آخر خلفاء بني أمية يترك إبريقًا في "أبوصير"
كتب- محسن عيد
إبريق مروان بن محمد، من أشهر التحف الفنية الإسلامية، ويعد من أهم مقتنيات متحف الفن الإسلامى بالقاهرة.
هذه التحفة الفنية عثر عليها ضمن محتويات مقبرة مروان بن محمد، آخر خلفاء بني أمية، في قرية أبو صير الملق في بني سويف.
يقول محمد أبو الخير، باحث في الآثار الإسلامية، مفتش أثار ببني سويف، أرّخت القطعة بناءً على تحليل أسلوب زخرفتها المتأثر بالأسلوب الزخرفي الساساني والبيزنطي، وهو الأسلوب المميز للتحف المصنوعة في العصر الأموي.
ويضيف أبو الخير أهدت مصلحة الآثار المصرية هذه القطعة لمتحف الفن الإسلامى بالقاهرة، وكان قد عثر عليها ضمن أنقاض مقبرة تعود إلى بداية العصر الإسلامي، يرجح أنها مدفن مروان الثاني بن محمد، آخر خلفاء بني أمية، الذي حكم في الفترة 744 إلى 750 م، وكان قد فرّ من العباسيين إلى مصر، حيث قتل ودفن في هذه المقبرة.
تحفة فنية
يمتاز الإبريق بدقة صنعته ورشاقة شكله وتناسق أجزائه وجمال زخرفته، ويتكون من قاعدة مستديرة منخفضة وبدن كروي ورقبة أسطوانية ومقبض ومصب.
يكسو بدن الإبريق زخارف بالحفر البارز، تتكون من صف من عقود متصلة على شكل أهلة، ويوجد بداخل العقود وريدات زخرفية ورسومات طيور وحيوانات أخرى.
أما الرقبة مزخرفة برسومات محفورة قوامها دوائر ووريدات صغيرة متماسة، وبالنسبة للمقبض، يخرج من بدن الإبريق في شكل مستقيم تقريبًا ثم يلتف من الأعلى إلى الداخل باتجاه الرقبة ليلتحم بها، وينتهي بزخرفة على شكل ورقة الأكانثش.
أما المصب فيأخذ شكل ديك كبير يصيح، ناشرًا جناحيه في حركة ملموسة مستمدة من أساليب الفن الكلاسيكي الروماني، وقد استوحى صانع الإبريق معظم زخارفه من أساليب وتقاليد الفن الساساني الشرقي.
القيمة الفنية لهذا الإبريق تأتي من أنه يمثل أهم العناصر التي استقي منها الفن الإسلامي مصادره، فهناك العنصر الساساني، وخاصة ذلك الرمز الزرادشتي الممثل في الديك الذي ينشر جناحيه عند بزوغ الفجر، ويطلق عليه في اللغة الفارسية “سبيد موزع” أي طائر الصباح المشرق.
يوجد على بدن الإبريق أنصاف أهله تتخللها حبات الرمان وهو عنصر يجمع بين الفن الإسلامي والفن الزرادشتي، أما اليد عبارة عن “حية رقطاء” ذات أذنين بعناصر زخرفيه إغريقية رومانية تنتهي عند أسفلها.
من هو مروان بن محمد؟
يقول إبراهيم سيد حسن، الباحث في التاريخ الاسلامي بجامعة القاهرة، مروان بن محمد هو آخر خلفاء بني أمية، ويعرف بمروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه جعد بن درهم، واشتهر بصبره على الحرب فقيل “أصبر في الحرب من حمار”.
قبل توليه الخلافة، كان واليًا على إقليم أرمينية وأذربيجان، وأظهر كفاءة وقدرة في إدارة شؤون ولايته، فرد غارات الترك والخزر بعد معارك كثيرة.
عندما صعد للحكم وتولى الخلافة، لم يستطع الوقوف في وجه المؤامرات والفتن التي عصفت بدولته، رغم أن قضى على الاضطرابات والثورات خلال فترة حكمه.
قرية أبوصير الملق
وعن أبوصيرالملق قديما يقول الدكتور أحمد جبر، مفتش الآثار المصرية بمحافظة بني سويف، كانت أبو صير الملق واحدة من أهم الجبانات بمحافظة بني سويف، وعرفت في النصوص القديمة باسم “بوأوزير” أي مقر الإلة أوزوريس.
تضم المنطقة مجموعة من الجبانات من العصور المختلفة، فقد عثر على مقابر من عصور ما قبل الأسرات ومن الأسرتين الأولى والثانية ومن الدولة القديمة، وبعض مقابر الدولة الحديثة وكلها مقابر منحوتة في الصخر، كما عثر على آثار ترجع للأسرة 26 ومقابر صخرية من العصرين الروماني واليوناني، وتبلغ مساحة المنطقة نحو 236 فدانا.
وأبو صير كانت الإقليم رقم 21 من أقاليم مصر العليا، وتضم المنطقة أيضًا معبد الإلة “تباح سوكو أوزيز”، ويعود إلى عصر الأسرة 30، وقد عثر في عام 1973 على تابوت من الجرانيت الرمادي ويزن بالغطاء 12 طن وهو للمدعو “با. خا. دي . أس ” ويعود إلى العصر الروماني.
تعليق واحد