كتاب اليوم| غناء الفلاحين في صعيد مصر
المؤلف: درويش الأسيوطي، سلسلة الدراسات الشعبية، الهيئة العامة لقصور الثقافة،2016.
في استهلال كتاب “غناء الفلاحين في مصر” ذكر درويش الأسيوطي، مؤلف الكتاب أن لكل طائفة في المجتمع غناء خاص يرتبط بحرفة يدوية.
الأسيوطي يقول في كتابه أن الحرفة تعتمد على الجهد العضلي، وأن مصطلح “أغنيات الحرف اليديوية” أنسب من “أغاني العمل”، لأن الأغنية مرتبطة بالإيقاع الحركي لممارسة الحرفة.
الكتاب يعني بصفة خاصة بما أبدعه المصري من خلال لغته المحكية العامية المصرية، التي طورها عن العربية، وما وصلنا من تراكم تراثي بها من تواريخ سابقة.
وفى مقدمة نظرية للكتاب (الغناء بين النصوص والطقوس والحرفة) يوضح تصنيف الإبداعات الأدبية الشعبية الشفاهية إلى: نصوص تستدعيها المناسبة وترتبط بطقوسها مثل العدّيد وأغنيات السبوع وأغنيات الختان ونصوص الرقية وأغنيات الحرف اليدوية، ونصوص لا ترتبط بالطقوس ارتباطًا قويًا مثل القصص الشعبي الشعري والنثري والمواويل الشعبية.
ويوضح سمات أغنيات الحرف اليدوية وتميزها عن غيرها في: ارتباط النصوص بالعمل اليدوي والمجهود البدني وارتباط ايقاع النصوص ووزنها الشعري بإيقاع الحرفة.
كما قدم ما أسماه بخارطة الأعمال الحرفية اليدوية، ووضحها في ثلاث حرف أساسية: الفِلاحة والرعي وصيد الأسماك، وأن كل حرفة أخرى يمارسها كعمل إضافي أو عمل طارئ، فقد بدأت أغنيات الحرف اليدوية بأصوات مع أداء العمل البدني وانتظمت مع الإيقاع الحركي للعمل وتطورت إلى كلمات وأغان تعبر عن مشاعر الحرفي وتوجه إلى خبرات الحرفة.
وفي أربعة فصول ربط الأغاني وقسمها إلى:
مصر الفلاحة: وفيه وضح الارتباط بالنيل والطمي وتسميته ببحر النيل، ويشرح العمليات الأساسية لحرفة الزراعة في مصر وارتباط الاغاني بها، واللوق والزراعة على مياه الفيضان، والزراعة على مياه الري الدائم، وشق التربة وتمهيدها، والحرث.
المحراث وأغانيه مثل: يا لوب علق المحراتي / يا لوب قبل الخولي ما ياتي / يا لوب قطع الدهاببي / يا لوب علم المراجعي)، وهي واحدة من أغنيات المحراث، ويوضح الكاتب النسق الإيقاعي لأغنيات الحرف اليديوية واعتمادها على وزن (مستفعلن / مستفعلن / فعولن) مثل مالك يا حرات؟ وليه زعلاني؟ / زعلت من توري عشان بطلاني/ محرات أبوي متقل بحديدي/ طلعنا نحرت في بلاد الطيني/ ما احلى حرات اليوم يا سميني / ما احلى حراتك في بلاد الطيني.
أما الفأس وأغانيه: فالعمل بالفأس عادة جماعية للتطويش أو العزيق ويؤدي أحدهم دور المغني (الحادي) والباقي بالمرد أو الترديد، مثل: الحادى: يا مهون / المرد: هون يا مهون / دي الصبخة / وترابها مصون/ أعزقها / بالخرص إديها / وعاليها / هاتو ف واطيها / زبّادي / فدادين الطيني / طوّشها / تشرب وتليني / يا مهون / هون يا مهون / خلينا / نخضر خلينا.
الري وأدوات الري: مكن الري الدائم الفلاح المصرى من زراعة أرضه في العام الواحد أكثر من مرة، بدلًا من الاعتماد على مياه الفيضان في زراعة الارض، ومن أمثال أغاني الري الشادوف “العود” وأغانيه: إذ وضح الكتاب أجزاء العود ومكوناته وقدم أغنياته منها: صبّحنا العود / خشب وجلود هوب يا هوب / والعود عايب / بكى الشايب هوب يا هوب/ صدر العايق / رمان طايب هوب يا هوب.
الساقية وأغانيها: شرح الكاتب مكونتها وكيف تعمل وذكر من أغانيها: يا ساقية دوري شمال ويماني / واسقي العنب والخوخ والرماني لويلى يا لويلي / سلامة الحمرة من السكين / معايشة الفقري والمسكين لويلي يا لويلي / الحلْس قال للتور مالك ومالي / اسحب على باطك بلا جمالي لويلي يا لويلي / ما تحول الميه يا حوال / دي مية الحمرا بحر تيار لويلي يا لويلي.
الطنبور “البدالة” وأغانيه
المِرْوَاح: تطلق على عمليات عديدة مثل حصاد القمح وقلع الفول البلدي والسوداني، وقطع الذرة وجني البلح، وتطلق على مواعيد هذه العمليات، وقد عرض الكتاب حصاد القمح وغناء الحصّادة، و”قليع” الفول وأغانيه، وجني القطن وأغانيه، والتجرين “نقل حزم القمح” وأغاني الجمالة.
التجهيز (الدّرْس والتذرية والنقل): بعض هذه العمليات لا يستغرق وقتا طويلا ولا يحتاج إلى جهد عضلي فلا تشيع له أغان كثيرة، ويذكر الكاتب أغاني درس القمح، والنورج وأغاني الدراس، دق الذرة “المسطاح، والتذرية والكيل ونقل الغلال وأغاني الحمارة: الكيال: الله واحد / المساعد: يا واحد وحد الواحد / آدي التاني / واحد مالوش تاني / تلاته / يا بركة تعالي / أربعة / يا بركة الوسعة/ خمسة / فرض الصلا خمسة / ستة / ستة كدا سته.
عن الكاتب
درويش الأسيوطي: درويش حنفي درويش بخيت، من مواليد 1946 قرية الهماميّة مركز البداري بأسيوط، تخرج في كلية التجارة جامعة عين شمس وعمل بالتربية والتعليم.
الأسيوطي شاعر وكاتب ومخرج مسرحي، وباحث تراث، وعضو اتحاد كتاب مصر، وعضو سابق بلجنة الشعر المجلس الأعلى للثقافة، وعضو لجنة الفنون الشعبية والتراث.
من كتبه في جمع التراث الشعبي: من أهازيج المهد، ولعب العيال، وأشكال العديد، وأفراح الصعيد الشعبية وغيرها، فضلًا عن دواووين الشعر والمسرحيات.