هيلا هيلا صلوا ع النبي
كتب- الحسين محمود:
تصوير: أحمد دريم
“هيلا هيلا صلي ع النبي” كلما سمعنا هذه الأغنية تأتي من بعيد بنغم حماسي مفعم بالقوة، نتأكد من أن هناك عمالًا أو “صنايعية” يشتغلون في أعمال البناء، فالغناء وكوب الشاي الحلو لا غنى عنهما للعامل.
و رغم تردد صداها في الحقول و وسط عمال الحفر و البناء إلا أن أغاني العمل لم تكن منتشرة بشكل كبير.
ظهرت أغانى العمل والعمال بوضوح في موسيقى فنان الشعب الشيخ سيد درويش، الذى وثق بفنه مهن اندثرت بالفعل مثل أغاني “الشيالين” و”السقايين”، و “العربجية”، وصاغ موسيقى من جمالها وصدقها أصبحت جزءًا من التراث المصري.
و قد ذكرت د. إيزيس فتح الله في موسوعة أعلام الموسيقى العربية – جزء سيد درويش، أنه في بداية حياته وبعد أن توفى والده و هو صغير، عمل الشيخ سيد في أعمال عديدة من أجل مساندة أسرته، ومن ضمن هذه الأعمال كان البناء، وتذكر لنا الكاتبة كيف كان غناء الشيخ سيد وأغانية تمتع العمال وتحمسهم، حتى أن المقاول قرر أن يعين الشيخ سيد مسؤول الغناء للعمال وأعفاه من العمل الشاق.
وبدأت أغاني العمل في الانتشار بشكل مسموع ومرئي في مصر بعد ثورة يوليو، وانطلاق أعمال البناء في السد العالي، وبعدها المشروعات الصناعية، وكتب عدد كبير من الشعراء مثل عبدالرحمن الأبنودي وصلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وأحمد شفيق، وغنى عبدالحليم “يا بدلتي الزرقا” على ما يطلق عليه “أفارول” أو “عفريتة” وهو الزي الذي يرتديه عمال المصانع، كما غنت ليلى مراد “دور يا موتور”، و غنت شريفة فاضل “يا حلاوة الإيد الشغالة”، كما لحن و غنى محمد عبدالوهاب “دقت ساعة العمل الثوري لكفاح الأحرار”
وهذه كلماتها:
تعلن زحف الوطن العربي بطريقه الجبار
والثوار هم الشعب والأحرار هم الشعب
والثوار هم الشعب والأحرار هم الشعب
عارفين المشوار”
و بقدر الحماس الذي تحمله أغاني العمل لحث العمال على بذل مزيد من الجهد، أضافت الروح الوطنية لأغاني العمل نوعًا آخر من الحماس الثوري، والدفاع عن الوطن بالعمل، فكتب الشاعر صلاح جاهين قصيدته “أبو زعبل”، بعد قصف القوات الإسرئيلية لمصنع “أبو زعبل” للكيماويات، الذى كان يضم 1300 عامل، أثناء خروج العمال بعد “الوردية” الصباحية ومقتل عدد كبير منهم، فكتب:
“إحنا العمال اللى اتقتلوا
قدام المصنع في أبو زعبل بنغنى للدنيا ونتلو
عناوين جرانين المستقبل وحدة صف الأحرار
جبهة لكل الثوار”
قد يمر نهار العمل طويلًا بدون غناء وكلمات “يديكم العافية” و”هيلا هيلا ..صلي ع النبي”، هكذا يقول محمد العماري أحد مقاولي البناء في صعيد مصر، مُضيفًا “حلوة صلاة النبي”.
عمال البناء و “الصنايعية” ليسوا وحدهم من يغنون، فالبائعين الذين يحملون بضاعتهم لهم أغانيهم التي تخفف عنهم حمل البضاعة وتروج لها، فأورد الباحث مسعود شومان في كتابه “الموسوعة المصرية لأغاني الطفل”، أغاني لبائعي الحلاوة و النيفة وحب العزيز.
” هات البريزة يا وله
هات البريزة
أصل الحلاوة يا وله
حلوة و لذيذة”
3 تعليقات