من هي عروس النيل؟.. حابي يجيب
“أنا أجري في بداية العام وأفيض على الحقول الجافة في الريف، وأملأ الترع حتى لا تكون هناك مجاعة، وأطمر جسدي فتزداد الأرض خصوبة”.. هكذا يتحدث إله “النيل” حابي عن نفسه، بحسب ما أورد سيلفي كوفيل في كتابه قرابين الآلهة.
دموع إيزيس
ويشير كوفيل إلى أن أسطورة فيضان النيل، اعتمدت على فكرة أن مياه النيل هي جسد أوزوريس، والفيضان يأتي في موعده وفقا لرغبته، وبحسب الأسطورة تندمج الآلهة إيزيس مع نجم الشعري وهو النجم الذي يبزغ قبيل طلوع شمس أول أيام العام الجديد، وتحديدًا وقت وصول الفيضان إلى جزيرة الفنتين عند الشلال الأول، وفي هذا التوقيت تفيض دموع إيزيس حزنًا على زوجها لتنهمر المياه عند الشلال الأول، لتعانق تراب مصر، فكما أعادت إيزيس الحياة إلى جسد أوزوريس تمنحها للنيل في بداية العام الجديد، وبحسب وصف الأسطورة لها: “هي الرب في بداية العام وهي التي تجعل النهر يفيض ليهب البلاد الحياة وليعيد الحياة والنشاط لمن أضناهم الجهد والعذاب”.
أنر- أعا
يشير المرشد السياحي حسن عوض، إلى أن المصري القديم عبر عن إله النيل بكلمة “حابي”، والتي تعني السعيد أو جالب السعادة، وصور الإله على هيئة رجل سمين منبعج البطن وله ثديين متدليين ولون جسده باللون الأخضر والأزرق، وهي درجات لون مياه الفيضان، لافتًا إلى أن المصري القديم عبر النيل الجغرافي بكلمة (أنر- عا) فكلمة أنر تعني نهر وكلمة عا تعني العظيم، ملمحًا إلى أنه يحتمل أن تكون هذه الكلمة هي أصل كلمة ( ترعة ) المستخدمة حاليًا.
الزواج المقدس
ويوضح الآثاري محمد حامد أن المصري القديم قسم السنة إلى ثلاث فصول، أولها فصل الفيضان والذي ارتبط بإقامة الاحتفالات التي كان يحضرها الملك بنفسه وكانت تستمر لمدة 14 يومًا وتعد من أهم الاحتفالات وكان يجري بالتزامن معها احتفالات طقسية دينية مثل الزواج المقدس بين الآلهة في المعابد المصرية، ملمحًا إلى أن المصري القديم ربط بين عملية الفيضان، والتي تمتزج فيها مياه النيل بطمي الأرض وعملية الزواج المقدس للآلهة في رمزية للحياة المتجددة مع بزوغ شمس أول أيام السنة.
ويلفت حامد إلى أن المصري القديم عبر عن الأرض الزراعية بكلمة “كيميت”، والتي تعني الأرض السوداء، أما الصحراء فعبر عنها بكلمة “ديشرت”، والتي تعني الأرض الحمراء، ملمحًا إلى أنه غالبًا ما كان يشار إلى مصر بـ”كيميت”.
من هي عروس النيل؟
يوضح المرشد السياحي رمضان بسيوني أن احتفالات المصريين القدماء بفيضان النيل، كانت تشهد تقديم القرابين من حلي وذهب وأحجار كريمة وكانت تذبح المذابح عند معبد الإله حابي، موضحًا أنه لم يثبت أن المصري القديم عبر تاريخه أن قدم قرابين بشرية ، ولا أساس لإشاعة طقس إلقاء عروسة في عيد وفاء النيل، ويوضح بسيوني أنه حسب معتقدات القدماء فان عروس النيل هي “كيميت”، أو مصر والتي تزف إلى عريسها “النيل”.
______________________
هوامش:
قرابين الآلهة في مصر القديمة “ب يدي إف” – سيلفي كوفيل – ترجمة: سهير لطف الله – مكتبة بي اتشرو- رقم الايداع 5410/2010- ص 16 و17.
24 تعليقات