين بها وطراز المكان”.
وبتابع التهامي بأن “في ناس كتيرة قوي مشهورة جات المكان منها اللي أصبحوا في مناصب كبيرة، زي الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية السابق، ومن المشاهير في كتير من أول الملك والباشوات والوزراء زمان ونجوم السينما زي عبدالله وحمدي غيث وهند رستم ونادية لطفي ومن الأدباء الأديب العالمي نجيب محفوظ.
ويشير التهامي إلى أشهر الحلوى اليونانية التي يشتهر به المطعم منذ إنشائه حتى الآن “هنا الحلويات اليونانية مش حتلاقيها في أي مكان تاني منها الكيك والأمريت اليوناني إضافة إلى الترتات والتورت فمذاق هنا الحلوى اليوناني لن تجدها في مكان آخر”.
للمزيد من المعلومات عن مطعم وحلواني “ديليس”من هنا
3- مطعم سانتا لوتشيا أنشأ 1932م
من المطاعم التراثية في الإسكندرية الذي لا يزال أصحابه وإدارته من اليونانين، ويقع في شارع صفية زغلول وهو من أشهر المطاعم في الإسكندرية الذي زاره ملوك ورؤساء دول وقناصل دونت أسماؤهم على لوحة خشبية، كتب عليها اسم المطعم وتاريخ إنشائه 1932م وعلى بابه يقف أحمد عبد السلام حارس آمن المطعم داخل بدلة سوداء وقميص أبيض ويعلوه صديري باللون الأحمر، تشعر معه بأن الزمان عاد بك إلى القرن الماضي.
يروي حارس الأمن بدايات المطعم التراثي قائلا “كان المطعم في البداية ملك للإيطالين عام 1930 ثم أصبح ملك جورج بنايوتي سولس الذي كان في هذه الفترة رئيس الجمعية اليونانية ثم اشتراه اليوناني يني سوكس ولازال المطعم يحافظ على شكله التراثي الذي أسس عليه والذي كان رواده دائما من الصفوة”.
الطرما أشهر الوجبات اليونانية التراثية في المطعم
“لقد تعلمنا هذه الأكلات من الشيف إسلام عبد الهادي، من أقدم الشيفات في المطعم، والذي تعلم على يد الشيفات اليونانين ومن أشهر الأكلات اليونانية التي نقدمها حتى اليوم ونبعث لشراء مكوناتها من اليونان “الطرا ما” وتعتبر من المقبلات وهي عبارة عن بطارخ سمك” هكذا وضح الشيف أشرف علام أهم الأكلات التراثية التي يشتهر بها مطعم سانتا لوتشيا ومن أقدم الشيفات التي تعلم منها سر الطهو اليوناني
ويذكر ايلياس جكيرجكيس، مدير عام المطعم في تقرير مصور على صفحة المطعم الرسمية على الفيس بوك، أن “المطعم زاره كثير من المشاهير والملوك ورؤساء الدول والقناصل، فمن الملوك كان الملك فاروق ونجوم السينما كالفنان أحمد رمزي والوالفن مريم فخر الدين وفريد شوقي”.
وقد تم ظهور المطعم في أحد لقطات فيلم رسائل البحر من إخراج داود عبد السيد وبطولة آسر يس وبسمة.
4- مطعم “شي جابي”
“أتذكر عندما كنت صغيرة وطالبة في الجامعة أنني كنت أذهب مع أصدقائي وأسرتي إلى مطعم شي جابي فكان هذا من أوائل مطاعم البيتزا الإيطالية في الاسكندرية وبه فرن إيطالي لطهي البيتزا كما أنك تشعر داخله أنك في عالم مميز تراثي” هذه هي الذكريات التي قصتها سناء العايدي، في العقد السادس، ربة منزل من الإسكندرية عن مطعم شي جابي التراثي.
“كنا دايما من كتر شهرة المطعم في اسكندرية كنا نقول على الأكله المميزه تعالا حأكلك أكله شيجابية” هكذا يتذكر أحمد فؤاد محاسب على المعاش كيف كان مطعم شي جابي بالنسبة لهم في القرن الماضي.
ويذكر أن مطعم شي جابي يعتبر من أقدم مطاعم البيتزا بالإسكندرية، ويقع في 22 طريق الحرية منطقة العطارين في إسكندرية. ويعود تاريخ المطعم لأكثر من 70 عاما، حيث كان المكان مملوكا لليونانيين1946، قبل أن يشتريه عام 1979 أحد الشوام “فرنسي من أصل لبناني” ومن المقيمين بالإسكندرية وهو جابرييل أسعد، الشهير بالمسيو جابي والذي اطلق على المطعم اسم “شي جابي” حاملاً نصف اسمه ليعني «عند جابي» بالفرنسية، وبعد وفاته تديره حاليا زوجته روكسان جابي، وكان «شي جابي» أول المطاعم التي تقدم البيتزا الإيطالية في الإسكندرية.
مشاهير زاروا المطعم
يذكر أن أشهر من زاروه هم السيدة جيهان السادات، والفنان سمير صبري، والفنان إيهاب نافع، والإعلامى معتز الدمرداش.
للمزيد من المعلومات عن المطعم من هنا
5-مطعم الآكلات الشعبية “محمد أحمد” انشأ عام 1957م
في مدينة الإسكندرية تحديدا في منطقة محطة الرمل في شارع متفرع من شارع سعد زغلول يوجد مطعم شعبي تراثي شهير يشتهر بوجبات الفول والفلافل وكثير من زوار الإسكندرية يمرون عليه ضمن برنامج زيارتهم هو مطعم “محمد أحمد.
هناك عندما تجلس على الطاولة ليأتي إليك مقدم الطعام ويضع أمامك قائمة طعام تحمل على الوجهين العديد من الإمضاءات وعندما تتدقق النظر، ستجد توقيع مشاهير وستجد إمضاء بخط واضح بإسم الفنان فؤاد المهندس وفوقها جملة صغيرة “كلمتين وبس … الفول يجنن”.
ويروي محمد قطب حسن، مدير مطعم محمد أحمد، لـ “ولاد البلد”، سر هذه الكلمات القصيرة بأن من أكثر الوجبات التي يطلبها المشاهير الفول الإسكندراني والفلافل والجبنة المقلية.
مشاهير زاروا المطعم:
ويقول كريم رمضان، من إدارة المطعم، إن كثير من نجوم الفن والمشاهير يأتون لزيارة المطعم. ويفسر السبب بأنه «شهير وتراثي في الإسكندرية». ويشير إلى أنه دائما ما نوثق لهذه الزيارة من خلال سجل الزيارات أو التقاط الصور التذكارية معهم ويستعرض من خلال هاتفه المحمول مجموعة من الصور التذكارية التي التقاطها في المطعم مع المشاهير منهم الفنانة رانيا فريد شوقي، والفنان عبد الله مشرف، والفنان صبري عبد المنعم، والفنان فاروق فلوكس، والفنان ايمن عزب، الفنانة رجاء الجداوي، والفنانة يسرا الوزي، والمطرب الشعبي أبوالليف.
كما أن من المشاهير الذين زارو المطعم موثق بالصور على جدرانه وعلى قائمة الطعام من امضائهم الملكة صوفيا ملكة أسبانيا والفنان فؤاد المهندس والروائي نجيب محفوظ والشيخ الشعراوي.
للمزيد من المعلومات عن المطعم
8 تعليقات