من الرمزية للإهمال.. هل يتوقف تشويه ميدان الكاتب المصري بالإسكندرية؟

بالتزامن مع افتتاح مكتبة الإسكندرية في عام 2002، تم تدشين تمثال الكاتب المصري في ميدان سيدي جابر ليكون رمزا للريادة العلمية والثقافية. ورغم أهميته الثقافية، يتعرض الميدان حاليا للتشويه والإهمال، حيث تدهورت حالته بشكل عام، ولم يتم ترميمه أو العناية به، كما توقفت النافورة عن العمل، مما يتنافى مع رمزيته وقيمته الثقافية.

تشويه الميدان

خلال الفترة الماضية تم استخدام الميدان لإقامة مشروعات ربحية، بدأت بعربة مأكولات متنقلة، ثم إقامة مطعم وكافية، بالإضافة إلى وضع الكراسي والطاولات حول تمثال الكاتب المصري داخل الميدان. وبمجرد اختفاء هذا المطعم، تطلع الجمهور السكندري نحو تطوير الميدان وإصلاحه، وتشغيل النافورة، وترميم رمز الكاتب المصري بعد تعرضه للتشويه والاهتمام بنظافة المكان وتجميله. إلى أن فوجئ الجميع منذ أيام بأعمال إنشائية جديدة في الميدان غير معلوم هويتها بعد. هل سيتم استغلال الميدان لإقامة مطعم وكافيه آخر؟ ومن المؤسف أن هذا هو المرجح بالفعل. حيث لم يتم التصريح رسميا عن هوية المشروع المراد إقامته في ميدان نافورة الكاتب المصري.

مطالبات باستعادة رونق الميدان

عبرت الدكتورة ياسمين الحلو، مسؤول الرصد والحصر بمؤسسة “راقودة” للفن والتراث، عن أسفها الشديد لما شهده هذا الميدان في الفترة الأخيرة من الإهمال والتدهور، حيث توقف ضخ المياه التي كانت تميز المكان، وتوقفت النافورة، مما أفقدها رمزيتها التي تعبر عن تدفق العلم وانتشاره.

تقول الحلو لـ«باب مصر»: “أصبح التمثال نفسه بحاجة إلى إعادة ترميم، بعد تأثير العوامل البيئية والإهمال عليه، مما يستدعي تدخلاً للحفاظ على هذا الرمز الثقافي المهم. لافتة إلى أن ميدان الكاتب المصري يعاني من انتشار القمامة وعدم الاهتمام بنظافته، مما يقلل من قيمته الجمالية والتاريخية”.

وطالبت بضرورة إحياء هذا الميدان من جديد حفاظاً على الطابع الثقافي للإسكندرية، خاصًة وأنه يرتبط بحدث مهم من تاريخ المدينة وهو اختيار الإسكندرية عاصمة للكتاب، وأيضا افتتاح مكتبة الإسكندرية في ثوبها الجديد. مما يتوجب على الجهات المسؤولة إعادة تشغيل النافورة. وتنظيف الميدان، وترميم التمثال واستعادة رونقه. ليظل شاهدًا على مكانة الإسكندرية كمركز للعلم والثقافة.

 

مراعاة التصميمات

أما عن إنشاء مطاعم ومقاهي في محيط ميدان نافورة الكاتب المصري، ناشدت “الحلو” المسؤولين بمراعاة تصميم المقاهي والمطاعم – إن كان لابد من وجودها – بشكل جذاب وله علاقة برمزية الميدان. مما يساهم في جذب الاهتمام بالمكان، وتعزيز الوعي بأهمية الميدان كرمز ثقافي.

واختتمت حديثها: “يجب أن يكون هذا وسيلة للحفاظ على نظافة المكان وصيانته إذا تم وضع خطط جيدة لهذه المنشآت. كما يمكننا خلق بيئة اجتماعية تجمع بين الثقافة والاستمتاع، مثل وجود مقاهي ثقافية تقدم فعاليات أدبية. أما إذا لم يكن هناك تخطيط جيد، فسيتحول الميدان إلى طابع تجاري يفقده هويته الثقافية ويقلل من قيمته الرمزية”.

قصة نشأة الميدان

ميدان نافورة الكاتب المصري، هو عمل معماري تجميلي متميز على كورنيش الإسكندرية بمنطقة سيدي جابر شرق المدينة. وهو عبارة عن نافورة أقيمت احتفالاً بمناسبة اختيار الإسكندرية عاصمة للكتاب عام 2002. وجاء تمثال الكاتب المصري القديم رمزاً للريادة العلمية للحضارة المصرية القديمة.

وتم وضع خلفية له وتأكيدها بمجموعة من المصاطب التي تتساقط منها المياه، تعبيرا عن تجريد للفكرة المعمارية لمكتبة الإسكندرية. وترمز إلى قوس الشمس التي تشرق على البشر والعالم كله بنور العلم والثقافة والمعرفة. وكذلك يوجد بالجهة القبلية للعمل بوابة تصميمها مستوحاة من الحضارة الفرعونية. تتساقط منها المياه إلى مجرى مائي متدرج للأمام، رمزا لانتقال وتأثير الحضارة المصرية القديمة على الحضارة الحديثة عبر مياه نهر النيل لتصل إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

الميدان قبل تعرضه للشويه
الميدان قبل تعرضه للشويه
رمزية الكاتب المصري

أكد الدكتور أحمد منصور، مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، أهمية تمثال الكاتب المصري في مصر القديمة، قائلا: “في العصر المصري القديم كان يتم تقديس مهنة الكتابة واعتبارها منحة إلهية. وأُطلق على اللغة المصرية القديمة كلمات الإله أو الكلمات المقدسة على اعتبار أن الكتابة هبة من الإله إلى الشعب لتسجيل وقائع حياته اليومية. وتعد مهنة الكتابة منذ العصر القديم ومازالت من المهن المرموقة التي كان ينظر لها بنظرة احترام في المجتمع”.

وتابع لـ«باب مصر»: مهنة الكاتب كانت متواجدة في كل العصور في أعلى المستويات الاجتماعية والسياسية. فالكاتب كان دائما قريبا من الحاكم أو الملك أو أي قائد في عصره، لأنه يختص بالتوثيق والتسجيل للأحداث والوقائع. وأضاف منصور، من أهمية رمزية الكاتب المصري أن الدولة المصرية وضعت تمثال الكاتب المصري على العملة الورقية فئة الـ200 جنيه. وهذا التمثال يعود لعصر الأسرة الخامسة، واسمه غير معلوم، لكن التمثال مصنوع من الحجر الجيري.

اقرأ أيضا:

أسوار الإسكندرية القديمة: تاريخ مجهول تحت الأرض

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر