“يوم التنجيد” أهم طقوس الزواج في حارات مصر القديمة
في إحدى حارات شبرا الخيمة، كان ضجيج الـ”دي- جى” ينتشر في كل ناحية، بينما كان الشارع يمتلئ بالأثاث المنزلي والمفروشات، كانت جدتي تشير إلى كل ذلك قائلة “دا جهاز العروسة بنت جارتنا أم أحمد، النهاردا يوم التنجيد”.
يوم التنجيد هو يوم مهم يسبق الاحتفال بالزواج، وفيه توضع مفروشات العروس وجهازها في الشارع، من قبيل التفاخر والاستعراض.
العفش
جدتي أم محمد، صاحبة الـ76 عامًا، تحكي: سكنت هذا الشارع عندما كان عمري 22 عامًا، وإلى اليوم أشاهد هذا “الطقس” في احتفالات الزواج، تبتسم “ياما شوفت جهاز عرايس”.
بحسب جدتي فإن طقوس يوم التنجيد تغيرت كثيرًا عن ذي قبل “اللي أنتي شايفه دا حاجات حديثة، كنا زمان بنجيب المنجد بمكنته الحديد وينجد عفش العروسة كله في الشارع، ويقعد أيام لغاية ما يخلص منه، وفي كل يوم بيفضل الشارع كله يطبل ويغني بتنجيد العروسة أيام وليالي”.
يقتصر الاحتفال بيوم التنجيد على شراء “عفش” و”جهاز” العروس، ويوضع في الشارع ليوم واحد، وسط غناء على الطبلة، ومقطوعات لأغان من التراث، بجانب “دي- جى”.
تشير جدتي إلى أن يوم التنجيد كأن أهم يوم في طقوس الاحتفال بالزوج، لأنه في ذلك اليوم تبرز قدر العروس وارتفاع مكانتها بحسب كمية باعتبار أن “أهلها مكلفينها”.
تنهض جدتي قائلة “لازم أنزل أبارك واجامل أم أحمد”، لتختلط بنساء الشارع حول أم العروس، وعلى الجانب الآخر “رجال الحارة” بجانب والد العروسة، وبعد دقائق خرجت العروس برداء أبيض ورحب بالجالسات.
عادة أساسية
“دي عادة من زمان الشارع كله بيشترك فيها” هكذا تحكي ليلى محمد، 35 عامًا- متزوجة، ولديها 5 أبناء، عن طقوس أيام التنجيد، وأنه يوم أساسي في احتفالات الزواج “زي ما في يوم الحنه ويوم الفرح لازم يكون في يوم التنجيد”.
أما محمد محمود، 53 عامًا- موظف بالقطاع الخاص، يقول إن “يوم التنجيد” لا تعرفه المناطق الراقية، التي يعيش قاطنوها في عزلة عن بعضهم بعضًا، أما في المناطق التي تصنف كـ”أحياء شعبية” فتتميز بالترابط والالتحام والمساندة في الفرح أو الحزن “أحنا كلنا في الشارع عائلة واحدة والفرح عند جاري، يبقي في بيتي”.
الواجب
بابتسامة ترسم وجهها تعود جدتي من الشارع بعد أن انتهت من أداء الواجب لتستكمل لي ذكرياتها عن يوم التنجيد ، وتقول “عارفة زمان يابنتي كان يوم التنجيد مش أغاني ورقص وبس، كان في أكل كمان وده أهم حاجة، كانت ستات الشارع كله تتجمع في بيت العروسة وتعمل أكل للرجالة الشارع كله، ونقعد نطبخ أكل لمدة أسبوع متواصل”.
وتوضح جدتي، صاحبة الذكريات الكثيرة، أن “يوم التنجيد” يتبعه “يوم الفرش”، وهو الذهاب إلى شقة العروس، التي توجد غالبًا في منزل أهل العريس للمشاركة أيضا في فرش الشقة “لكن دلوقت العروسة بتاخد أختها وأمها وتفرش شقتها في سكوت”.
بطبلة ومزمار بلدي تُستبدل أغاني الـ”دي جى”، وينتهي يوم التنجيد في عصر اليوم، ليبدأ الجيران مساعدة أهل العروسة في تجميع “الفرشة” من الشارع، ورصها جيدًا، قبل الزفاف.
تعليق واحد