نيجاتيف| تعرف على أول “طبيب صحة” في دشنا
آل فرج الله بعزازية دشنا هم أول من مارسوا الطب التكميلي “البديل”، في مركز دشنا، إذ كان جدهم الأكبر فرج الله، أول طبيب في دشنا ذاع صيته في القرن الماضي.
يقول عبد المنعم أبو الحسن فرج من مواليد 1938، أحد أحفاد فرج الله، منزل جدي كان أول مكتب صحة في دشنا، وقد اختير ليكون مسؤولا عن تسجيل المواليد والوفيات، قبل إنشاء المستشفى الأميري عام 1932، كما كانت جدتي تحتفظ ببعض السجلات لبعض المواليد والوفيات، لكن مع الأسف ضاعت جميعًا.
بين سوريا ودشنا
يسرح أبو الحسن قليلًا، ثم يقول: أخبرني جدي أن جدهم الأكبر فرج الله تعلم الطب البديل على يد طبيب سوري، حضر من مدينة حمراو في عام 1860، وتتلمذ فرج الله على يده وعرف أسرار الطب البديل وتداول الأعشاب، ثم سافر معه إلى الشام لمدة اقتربت من الـ5 سنوات، وكان يساعده في علاج المرضى، وتحضير العلاج والأدوية حتى اعتمد عليه واعتبره مساعده الأول.
ويتابع أبوالحسن أن الطبيب السوري تمسك بجده فرج الله ورفض عودته إلى وطنه مصر، وكان في كل مرة يطلب منه جدي أن يعود إلى مصر يرفض، حتى جاء يوم هدده جدي فرج الله بالانتحار وقطع شرايينه، من أجل الضغط عليه ليعود إلى وطنه، حينها أجبر الطبيب السوري على الرضوخ لطلبه وتركه ليعود إلى وطنه.
يسرد أبو الحسن بعد عودة جدي إلى مدينة دشنا اعتمدته الدولة آنذاك كأول حكيم صحة في دشنا، وكان مسؤولا عن تسجيل المواليد والوفيات في سجلات كبيرة، والتي انتهى العمل بها بعد إنشاء المستشفى الأميري في عام 1932.
عملية جراحية
يتابع أبوالحسن توفى جدي فرج الله في الخمسينيات، وبطبيعة الحال ورث والدي أبوالحسن عنه أسرار العلاج والطب وكان يصر أن يصحبني معه في زيارات المرضى حتى أتعلم الطب.
وأذكر واقعة حدثت في أوائل السبعينيات حين حضر أحد الأشخاص من عزازية دشنا في ساعة متأخرة من الليل إلى منزلنا، وقد وضع شقيقه على ظهر حمار، وحين خرجتُ قال لي “الحق اخويا بطنه مفتوحة وحيموت”، وعلى الفور ناديت والدي، الذي عاين الحالة وأدرك أن الثور عقر بطن الشاب وأحدث فتحة طولها نحو 10 سنتيمترات.
يتابع أبوالحسن على الفور تبدل حال أبي ليصرخ في قائلا: “أحضر الحقيبة وعقم الأدوات”، وبينما كنت أعقم الأدوات كان والدي يطهر الجرح واضطر والدي أن يستخدم إبرة خياطة وخيط عادي لخياطة الجرح لعدم توافر الأدوات في ذلك الوقت المتأخر، لينقذ حياة المصاب.
يقول أبوالحسن “هذا الشخص ما زال على قيد الحياة وبصحة جيدة وكلما قابلني يداعبني بقوله “أبوك أنقذ حياتي من طعنة الثور”.
أول ممرض
أبوالحسن يضيف أنه ورث عن جده وأبيه أسرار الطب التكميلي، وطرق العلاج، لكنه فضل أن يضيف عليهما الخبرة العلمية فالتحق في السبعينيات بدورة تابعة لوزارة الصحة لتخريج الممرضين، واجتازها بنجاح، حصل بعدها على رخصة مزاولة التمريض، ليكون أول “تمرجي” برخصة بدشنا.
عبن أبوالحسن في شركة الألومنيوم بنجع حمادي، مساعدا لطبيب الشركة، واستمر بعمله ذاك إلى أن خرج إلى المعاش عام 1998.
وصفات بديلة
ويشير إلى أنه رغم تعلمه أساليب العلاج الحديثة ومعرفته بالأدوية، إلا أنه ما زال يحفظ بعض أساليب العلاج الشعبي أو الطب البديل، التي وصلت إليه عن طريق جده وأبيه، ومنها طرق علاج قرحة الفراش، من خلال تجفيف قشر الرمان ثم تحميصه على النار ثم طحنه، ثم يضاف إليه زيت الزيتون، ويخلطوا جيدًا، ليصبحوا مثل الدهان، ويوضعوا في مكان القرحة، بعد تنظيف المكان والفراش والملبس.
يضيف أن الوصفات الشهيرة التي وصلت إليه من جده علاج سقوط الحمل المتكرر وهي وصفة بلدية مكونة من البندق المطحون يضاف إليه سكر ناعم، ويتم خلطهم معا وتتناول المرأة ملعقة من الخليط على الريق يوميًا لمدة 15 يومًا، بعد انتهاء الدورة الشهرية.
من القصص الطريفة التي يروي أبو الحسن أنها حدثت في أيام جده أحمد فرج الله، أن سيدة جاءت إليه قادمة من سوهاج عام 1967، وكانت مصابة بالعمى المؤقت، حزنًا على استشهاد اثنين من أبنائها في الحرب، وقام جده بعلاجها بنظام غذائي معين لمدة 40 يومًا وشفيت وعاد إليها بصرها.
يضحك أبو الحسن قائلا بعدها حضرت السيدة إلى منزلنا بالزغاريد والهدايا الكثيرة فرحًا بعودة بصرها، وكان لهذه الحادث الفضل في أن ذاع صيت جدي وعائلة فرج الله بأنهم أطباء البلدة.
*الصور “أبيض وأسود” من الأرشيف الخاص بعبد المنعم أبو الحسن فرج الله.