“يا مارجرجس سرّك سرّك”.. هتاف الطيبين لنيل بركة “صاحب الـ7 ميتات”
كتب: هبة جمال، أسماء الطاهر
“يامار جرجس سرك.. سرك” بهذه الجملة يهتف زوار دير مار جرجس بجبل الرزيقات، في مدينة أرمنت، بغية التقرب إلى الأولياء، أولئك الذين منحهم الله قربًا خاصة من فرط تعبدهم، حتى صاروا يشفعون للناس عنده لذلك هتفوا “سرك..سرك” مثلما هتفوا “مدد.. مدد”، اعتقادًا بكرامة الصالحين وقربهم من الله.
“باشويس ابؤرو جورجيوس”، سيدي الملك جورجيوس، هذا ماتعنية الجملة السابقة بلغتها القبطية، وهي جزء من مديح خاص لـ”مار جرجس”، أو “سريع الندهة” كما يلقب، لسرعة استجابته وشفاعته في محبيه.
وللمصريين تاريخ طويل مع الأولياء. اقرأ المزيد من هنا: “من ذاق عرف”
فى دير مار جرجس غربي الأقصر كان هناك احتفال له انطلق في اليوم العاشر من هذا الشهر، ومن شتى بقاع الأقصر جاء الناس أفواجًا إلى “قديسهم” الذي سيشفع لهم عند ربهم.
فادية عبدالحميد، من القرنة، هي سيدة طاعنة في السن لديها إصابات في قدمها جعلت المسافة من بيتها حتى مولد “البطل الشهيد” أمر في غاية الصعوبة، تقول “جيت عشان ربنا يشفيني ويديني التقوى والإيمان”.
والواقع أن “مار جرجس” يستحوذ على نصيب كبير من ثقة البسطاء في قضاء الحاجات والرغبات، والناس في المولد وما حوله يعرفونه وليًا صالحًا، لا يختص بالمسيحيين وحدهم بل والمسلمين أيضًا، لكن لِمَ كل هذا التعلق بـ”مار جرجس” أو “البطل الشهيد” كما يلقبونه؟
لماذا التعلق بـ”الشهيد البطل”؟
اختلطت شخصية مار جرجس بعدة أساطير إذ رُسمت صوره يمتطى جوادًا ويضرب بحربته التنين ذلك الوحش بمخالب أسد وأجنحة وطواط وذيل حية، وهو وحش لا وجود له إلا في خيال العامة.
إضافة إلى تلك الأسطورة فإن الأساطير ربطت بينه وبين الخضر، ذلك الولي الصالح الذي عُهد إليه إرشاد نبي الله موسى، ويحظى بمقام عظيم عند المتصوفة المسلمين، وجاء وصفه مقاربًا لأوصاف إيليا النبي والقديس مار جرجس.
شنودة راتب، كاهن كنيسة العذراء بالأقصر، يقول إن مار جرجس عرف بلقب “أمير الشهداء”، كما أن الاحتفالات التي تقام بدير مارجرجس هو عيد الاحتفال بتكريس أول كنيسة باسمه فى مدينة “اللد” الفلسطينية، أما في الرزيقات فقد أنشئ دير باسمه، ومن يومها بدأت الناس تتعلق به، وتقيم الاحتفالات وتطلب منه الشفاعة.
وعن سبب تعلق زائري الدير بمار جرجس يقول راتب: إن علاقته بأحبابه وطيدة جدا، إذ يعتقدون أنه يلبي احتياجاتهم، ويقف إلى جانبهم في الشدائد، لذلك يزدحم مولده بالبسطاء.
ويتابع راتب أن تاريخ إنشاء الدير يرجع إلى القرن الرابع الميلادي، ويوجد به الكنيسة الأثرية والتى بها رفات الشهيد مارجرجس، وقد خضعت للترميم والتجديد أكثر من مرة، إضافة إلى كنيسة أخرى بمدخل الدير، وهي لإقامة الصلوات و”أخذ البركة”.
من اللد الفلسطينية إلى مصر
عبدالمنعم عبدالعظيم، مدير مركز تراث الصعيد، يقول إن القديس مار جرجس، من الأمراء القياديون نشأ في آسيا الصغرى خلال القرن الثالث الميلادي، وعاصر القيصر الروماني دقلديانوس عام 303م.
في بداية حياته عمل القديس ضابطًا في جيش القيصر، وبحسب عبدالعظيم فقد عاصر فتية الكهف، الذين جاء ذكرهم في الكتب المقدسة، ثم سرعان ما ترك خدمة القيصر حين بدأ ت موجة الاضطهاد الرهيب للمؤمنين بالديانة المسيحية ووقف مار جرجس إلى جانب المعارضين للقيصر، واستبسل في الدفاع عن المسيحية، فتعرض للأذى وعُذب حتى استشهد ودفن في مدينة اللد الفلسطينية.
يضيف عبدالعظيم أن رفات مار جرجس نقلت في عهد الأنبا غبريال الثاني من فلسطين ودفنت بمصر القديمة، وكان يعرف باسم جوارجيوس الكبادوكي “نسبة إلى كبادوكية بلده” أو القديس جورج “سان جورج”.
يتابع: كما ذكرت دائرة المعارف البريطانية والأسماء للبستاني أن مار جرجس يعرفه المسلمون باسم الخضر، وأن خليج مار جرجس بلبنان، الذي تطل على ضفته مدينة بيروت يعرف أيضا بخليج الخضر.
لماذا الرزيقات؟
تبلغ مساحة الدير نحو 120 فدانًا، وهو من الأديرة المشهورة محليًا وعالميًا، وبدأ الاحتفال الرسمي فيه بداية من عام 1978، وقبل ذلك كان احتفال صغير.
وعن اختيار دير مارجرجس بالرزيقات لإقامة الاحتفالات يوضح راتب أن دير الرزيقات له تاريخ عميق جدا، وبدأت به الاحتفالات منذ زمن بعيد، وقد أسسها سيدنا “المتنيى ابلى بموا”، والذي جاء راهبا، واهتم بالدير وتعميره.
بينما يقول مدير مركز التراث للصعيد إن العديد من الكنائس والأديرة في مصر، أطلق عليها القديس مار جرجس، منها الكنيسة الشهيرة بمصر القديمة، التي بناها أحد الأثرياء في القرن السابع الميلادي قبل الفتح العربي، وتعد من أروع كنائس مصر.
القمص ابراهيم عبد المسيح، كاهن كنيسة “العذراء” بدراو في أسوان، يقول إن اسم مار جرجس لم يطلق على واحد فقط، بل حمل الاسم ثلاثة هم: “مار جرجس المصري، ومار جرجس السكندري، ومار جرجس الروماني، ولكل منهم قصته، لكن أكثرهم تأثيرًا هو ما يحتفل بمولده في كل مكان هو مار جرجس الروماني.
عبد المسيح يضيف أن الاحتفال بمولد مار جرجس ليس مرتبطًا بميلاده أو استشهاده، بينما هو تذكار لبناء كنيسة مشهورة بمدينة اللد بفلسطين في 7 آتون أي 7 نوفمبر.
صاحب الـ7 ميتات
ويوضح كاهن الكنيسة أن مار جرجس كان يتمتع بقوة إيمان كبيرة واحتمل آلام كثيرة، حتى أطلق صاحب “الـ7 ميتات”، فقد قيد بالسلاسل ووضع على مسامير حديدية وشرب سمًا وفي النهاية قطعوا رأسه.
نعود إلى عبد العظيم الذي يقول إن دير دير مار جرجس بالرزيقات يرجع تاريخه إلى عام 184، حيث كان كنيسة صغيرة على رأس مقابر الأقباط بالمنطقة، أقيمت على بعد 500 متر من دير أثري قديم ما زالت أنقاضه باقية إلى الآن.
اقرأ أيضًا:
في الليلة الختامية لمولد السيدة زينب.. “يا رئيسة الديوان مدد”
صور| “العدرا حبايبها كتير”.. الليلة الختامية لـ”عيد العذراء” بـ”دُرنكة”
13 تعليقات