نقص الخيال والتكلفة يحرمان دراما رمضان من الفوازير

في “ألف ليلة وليلة”؛ “حاجات ومحتاجات”، على اسمها، تقدر تقول ما شاء. وتسافر في كل الدنيا؛ لتطارد “أم العريف”؛ التي تأسرك بسحرها، وتأخذك في رحلة لمقابلة “الخاطبة”، و”الأميرة وردشان وماندو”.
وتظل “ألف ليلة وليلة” مليئة بالأسرار والحكايات، ولكن يبقى الوجدان مكسورًا؛ لأن حبيبته ليس لها أرض أو عنوان، فما يزال البحث جاريًا عن حبيب للفوازير، ليأخذها إلى مجدها السابق. فمع بداية الألفية الثانية فقدت الفوازير بريقها ومجدها السابق.
هنا البداية
رغم أن الفوازير كانت وليدة للإذاعة المصرية، وتحديدًا مع الإعلامية آمال فهمي عام 1955. وجاءت فكرة فوازير آمال فهمي باستضافة فنانين مشهورين؛ ليناقشوا قضايا مختلفة عن تخصصاتهم، وعلى المشاهدين التعرف على اسم الضيف. وتعاونت آمال في الفوازير مع الشعراء؛ بيرم التونسي، صلاح جاهين، جمال بخيت، بهاء جاهين.
الفوازير في التلفزيون
وبعد النجاح الساحق لفوازير الإذاعة، خاض المخرج الراحل محمد سالم تجربة الفوازير في التلفزيون المصري، وتعاون مع فرقة “ثلاثي أضواء المسرح” والتي تكونت من الفنانين؛ سمير غانم، جورج سيدهم، الضيف أحمد. وقد قام أعضاء الفرقة بتأليف نصوص الفوازير، وحملت اسم “وحوي يا وحوي”، واتسمت فوازير “ثلاثي أضواء المسرح” بالكوميديا”. وأصبحت بذلك أول فوازير رمضانية استعراضية كوميدية.
من الكوميديا للدراما
وعلى خلاف المخرج محمد سالم، نجح المخرج الراحل فهمي عبدالحميد، والشاعر عبدالسلام أمين في تحويل فوازير رمضان من السياق الكوميدي إلى السياق الدرامي.
وبدأت فوازير فهمي عبدالسلام مع الفنانة نيللي، ولاقت فوازير نيللي نجاحًا كبيرًا يصدح صداه حتى الآن. وبعد نيللي تعاون عبدالحميد مع الممثل سمير غان في فوازير “فطوطة”، وتلى ذلك تقديمه للممثلة شريهان، وتميزت فوازير شريهان وعبد الحميد بالخيال العلمي، والفانتازيا، والاستعراضات الغنائية الراقصة.
وجاءت النهاية
ورغم توقف نيللي وشريهان وسمير غانم عن تقديم الفوازير في أواخر التسعينات، إلا أن تقديم الفوازير استمر حتى السنين الأولى من الألفية الثانية، ولكن لم تلق أي من هذه الفوازير النجاح الذي حققه فهمي عبدالحميد، ونيللي، وشريهان، وبدأ نجم فوازير رمضان في الانطفاء عامًا بعد عام، حتى وصل إلى نهايته ولم نعد نرى مثل هذه الأعمال الفنية في شهر رمضان المبارك كما في السابق.
مفيش خيال
وعن أسباب غياب فوازير رمضان قال الناقد الفني طارق الشناوي: إنه بعد رحيل المخرج فهمي عبدالحميد، الذي قدم نيللي، وشريهان، وفطوطة، لم يأتي أي مخرج بجديد، مما جعل المشاهدين يقيلون الفوازير من أجندة مشاهدتهم.
وتابع الشناوي في تصريحاته لـ”ولاد البلد”: أن القائمين على الأعمال الفنية لم يستطيعوا الخروج بفكرة جديدة أو مختلفة عما قدم في السابق، فحتى الآن لا يوجد خيال أعلى من الذي عرضه فهمي عبد الحميد.
المواهب والتكلفة
ومن جانبه أرجع الناقد الفني وليد أبوالسعود أسباب غياب الفوازير إلى عدم وجود مواهب لها نفس الكاريزما التي قدمها؛ سمير غانم، ونيللي، وشريهان، ويحيى الفخراني ونادين، بالإضافة إلى غياب الإبداع سواء من الناحية الإخراجية أو التمثيلية أو الاستعراضية.
وأضاف أبو السعود لـ”ولاد البلد”: أن التكلفة أيضًا تقف فاصلًا لإنتاج الفوازير، لأن المنتجين لن يغامروا بتقديم فوازير؛ نظرًا لارتفاع تكلفة الاستعراضات، بجانب عدم قدرة عرض الفوازير على أكثر من قناة. فكل قناة يجب أن يكون لها فوازير خاصة بها.
الإنتاج والسيناريو
كما أعرب الناقد رامي العقاد عن استيائه لغياب الفوازير عن التليفزيون، موضحًا أنه رغم التطور التكنولوجي الحالي، الذي يمكن القائمين على الأعمال الفنية في بناء استعراضات للفوازير، إلا أنه لا يوجد مؤلفين يكتبون الاستعراضات والفوازير بشكل جيد.
وواصل العقاد حديثه لـ”ولاد البلد” مؤكدًا أنه من الممكن البحث عن مواهب جديدة لتقديم الفوازير، تضاهي نيللي وشريهان، ولكن المنتجون يخشون المغامرة، موضحًا أنه لحل أزمة المغامرة على المنتجين البحث عن المواهب وتقييم عن طريق الاختبارات التي تؤكد قدرتهم على متابعة مشوار الفوازير الذي بدأته نيللي وشريهان. مشددًا على ضرورة وجود سيناريو مكتوب بصورة احترافية وإنتاج يقتنع بالفكرة.

مشاركة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر