وثائق| هاني شكر الله يكتب: أفكار في مشروع تأسيس جريدة يومية لليسار (2)
ننشر هنا الجزء الثاني من الوثيقة الهامة التي كتبها الراحل هاني شكر الله للسياسة التحريرية لجريدة البديل، وهي الرؤية التي خصنا بها المثقف البارز سيد كراوية، وسبق أن نشرنا الجزء الأول منها من قبل.
القسم الثاني: أهداف ومبادئ وسياسة تحرير
الأهداف:
1- يمكن تعيين الهدف الأساسي والأكثر عمومية للجريدة في إبراز رؤية ومنظور اليسار بأوسع معانيه للواقع المحلي والإقليمي والعالمي. بما هي رؤية عقلانية وإنسانية اجتماعية وطبقية المحتوي والتوجه، ومنسجمة حتى النهاية في التزامها الديمقراطي. وهو ما يعني رفض كل صور القهر والاضطهاد السياسي أو الاجتماعي، قوميا كان أو اثنيا أو طبقيا أو دينيا أو مستندا إلى النوع الجنسي. محليا أو خارجيا عربيا أو أعجميا، على المستوى القومي أو العالمي.
2- تكتسب هذه الرؤية أهميتها ومغزاها النوعي من أنها تطرح في ظل الهيمنة الطاغية لكل من الليبرالية الجديدة من جهة. والتيار القومي الإسلامي من جهة أخرى. ومن ثم فهي تطرح منذ اللحظة الأولى في صراع وتنافس حاد مع كل منهما. ويمكننا أن نصوغ الهدف العام للجريدة بشكل أكثر خصوصية. باعتباره الإسهام في بلورة رأي عام أكثر استعدادا لاستقبال إمكانية التفتح على طريق ثالث. ديمقراطي حتى النهاية، يشكل بديلا نوعيا للتيارين المهيمنين.
3- لا ينبغي أن تحمل الجريدة مع ذلك بأكثر مما تحتمل. فهي لن تكون ولا ينبغي أن تكون لسان حال لحزب قائم أو مفترض أو أداة لتأسيسه. وليس من شأنها أن تشكل مخرجا من “أزمة اليسار” أو سبيلا لكسر “عزلته”. كما لن تكون في المحل الأول منبرا للحوار بين “فصائل” وتيارات اليسار المختلفة، فضلا عن توحيدها. وإنما يكمن المعيار الجوهري لنجاح الجريدة هو في حرث تربة بين الرأي العام أكثر خصوبة نسبيا وأكثر مواتاة بعض الشيء لاستقبال رؤى اليسار ونضالاته وللتفتح على إمكانية طريق جديد للتحرر. أما الباقي فيتوقف في الحقيقة على “شطارة اليسار عموما. بما في ذلك شطارته في الاستفادة من هذه التربة الأكثر ملاءمة إلى هذا الحد أو ذاك”. وذلك من خلال جملة من النضالات الفكرية والسياسية والجماهيرية والتنظيمية ستعني الجريدة بطبيعة الحال بمتابعتها وتغطيتها وتحليل مغزاها. لكنها لن تكون، وليس من شأنها أن تكون صانعة لها.
4- ما يمكن ويجب أن نطمح إليه من خلال هذه الجريدة هو أن تلعب دورا بارزا في الكشف الحي والغني بالمعلومات والتحليل والتجارب المعاشة. عن مكونات وخصائص الواقع المحلي والإقليمي والعالمي. وأن تقدمها للقارئ بأسلوب شائق ومبدع وخلاق. وأن تعلي من قيمة الحقيقة والعقلانية والمنظور العلماني للعالم وللحياة. وذلك في ضوء التزام عميق وحازم بمنطلقات جوهرية ديمقراطية وإنسانية ترفض كل أشكال الظلم والقهر والاضطهاد. وتضع الإنسان أفرادا وجماعات (موضع الصدارة، سواء من حيث المنظور العام أو من حيث أسلوب التناول.
5- الجريدة موجهة إلى الرأي العام القارئ والمطلع في مصر بصفة أساسية والعربي، فيما نأمل وبصورة متناسية تدريجيا. وخاصة إذا ما قمنا بتطوير موقعا متميزا على النت). اختيار الجريدة اليومية يفرض التوجه لاستقطاع قسم كبير نسبيا من دائرة القارئ المهتم أي قارئ الجرائد اليومية والأسبوعية الأساسية. وهي دائرة ضيقة في كل الأحوال بفعل الفقر المدقع للمجال السياسي في مصر. وانتشار الأمية والجدب الثقافي العام. فضلا عن الانحطاط العام للصحافة وافتقادها للمصداقية وتعود السوق على الإثارة الرخيصة. وهو ما لن ننافس فيه أصلي. ينتمي القارئ المستهدف إذن وفي المحل الأول إلى دائرة المثقفين تلك الدائرة التي تقرأ الأهرام والمصري اليوم على سبيل المثال. وهي ليست بالكبيرة كما أنها تنتمي أساسا للطبقة الوسطى. ولا يعنى الاعتراف بصعوبة توجيه الجريدة إلى جمهورها الطبيعي من بين الفئات العاملة والشعبية. حيث يتوقف ذلك في الحقيقة على انخراط تلك الفئات الموسع نسبيا في ميدان النضال السياسي والاجتماعي. وهو ما لم يحدث بعد. لا يعنى اعتراف كهذا التخلي تماما عن السعي لفتح جسور متنامية للتوزيع بين هذه الفئات. الأمر الذي يتوقف بدوره على مدى اهتمام الجريدة وإبداعها في تناول قضاياهم واهتماماتهم.
