“يا أبو اللبايش يا قصب .. عندنا فرح واتنصب”.. بداية موسم الخير في الصعيد
يا أبو اللبايش يا قصب
حين كتب الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي أغنيته “يابو اللبايش ياقصب” التي لحنها الموسيقار بليغ حمدي، في فيلم “شيء من الخوف” من إنتاج عام 1969م، لم يكن من محض الصدفة، لكنه نقل في كلماته عادات وأفراح كانت وماتزال، تبدأ مع موسم الحصاد لمحصول القصب، الذي يمثل موسم خير للكثيرين في الصعيد.
<ياابو اللبايش ياقصب.. بشارة الخير>
تقول كلمات الأغنية << ياابو اللبايش يا قصب عندنا فرح واتنصب.. جابوا القميص على قدها نزلت تفرج عمها جال يا حلاوه شعرها تسلم عيون اللي خطب>>.. لتشير إلى ارتباط موسم الحصاد للقصب بالأفراح، فبداية كسر المحصول كان يمثل انطلاقة موسم الزواج، وماتزال هذه الأغنية حاضرة في أذهان القرويين يتغنون بها في أفراحهم ليس فقط مع بدء كسر المحصول ولكن في الأفراح الشعبية كذلك.
ويبدأ كسر القصب في شهر يناير من كل عام، وبموعد إعلان مصانع السكر موعد افتتاح الموسم، تسود الفرحة بين جميع المزارعين لأن هذا الموسم يُعرف بموسم الخير ليس فقط لدى مزارعي القصب، لكن على العمالة التي يتم تأجيرها لكسر ونقل المحصول أيضًا.
وتمتد زراعة قصب السكر من المنيا شمالًا وحتى محافظة أسوان في الجنوب، ويمثل بدء موسم كسر القصب أفراحًا شعبية، فيتغنى العاملون الذين يستيقظون من الفجر ويخرجون في جماعات لحقول القصب، يرددون الأغنيات الشعبية عن القصب والتي تحمل في طياتها بشارات الخير.
<القصب كسرناه عالمصنع رحلناه وعروسته السنة دي ياواد>
“زمان كان الزواج يتم مع موسم كسر القصب لأنه بييجي معاه الخير” هكذا يصف محمود خيري، 67 عامًا، ويعمل مزارعًا موسم حصاد القصب في الصعيد، متابعًا؛ “ينتظر المزارع الحصول على القيمة المادية من توريد القصب للمصنع، ليتم بعدها مراسم الزواج لابنه أو بنته”.
ولعل الأغنيات المأثورة عن السلف في القصب تشير إلى مكانة القصب في الموروث الشعبي في مصر وصعيدها، فإلى جانب “يابو اللبايش ياقصب”، جاءت الأنشودة “القصب كسرناه.. عالمصنع رحلناه.. وعريسنا ودخلناه وعروسته السنه دي ياواد”.
محصول الخير للجميع
يقول كمال عبد الحميد 71 عامًا، إن كسر القصب مكانش خير للمزارع بس، لكن كان خير على الفقير أيضًا، فكانت أرض المزارع تمثل مرعى لأغنام الجيران في القرية بعد كسر القصب، وكانوا يستخدمون “القلاويح” وهو الورق الأخضر الذي يزين أعواد القصب في طعام البهائم.
ويضيف أن من خيرات القصب، أنه كان قديمًا بعد انتهاء نقل المحصول إلى المصانع، وحرق قش المحصول في الأرض، كانت السيدات يقمن بجمع جذور القصب المحروقة في الأرض فكانت تمثل وقودًا تستخدمه السيدات في عمليات الطهي على نار “الكانون” أو يُستخدم للتدفئة في وقت الشتاء، لكن مع تطور الزمن اختفت هذه العادات مع انتشار الدفايات البوتاجاز، لكن القليل في القرى من يحتفظون بمثل هذه العادات، فيقومون بتخزينه لاحتياجه وقت حدوث أزمة في اسطوانات الغاز.