6- علينا إذن أن نطمح لبناء جريدة قادرة على المنافسة في اجتذاب القارئ المهتم من بين المثقفين. من خلال تقديم خدمة صحفية أكثر صدقا وإبداعا ورقيا وجرأة سياسية. وأكثر شمولا مما تقدمه له الصحف اليومية والأسبوعية القائمة. وأن نستهدف زيادة على ذلك توسيع متنام في قراء الجريدة من بين الفئات الشعبية. حيث يشكل التوجه الأخير هدفا في حد ذاته للجريدة. فضلا عن كونه ميزة نسبية يمتلكها اليسار ولا تتوفر في الجرائد الأخرى.
7- غني عن الذكر أن قابلية الجريدة لتغطية نفقاتها بل وتحقيق فائض متنامي. يمكن من تطوير ما تقدمه من خدمة صحفية وتأمين حياة كريمة للعاملين فيها، هو هدف حيوي يتوقف عليه استمرارها. كما أنه التحدي الأصعب من بين جملة التحديات التي نواجهها خاصة في ظل حدة المنافسة على سوق ضيق. وفي ظل ما يتسم به سوق الإعلان الصحفي من فساد وإفساد (يشمل صحف الدولة والمعارضة والخاصة).
فضلا عن التأثيرات العامة للطابع الأوليجاركي المتخلف للرأسمالية المصرية اتحاد الدولة والمال، وللنمو المترنح لاقتصادها. وليس ثمة من سبيل لمواجهة هذا التحدي غير العمل على انتزاع أكبر قدر ممكن من السوق التوزيعية المتاحة. بالإضافة للتوسع حزبا وكسبا لقطاعات جديدة من القراء، وهو ما من شأنه أن يفرض الجريدة فرضا على سوق الإعلان.
المبادئ:
- يمكن تكثيف المبادئ الجوهرية لليسار في أكثر صورها عمومية في عبارة واحدة هي: الديمقراطية المنسجمة حتى النهاية. فهذه العبارة تؤكد على الجوهر الديمقراطي والانساني للمشروع اليساري منذ قيامه. بقدر ما تنطوي على موقف نقدي عام من الميراث الاستبدادي فكرا وممارسة، في تجربة اليسار محليا وعالميا. كما يسمح اقرار الالتزام بموقف ورؤية ديمقراطية منسجمة باسهام ومشاركة ورؤي فكرية وتحريرية واسعة. وتعددية الطابع تنفي عن الجريدة أية طابع حزبي ضيق وتترفع عن محاولة عقيمة وعبثية للتوصل إلى اتفاقات أو توافقات أيديولوجية أو “خطية” كشرط للاسهام في الجريدة. فالديمقراطية المنسجمة جتى النهاية قد تعنى عند بعضنا تجاوز الرأسمالية والتفتح على آفاق اشتراكية. وقد تعني ما هو غير ذلك عند البعض الآخر، وتشمل في كل الأحوال جوهر مشروع اليسار في إطار الرأسمالية كما فيما بعدها. كما يجمع هذا الالتزام بين الوجهين الجوهريين لمفهوم الديمقراطية. أي بما هي ضمان الأوسع الحريات العامة وحقوق الإنسان. وبما هي ممارسة للحق في والقدرة على تقرير المصير لأوسع الناس. أي لحقهم وقدرتهم على الإخضاع المتنامي لجهاز الدولة ومؤسساتها على المستوي القومي ولمؤسسات وآليات النظام العالمي لاختياراتهم ولإرادتهم. وبهذا المعنى فان تأكيد الالتزام المنسجم بالديمقراطية يجمع بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، القومي والعالمي. ويعلي من قيمة البشر على حساب فتشية كل من الدولة والسوق.
- الحقيقة ثورية لتأكيد التزام الجريدة بالحقيقة وبتوخي أقصي الدقة والصدق في مادتها الصحفية. بكل أشكالها القصة الصحفية والتحقيق ومقال الرأي.. إلخ، أهمية بالغة في ظل واقع فكري وسياسي وسوق للصحافة غلب عليه الطابع الأيديولوجي والدعوي المبتذل (سواء عند صحافة الحكومة أو الحزبية أو الخاصة). تختلط فيه الحقائق بالخرافات وتسوده نزعة اللي” تكسب به إلعب به”. وينطلق من نظرة تنطوي على احتقار عميق للبشر. حيث هم موضوع للتلاعب أو الحشد أو للكبت أو الاثارة. أما نحن فننطلق من أهلية الناس للمعرفة ومن أولوية خبرتهم المعاشة ومن قدرتهم على الاختيار بأنفسهم.
- الالتزام بالتكافؤ بين البشر وبالعدالة الاجتماعية والتوزيعية مبدأ حاسم من مبادئ اليسار. وهو التجسيد الأهم لانتماءه الاجتماعي الجوهري والمنطلق الأخلاقي الأول لنقده للنظام الرأسمالي. ومن ثم لمشروعه التحرري، وذلك في عالم تسمح طاقته الإنتاجية القائمة بالفعل. وليست المحتملة ورغم التبديد والتدمير الهائل للثروات البشرية والطبيعية بتوفير حياة كريمة لكل من يقطن على وجه الأرض. ومع ذلك يموت الملايين جوعا وتحرم البلايين من البشر من أبسط مقومات الحياة الكريمة من مأكل وملبس ورعاية صحية وتعليم.. إلخ.. وينطوي الالتزام بهذا المبدأ على موقف نقدي حازم من الخطابات التنموية السائدة. سواء في صورتها المتطرفة المتمثلة في الليبرالية الجديدة أو في شتى صورها الأخرى. وكلها تقوم على فتشية السوق أو المستوى الاقتصادي بوجه عام، بوصفهما مقولات طبيعية خارجة عن الارادة الواعية للبشر، تتحكم فيهم ولا يتحكمون فيها.
- الالتزام بالعقلانية وبالعلمانية التزاما لا يقبل المساومة أو التهاون. وهو ما يكتسب بدوره أهمية حاسمة في ظل الصعود المتواصل لخطاب أيديولوجي ديني مغرق في رجعيته وتخلفه وإنكاره للعقل وللعقلانية. وفي ظل الصعود المتنامي لتيار الإسلام السياسي دون مقاومة فكرية أو سياسية تذكر. وحيث يشكل تحقيق هذا الالتزام من خلال المادة الصحفية للجريدة واحد من أهم أدوارها المطلوبة.
- كما أن هناك أهمية خاصة لتأكيد الالتزام بحرية العقيدة وبحقوق الأقليات الدينية. وفي مقدمتها في مصر حقوق الأقلية القبطية وبرفض حاسم لكل صور التمييز والاضطهاد. الذي تتعرض له بما في ذلك ما تتعرض له الهوية الوطنية المصرية من إعادة صياغة دينية تستبعد الأقباط وتسقط عنهم صفة المواطنة من الناحية الفعلية.
- الالتزام بحقوق الإنسان وبالحريات الأساسية وبالكرامة المتأصلة في البشر وبرفض كل صور الاستبداد السياسي والقهر البوليسي. هو أيضا التزاما جوهريا لا يقبل المساومة أو التنازل بأي زريعة من الزرائع من نوع المصلحة الوطنية أو القومية أو غيرها من الاعتبارات. وهو ما يتضمن رفض التوظيف السياسي والكيل بمكيالين أو عشرة. في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية بصرف النظر عن هوية المنتهكة حقوقهم أو مرتكبي الانتهاكات.
- كما أن هناك أهمية خاصة لإبراز موقف منسجم من تحرر المرأة والالتزام بالتكافؤ التام بينها وبين الرجل. وذلك في ظل هجوم شامل ومتصاعد من الفكر الديني بوجه عام. وتيار الإسلام السياسي بوجه خاص اختص المرأة كموضوع لتوطيد هيمنته الأيديولوجية والسياسية والثقافية. وكرمز معنوي وفيزيقي لتحقق تلك الهيمنة.
- الالتزام بموقف إنساني وعالمي وأممي النزعة يكتسب أيضا أهمية بالغة. في مرحلة تاريخية يدفع بالعرب والمسملين فيها دفعا نحو صدام – حضارات قوامه الجهل والعنصرية والهمجية على جبهتيه. ويعاد في إطاره صياغة وعي و هوية المصريين والعرب والمسلمين عموما. مختذلة في أكثر عناصرها شوفينية وجهلا وتخلفا وغيبية. الأمر الذي يصوغ أحد المهام الكبرى لليسار بوصفها الصدام مع صدام الحضارات وطرح قضايا النضال ضد القهر الاستعماري والعولمة الرأسمالية. من منظور إنساني وأممي يقوم علي نقد حاسم للهويات الكلية الثابتة والمصمتة ويؤكد وحدة الحضارة البشرية.
- قضية فلسطين تحتل موقعا جوهريا في وجدان الشعب المصري والشعوب العربية. وتشكل محورا أساسيا في نضالهم من أجل التحرر. وفي هذا الصدد تلتزم الجريدة بموقف يرفض كل مساومة على الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني في التحرر الوطني الناجز. وذلك في إطار منظور إنساني وعقلاني وديمقراطي منسجم يرفض الصياغة الدينية والعنصرية والقومجية للقضية الفلسطينية. بقدر ما يرفض النزعة الواقعية الاستسلامية. ويرفض كل نزعات العداء لليهود وإنكار ما عانوه من اضطهاد، ويعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني بوصفه جوهر قضية التحرر الوطني الفلسطيني وهدفها. وهو الأمر الذي يكتسب أهمية بالغة في ظل الميراث القومي والخطاب الإسلامي الصاعد. وكلاهما أخضع التحرر الوطني للشعب الفلسطيني ويخضعه لاعتبارات المصالح العليا للأمة عربية كانت أم إسلامية. وهو ما يحول القضية الفلسطينية إلى موضوع للهيمنة في الداخل العربي وللهزائم المتواصلة في مواجهة الدولة الصهيونية وحلفاءها الإمبرياليين.
- الالتزام برفض كافة الأشكال الأخرى للقهر الإمبريالي في المنطقة العربية. وفي مقدمتها الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق. ويشمل أيضا رفض المشروع الإمبراطوري العسكري الأمريكي الراهن في مختلف تحققاته في المنطقة وفي أنحاء العالم. كما يشتمل على موقف نقدي حاسم من العولمة الرأسمالية، التأكيد مرة أخرى على الطابع العقلاني والإنساني أممي النزعة لهذه المواقف. وهو ما ينأي بها عن التأييد الديماجوجي لكل “مقاومة” ويؤكد في كل مناسبة علي الجوهر الديمقراطي والإنساني المنسجم لرؤية وموقف ومخرج اليسار في مختلف قضايا المواجهة مع الإمبريالية.
ملامح أساسية لسياسة التحرير
سياسة التحرير تعني أولا وقبل كل شئ بشخصية الجريدة. فهي لا تقدم وصفات جاهزة لنوع المادة الصحفية المنشورة بها ولا يستنتج منها بشكل الي تصميم تفصيلي لأبوابها أو لاشكال توضيبها.. إلخ. وهذه كلها تظل موضوعا للتطوير والتغيير المستمر. مع استمرار الجريدة في المحافظة على شخصيتها. القضية الأساسية المطروحة عند نقاش سياسة التحرير هي التوجهات الصحفية الأساسية للجريدة. وهي ليست نفسها بطبيعة الحال التوجهات الفكرية والسياسية التي تشملها الأهداف والمبادئ المتوافق عليها بين المؤسسين. وإنما ترمي سياسة التحرير في المحل الأول إلى ترجمة تلك الأهداف والمبادئ إلى لغة الصحافة. أي إلى شكل ملموس له قوانينه وآلياته الخاصة هو في حالتنا الجريدة اليومية موضوعية الطابع. فنحن معنيون عند الحديث عن سياسة التحرير بالتوجه الصحفي العام للجريدة وليس بكل تفصيلة في تحريرها وسأعرض فيما يلي لعدد من الاعتبارات الأساسية الضروري مراعاتها ونحن نصوغ شخصية الجريدة:
- السؤال الأول عند الحديث عن سياسة التحرير هو: ما هو الشكل الأمثل لجريدة يومية تلك هي رسالتها ومبادئها؟ الإجابة لا تسنتج مباشرة من المحتوى. وإنما تقتضي أعمال للخيال وقدر كبير من الإبداع وتجريب وتطوير مستمر. فالجريدة التي نطمح لتأسيسها لا يمكن ولا ينبغي أن تكون مجرد طبعة يسارية المحتوي من الأهرام أو المصري اليوم أو الوفد. وذلك رغم اشتراكها معها كلها في مجموعة من الخصائص المميزة لشكل الجريدة اليومية. والمقصود بالشكل هنا هو كل جوانب العمل الصحفي. من أسلوب في التناول والمعالجة وتحديد لمجالات الاهتمام ولأولوياتها (ماذا) نهتم بتغطيته وكيف؟ ومن اختيارات متعلقة بالأوزان النسبية للمجالات المختلفة وتوزيعها على صفحات الجريدة وأشكال تبويبها. واختيارات أخرى تتعلق بالشكل الجمالي للجريدة. بما في ذلك كيفية استخدام الصورة والرسم والكاريكاتير والرسوم الإيضاحية، إلخ..
- سؤال ثاني يطرح نفسه على سياسة التحرير هو ذلك المتعلق بالتوزيع في سوق صحفي بالغ الضيق. وهو يطرح نفسه في صورة تحديين كبيرين، أولهما هو اقتطاع قسما كبيرا نسبيا من ذلك السوق الضيق. والثاني هو العمل علي اجتذاب قراء جدد من خارج الدائرة المحدودة لقراء الصحف. ولا أعتقد أن التوجه اليساري للجريدة يقدم حلا لهذه المعضلة. وهو ما قد يصح إذا كنا بصدد حركة جماهيرية عرمرم يقودها اليسار، نصدر الجريدة تلبية لاحتياجاتها. تحدي التوزيع يفرض علينا تمايزا ساطعا عن القائم والمتاح. بحيث نطرح أنفسنا على القارئ منذ اللحظة الأولى كظاهرة جديدة تماما في عالم الصحافة في مصر. كجريدة لا غني عنها – هذا، خاصة وأننا قد اخترنا ألا تنخرط في سوق الصياح والإثارة المبتذلة وهي متشبعة حتى الثمالة على أية حال.
- اجتذاب قراء جدد (كهدف في حد ذاته يتصل برسالة الجريدة وكميزة نسبية لليسار). يقتضي منا التدبر وأعمال الخيال في ابتداع الأشكال التحريرية الملائمة لخلق علاقة وحوار مع قطاعات جديدة من القراء المحتملين. وهو ما يقتضي أيضا وفي المحل الأول ألا نقتصر على تناول قضايا “الأمة” و”الشعب” بشكل عام أو على مخاطبة الرأي العام ككل. (وكلها معني بها دائرة “مثقفي” الطبقة الوسطي). أي أن علينا أن نصوغ سياسة تحريرية تجسد بأشكال خلاقة ومبدعة رؤية اجتماعية حقا وديمقراطية فعلا. رؤية لا تنظر إلى الناس أو الشعب أو الجماهير ككل مصمت موحد المصالح (متجسد ومعبر عنه في مزاج ووعي مثقفي الطبقة الوسطى وإنما بوصفها مجموعة شديدة التنوع من الفئات الاجتماعية والمصالح والرؤي. تحفل بالتقاطعات كما تحفل بالتضارب والتناقضات ليس بين الفئات المختلفة فحسب. ولكن وبين المواقع الاجتماعية المختلفة التي يحتلها الشخص نفسه. فالعامل على سبيل المثال هو في الوقت نفسه منتج ومستهلك ورجل أو أمرأة. وموظف في شركة معينة وساكن لحي شعبي أو عشوائي. فضلا عن كونه مسلم أو مسيحي وصعيدي أو بحري، إلخ..). وباختصار علينا أن نبدع في صياغة سياسة تحريرية تفتح إمكانات بناء جسور من الحوار مع فئات وجماعات اجتماعية بعينها. ومع المواقع الاجتماعية المتنوعة والمتعدد التي يشغلونها. وهو حوار يشمل التفاعل مع هذه الفئات في قراءة خبرتها اليومية المعاشة. وفي تعميمها واستخلاص نتائجها الأهم. كما يشمل أيضا انتقادها ودعوتها للانسجام.
- علينا أن نتدبر أيضا ونعمل خيالنا في صياغة سياسة تحريرية تحقق أقصى استفادة ممكنة. وأقصى تحقيق ممكن لما يمتلكه اليسار رغم كل مشاكله من إمكانات وملكات بالغة التنوع والثراء. خبرة صحافة اليسار حتي يومنا هذا تكشف للأسف عن نزوع استبعادي وانفرادي اختذل مخزون الخبرة والمعرفة بين صفوف اليسار إلى أبسط قواسمه المشتركة وأكثرها فقرا وإفقارا. وفصل بين ذلك المخزون وبين العمل الصحفي الحي. ليقصره في أحسن الأحوال علي مقالات رأي أكاديمية الطابع لا يقرأها إلا قلة قليلة من الناس. وفي أسوأها على مجموعة من الاقتباسات منزوعة السياق في موضوعات صحفية عادة ما تتسم بالبلادة. تحدي الجريدة اليومية بكل طموحه يطرح علينا ابتداع صيغ تنظيمية وتحريرية مرنة وطموحة وخلاقة. تمكن من الاستناد إلى ذلك المخزون المعرفي في توجيه العمل الصحفي وفي صياغة أولوياته ومجالات اهتمامه. وفي إثراء وتنويع المادة الصحفية وفي بناء صحفيين متخصصين.
- كما أن انطلاق الجريدة من على أرض اليسار يقدم لها أيضا شبكة جاهزة من “المراسلين” إذا جاز التعبير. متسعة اتساع وجود اليسار جغرافيا ومجاليا. وذلك في ميزة نسبية بالغة الأهمية قلما تتمتع بها جريدة ناشئة. فنحن ننطلق من على أرض شبكة محتملة تمتد من أسوان الى الإسكندرية. وتشمل صلات متشعبة بمجالات متعددة وشديدة التنوع من صحة وتعليم ومؤسسات أكاديمية وحركة عمالية وتجمعات سكانية. وحركات مرأة وشباب وطلاب وحقوق إنسان وتجمعات ثقافية ومنظمات مجتمع مدني ونقابات وتجمعات نقابية. فضلا عن الوجود المتميز جدا لليسار بين دوائر الكتاب والفنانين والسينمائيين. ومرة أخرى يكمن التحدي الذي تواجهه سياسة التحرير في هذا المجال في ابتداع الصيغ التنظيمية والتحريرية المناسبة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الشبكة. من خلال بناء علاقات تفاعلية حية بين الجريدة وبينها وصياغة آليات استجابة إيجابية وفعالة وسريعة لما يمكن أن توفره تلك الشبكة من الصلات من معلومات ولفيض من الأفكار الخلاقة لقصص صحفية. بل وعلينا أن نعمل على تدريب مجموعات دائمة التوسع من الصحفيين الحفاة. لا يمتهنون الصحافة ولكن مؤهلون كل في مجاله للقيام بأنواع مختلفة من العمل الصحفي. وفي هذا الاعتبار كما في الاعتبار السابق علينا أن نجحد ميراث الاستبعاد تحت دعوى المهنية. وهو لم يسفر في الحقيقة إلا عن إفقار للعمل الصحفي دون أن يكشف عن مستويات مهنية متميزة بأي حال من الأحوال.
- ويكتسب السابق مغزي خاص بالغ الأهمية إذا ما وضعنا في الاعتبار ملمح آخر من ملامح سياسة التحرير أعتقده حيويا تماما وأساسا جوهريا لتمايز جريدتنا شكلا ومحتوى. ألا وهو ضرورة النفاذ إلى ما وراء سطح الحياة السياسية وإلى ما هو أبعد كثيرا من أخبار “المانشيتات”. وذلك في ضوء جملة من الاعتبارات بالغة الأهمية. فسطح الحياة السياسية في مصر كما نعرف جميعا – فقير مدقع في فقره من ناحية المضمون. ومحدود شديد المحدودية من ناحية المساحة المجتمعية التي يشملها. بحيث يمكننا أن نقول دون أدني مبالغة أن أهم ما في قصة المصريين أو بالأحرى قصصهم يقع خارج تلك الدائرة الضيقة والمنعزلة والمحاصرة بأسوار الاستبداد البوليسي من جهة. وبزهو فئة الأفندية بنفسها وولعها بالدوران المتواصل حول ذاتها من جهة أخرى. ويتفق هذا التوجه في الحقيقة مع أبرز ما يميز الصحافة الحديثة في البلدان الديمقراطية نفسها. وقد أدركت أن الخبر لم يعد ميزة نسبية بارزة للصحافة المطبوعة. وأخذت تبدي اهتماما متزايدا بالقصص التي لا تروي عادة. كما عملت على إزالة الحواجز بين الكتابة الصحفية والكتابة الأدبية. وعلى إبراز الوجه البشري للحدث لتضفي على القصة الصحفية طابع رواية قصص أناس محددين. ولتجعل من قصص هؤلاء الناس مدخلا لتناول القصة الأشمل والحدث الأبرز. سواء تمثل ذلك في قصف مدفعي لسوق أو في إجراء اقتصادي دفع بعشرات الآلاف إلى الفاقة.
- في هذا الصدد علينا أن نبدع في صياغة سياسة تحرير تطمح إلى بناء علاقة تفاعلية حية مع قارئ الجريدة المنتظم. وقد عبر رئيس تحرير جريدة الجارديان في لقاء أتيح لي حضوره عن هذا التوجه الجديد في الصحافة. بعبارة بناء مجتمع قراء الجريدة ويقوم هذا التوجه على ما سبق قوله أعلاه ومن نتائج تبنيه أن يجد قراء الجريدة أنفسهم في صفحاتها من خلال قصص مشابهة ومماثلة لقصصهم. كما يقوم على استخدام مبدع للتكنولوجيا الحديثة وبالتحديد الإنترنت. وقد باتت تسمح بتأسيس علاقة تفاعل حي غير مسبوقة بين الإصدار وبين قراءه عبر الشبكة. وفي هذا الصدد علينا أن نتدبر جيدا في أمر موقع الجريدة على النت. وأن نعمل على تصميمه وإدارته بشكل خلاق ومبدع يقوم به طاقم من المهوبين في هذا المجال والمطلعين على أرقى الخبرات العالمية فيه. يعملون على ألا يختذل الموقع إلى مجرد نسخة إلكترونية من الجريدة المطبوعة (وهو حال معظم مواقع الجرائد العربية على النت). ولكن أن يصبح مجالا خلاقا وحيويا لتكوين مجتمع الجريدة وللتفاعل والحوار بين الجريدة وقراءها وبينهم وبعضهم البعض. وغني عن الذكر أن موقع الجريدة على النت هو أقصر الطرق وأوفرها للانفتاح على قارئ اللغة العربية في المنطقة العربية وفي العالم. كما يمكنه حال تطويره وحسن استخدامه أن يشكل مصدرا هاما للدخل، ولو بعد حين. وذلك في عصر يجمع فيه خبراء الصحافة والإعلام على أن الويب قد بات يشكل مستقبل الصحافة. كما يؤكد العاملون في الميدان الصحفي في أوروبا والولايات المتحدة على أن سوق الإعلان يتجه حثيثا من الصحافة المطبوعة نحو صحافة النت. صحيح أن المعلن المصري متخلف للغاية في هذا الميدان. خاصة أن أكثر المعلنين المصريين معنيين أساسا بالسوق الداخلي. ولكن يبقى أن المحك الأول للإعلان في الصحافة الإلكترونية هو حجم الدخول على الموقع (وهو ما لا يمكن تذويره) وطبيعة القراء وتوزيعهم اجتماعيا وجغرافيا. وهذا في نهاية المطاف هو جل ما تهتم به الشركات الكبرى ومتعددة القومية. ويكفي في هذا الصدد أن نذكر خبرا عن شخصا منفردا تمكن من بيع البلوج الخاص به بعشرين مليون دولارا، وذلك بعد عامين من تأسيسه. وذلك للشعبية الكبيرة التي تمتع بها البلوج هذا ويمكن في المستقبل غير البعيد أن نعمل على تأسيس نسخة إلكترونية مترجمة باللغة الإنجليزية توسيعا لدائرة قراء الموقع). ونضيف أن الاهتمام بموقع الجريدة الإلكتروني والتعامل معه من المنظور السابق شرحه من شأنه أن ينعكس بدوره على ملامح سياسة التحرير في النسخة المطبوعة نفسها (توجيه اهتمام خاص للاحتياجات الصحفية للشباب على سبيل المثال. وهم يشكلون الأغلبية الساحقة من مرتادي المواقع الإلكترونية. كما أنه أقصر الطرق لطرق مجال الميديا المتعددة لنجمع بين الكتابة والصورة والموضوع الصحفي المذاع أو المصور بالفيديو، والفيلم التسجيلي القصير.
- علينا أن نراعي أيضا أن تكون تغطيتنا العربية والدولية شديدة التمايز. بما يعكس رسالة الجريدة بأفضل الصور كما يؤكد جدتها وتمايزها عن القائم. والاعتبار الأهم في هذا المجال هو أن لا نكتفي بعنواين الأخبار من نوع أولمرت ينذر بحل من جانب واحد “أو سقوط عشرات القتلى والجرحى في عملية ما في العراق”. نريدها أيضا تغطية حية تنفذ ألى ما وراء الأخبار التي تتداولها وكالات الأنباء. وتستند إلى شبكة نبنيها من المراسلين نستفيد في بناءها من شبكة علاقات اليسار إقليميا وعالميا. نريدها تغطية حية تبرز الوجه الإنساني للأحداث وتربطها بسياقاتها الأعم وتكشف بعشرات الصور الملموسة عن قبح ولا عقلانية العولمة الرأسمالية والمشروع الإمبراطوري الأمريكي. وذلك دون طنطنة أو هتافات أو تعالم ممل. ومن الواجب أن تحتل القضية الفلسطينية بالذات مساحة خاصة وبارزة في تغطيتنا العربية والدولية. نسعي من خلالها إلى إعادة الشعب الفلسطيني، معاناته اليومية وصموده ونضاله إلى موقع الصدارة. وذلك بعد أن طمسه القوميين والإسلاميين والليبراليين كل بطريقته. ولأسباب تتعلق باعتبارات هيمنته الداخلية وعلاقاته الدولية. مخضعين قضية التحرر الوطني الفلسطيني للمصالح العليا للأمة العربية أو الإسلامية موضوع للاستخدام على طريقة صدام حسين أو أيمن الظواهري (التعبئة ضد العدو البعيد). بهدف تحقيق الهيمنة في مواجهة “العدو القريب”. أو “حسني مبارك مصر مفتاح الاستقرار في المنطقة”. وعلى تغطيتنا الفلسطينية أيضا أن تعني عناية كبيرة بالنقاش حول إستراتيجية وتكتيك النضال الوطني الفلسطيني. وأن تعمل على إبراز مساعي خلق بديل ثالث لاستقطاب السلطة الفلسطيني التيار الإسلامي. كما أن على تغطيتنا العربية والدولية أن تتسق مع صدامنا من “صدام الحضارات”. ليس فقط من خلال تناول مختلف عقلاني وإنساني النزعة للقضايا والأحداث الكبرى. ولكن أيضا من خلال إبراز الأصوات المعارضة للقهر الإمبريالي في الدول الإمبريالية وفي داخل إسرائيل. ومن خلال التغطية الحية لنضالات ونماذج ديمقراطية وإنسانية وتقدمية للنضال ضد العولمة الرأسمالية (بالذات أمريكا اللاتينية وشرق آسيا). وغني عن الذكر أن الوفاء بهذه المهمات سيقتضي تأسيس طاقم كفؤ وفعال من المترجمين. وأن نجمع بین نشر مقالات كتبت خصيصا للجريدة ومقالات أخرى سبق نشرها أو يتفق على نشرها في التوقيت نفسه.
- علينا ان نتبدر جيدا في صياغة وإدارة صفحات الرأي في الجريدة. وفي هذا الصدد ينبغى أن نطمح إلى إنشاءها كمنبر بارز لحوار فكري عربي على أرقى مستوى يسعى لتحقيق تجاوز حقيقي لحوار الطرشان القائم منذ سنوات. وانتشال الصراع الفكري العربي من طغيان أكثر أطرافه ديماجوجية و ابتذالا، وتفاهة والتفتح على كل ما هو جديد ومبدع في الفكر العالمي. وخلق مساحة لنقد شامل وحي ومنضبط لمختلف أوجه الفكر السائد والموروث في البني الأيديولوجية والثقافية العربية القائمة. يتجاوز دينامية “الكفر والإيمان” ويخضع كل ما هو شائع ومفترض سلفا أو محاط بالتقديس لسلاح النقد. وذلك بهدف تحقيق إسهام بارز في بلورة منظور جديد ديموقراطي حقا وإنساني حقا وعقلاني حقا. يمكنه أن يتحدى الهيمنة الطاغية لكل من المنظورين السائدين الليبرالي والقومي الإسلامي.
- هنالك اعتبار آخر بالغ الأهمية في توجهنا التحريري وهو الماثل في إعادة امتلاك مفهوم التراث. وذلك بعد أن اختزل في الدين واختزل الدين في الإسلام. واختزل الإسلام أكثر قراءاته جمودا ورجعية وتخلفا وإلغاءا للعقل. يجب أن نعمل على أن نستعيد لمفهوم التراث العربي والإسلامي والمصري ثراءه وتعقيده وحيويته. لا من خلال نقد الفكر الديني السائد فحسب. ولكن من خلال إبراز التنوع الهائل في الموروث الثقافي والعقلي والوجداني للشعب المصري والشعوب العربية. سواء في الفكر الديني نفسه (المعتزلة، المتصوفة القرامطة ابن رشد إلخ. فضلا عن التراث المسيحي المصري والعربي. أو في شتى المصادر غير الدينية من ألف ليلة وليلة والسيرة الهلالية. وحتي بيرم التونسي والأبنودي ومحمود درويش وأم كلثوم ويوسف إدريس ويحي حقي وعبدالحليم حافظ. بل وجمال عبدالناصر. وفي الحقيقة فإن أي نظرة سريعة على الإنتاج الفكري والثقافي المصري والعربي خلال القرن الماضي تكشف عن أن اليسار (بأوسع معانيه) قد قدم أهم حفظة للتراث الإسلامي والعربي والمصري، الديني وغير الديني. علينا أن نسعى لخلق منبر يسمح بتطوير وبلورة هذا المفهوم للتراث بصورة عينية (أي من خلال استعراضه وإحياءه وتناوله وليس بالمحاضرة حول أهميته). وذلك بصور شيقة ومبدعة تكفل إتاحته لأوسع القراء.
- علينا أيضا التدبر جيدا في طبيعة الصفحات الثقافية بالجريدة وأشكال إدارتها. نمتلك ميزة نسبية محتملة بالغة الأهمية في هذا المجال، والتحدي هو ابتداع أفضل الأشكال لتحققها بأغنى وأسع الأشكال وأكثرها جذبا للقراء وإمتاعا لهم التحدي الأبرز في هذا المجال تعبوي الطابع. فهنالك عددا ليس قليلا من الإصدارات الثقافية يدور أكثرها إن لم يكن كلها في الدائرة الأوسع لليسار. وهو ما يطرح علينا التدبر جيدا في صياغة خصوصية الصفحات الثقافية لجريدة يومية غير متخصصة. وفي التمكن من استعراض أرقى وأغنى ما في الحياة الثقافية المصرية والعربية وأن نجعله متاحا دون تبسيط مخل وممتعا دون ابتذال.
- لا نريدها جريدة ثقيلة الدم. الجريدة اليومية مطالبة من حيث طبيعتها بإمتاع القارئ وتسليته بل وتقديم جملة من الخدمات الإعلامية المفيدة له في حياته اليومية. علينا أن نبدع كثيرا في هذا الجانب، وهو لا يزال فقيرا ويميل إلى الابتذال في أكثر الصحف المصرية. الصورة شبه العارية الفضائح الجنسية، الجريمة في أسوأ الأحوال والكلمات المتقاطعة في أحسنها، إلخ. رغم أن الصحافة الغربية المتميزة تقدم فيه نماذج مبهرة. دراسة مثل هذه النماذج والتأمل فيها والإبداع في الاستفادة منها وتطويعها. بهدف خلق أقسام للإمتاع والتسلية والخدمات الإعلامية في أوسع مجالات الحياة اليومية للناس من شأنه أن يشكل واحد من أهم مجالات توسيع دائرة توزيع الجريدة وكسب القراء. وذلك في الوقت نفسه الذي يتسق فيه مع رسالتها الهادفة إلى إثراء الحياة الاجتماعية والثقافية. والمساهمة في خلق ذوق جمالي وقيم ثقافية واجتماعية تحتفل بالحياة وتنشد السعادة والبهجة. وذلك في مواجهة القبح والكآبة وتقديس الخرافة والاحتفال بالموت. وهي التي باتت تشكل الموقف السائد في حياتنا الثقافية والاجتماعية الراهنة.
اقرأ أيضا:
هالة شكر الله تكتب: أخي العنيد، الصامت، المتأمل
أميرة هويدي تكتب: مديري هاني شكر الله
باسل رمسيس يكتب: هاني شكر الله بين لحظتين
رندا شعث تكتب: كانت فلسطين دائما في قلبه
خالد جويلى يكتب: طرف من خبر بدايات «هاني»
نادر أندراوس يكتب: «النقد اللاذع لكل ما هو موجود».. الماركسية الممتعة لدى هاني شكر الله
عزة كامل تكتب: 7 مشاهد من حياة هاني شكر الله
أكرم ألفي يكتب: السير على الخط الرفيع
كمال عباس يكتب: أسئلة معلقة إلى «هاني»
لينا الورداني تكتب: هاني شكر الله الحاضر دائما
من السهل أن تكون صحفيا ولكن من الصعب أن تكون هاني شكر الله
وثائق| هاني شكر الله يكتب: أفكار في مشروع تأسيس جريدة يومية لليسار(1)