منافسان جديدان على منصب مدير «اليونسكو».. هل ضاعت فرصة خالد العناني؟

يبدو أن الوصول إلى كرسي اليونسكو لن يكون سهلًا أمام خالد العناني، وزير الآثار الأسبق. إذ كان من المفترض أن يفوز بالانتخابات بالتزكية لعدم وجود منافسين له.
لكن السباق على المنصب، دائمًا ما يشهد مفاجآت. فقبل يومين فقط من إغلاق باب الترشح على منصب مدير اليونسكو (أُغلق في 15 مارس)، قرر اثنان من داخل المنظمة الترشح. حيث تقدّم مرشحان هما المكسيكية غابرييلا إليان راموس، المديرة العامة المساعدة للعلوم الاجتماعية والإنسانية في اليونسكو، والكونغولي فيرمين إدوارد ماتوكو، المدير العام المساعد لإدارة إفريقيا والعلاقات الخارجية في اليونسكو، بالإضافة إلى خالد العناني الذي تقدم بأوراق ترشحه في 25 أكتوبر من العام الماضي. أُغلق باب الترشح على المرشحين الثلاثة، ومن المفترض أن تجرى انتخابات ترشحهم في أكتوبر من العام الحالي، خلفًا لمديرة اليونسكو الحالية، الفرنسية أودري أزولاي.
ووفقًا لخطاب صادر عن المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو في 17 مارس الجاري، تم اعتماد المرشحين بشكل رسمي، على أن يقدموا خطاب ترشحهم الرسمي في حدود 2000 كلمة. واقترح المجلس التنفيذي إجراء مقابلات مع المرشحين يوم الأربعاء 9إبريل المقبل خلال الدورة 221 لاجتماع المجلس.
فرص المرشحين
-
الكونغولي فيرمين إدوارد ماتوكو
يشغل حاليًا منصب المدير العام المساعد لأولوية إفريقيا والعلاقات الخارجية في اليونسكو. كما عمل سابقًا مديرًا لمكتب الاتصال التابع لليونسكو مع الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لإفريقيا، بالإضافة إلى كونه ممثل اليونسكو في إثيوبيا.
شغل ماتوكو مناصب إدارية في مكاتب اليونسكو الإقليمية في كيتو (الإكوادور) وباماكو (مالي). كما شغل أدوارًا في مجالات تعليم السلام وحقوق الإنسان والديمقراطية داخل اليونسكو.
لديه خبرة واسعة في مجالات مثل منع النزاعات في إفريقيا وتعزيز ثقافة السلام. كما أن لديه خلفية تعليمية قوية في الاقتصاد والعلوم السياسية. فهو يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة روما “لا سابينزا”، ودبلوم دراسات عليا في العلاقات الدولية من جامعة تشيزاري ألفيري في فلورنسا. كما حصل على دبلوم الدراسات العليا من مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية في باريس، فرنسا. كما أنه أتم دراسة الدكتوراه في القانون في كلية الحقوق بجامعة جان مولان (ليون 3).
انتقادات
يرى البعض أنه يمثل وجهة نظر إفريقية مركزية، وأنه قد لا يولي اهتمامًا كافيًا لقضايا الدول الأخرى. كذلك، يرى البعض أن خبرته في مجال العلاقات الخارجية لا تكفي لإدارة منظمة دولية كبيرة مثل اليونسكو، خاصة وأن خبرته تقتصر بشكل كبير على الشؤون الإفريقية، وقد لا تكون كافية لإدارة منظمة عالمية.
يثير البعض أيضًا تساؤلات حول قدرته على الحفاظ على استقلالية المنظمة، خاصة في ظل التأثيرات الإقليمية المحتملة.
-
المكسيكية غابرييلا راموس
غابرييلا راموس هي المديرة العامة المساعدة للعلوم الاجتماعية والإنسانية في اليونسكو، حيث تشرف على مساهمات المؤسسة في بناء مجتمعات شاملة وسلمية. يشمل جدول أعمالها تحقيق الإدماج الاجتماعي والمساواة بين الجنسين، وتعزيز تنمية الشباب، وتعزيز القيم من خلال الرياضة، ومكافحة العنصرية والتمييز، بالإضافة إلى أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وُلدت غابرييلا راموس في عام 1964، وهي اقتصادية ودبلوماسية مكسيكية، وقد تولت منصبها في اليونسكو منذ عام 2020. حصلت راموس على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة إيبيروأمريكانا. كما حصلت على درجة الماجستير في السياسة العامة من كلية هارفارد كينيدي.
خلال فترة عملها في المكسيك، قادت تغييرات على أرض الواقع من خلال اتفاقيات دولية. بما في ذلك تجديد النظام الضريبي الدولي؛ تجنب التهرب الضريبي وتآكل القاعدة الضريبية، والمساهمة في اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ من خلال تقرير حول الدعم المالي للدول النامية. ومؤخرًا، تعزيز التطوير والنشر الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، بالأداة الدولية الوحيدة التي تغطي 194 دولة.
مناصب مختلفة
شغلت راموس مناصب مختلفة في الحكومة المكسيكية، أولاً كجزء من السلك الدبلوماسي وكمستشارة لوزير الخارجية ووزير الميزانية، ولاحقًا كمديرة للشؤون الاقتصادية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في وزارة الخارجية بين عامي 1995 و1998.
بين عامي 1998 و2000، كانت غابرييلا شريكًا مؤسسًا لشركة بورتيكو، وهي شركة استشارية للسياسة العامة. في هذا المنصب، دعمت المعهد الوطني للانتخابات في المكسيك، للسماح للمكسيكيين في الخارج بالتصويت في الانتخابات الرئاسية، وهو ما كان إنجازًا وساهم في التقدم الديمقراطي في المكسيك. ساهمت أيضًا في حملة بيئية كبرى لمعارضة بناء مصنع ملح في بحيرة سان إجناسيو، بهدف حماية محمية المحيط الحيوي في خليج كورتيز ومحمية الحيتان.
في عام 2006، انتقلت راموس إلى باريس للعمل كنائبة رئيس ديوان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. في عام 2008، تم تعيين راموس مديرة ديوان الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خوسيه أنخيل جوريا. وفي عام 2008، تم تعيينها أيضًا ممثلة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مجموعة العشرين ومجموعة السبع ومنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.
خلال فترة ولايتها، نمت أهمية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتم تحقيق إصلاحات كبيرة. كما شهدت المنظمة زيادة في ميزانيتها بنسبة 68%. وانضمت 8 دول جديدة إلى المنظمة (تشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وإستونيا والاحتلال الإسرائيلي ولاتفيا وليتوانيا وسلوفينيا).
انتقادات
أبرز الانتقادات والتخوفات التي توجه إلى غابرييلا راموس هي ميلها نحو المركزية الأوروبية، ومغازلة الغرب بصورة مستمرة، وعدم اهتمامها بقضايا الدول النامية.
يرى البعض أن خبرتها في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية لا تكفي لإدارة منظمة دولية كبيرة مثل اليونسكو. إذ يعتبر أنصار هذا التيار أن تركيزها على العلوم الاجتماعية قد لا يخدم بشكل كاف الجوانب الأخرى لعمل اليونسكو، مثل العلوم الطبيعية والتراث الثقافي.
يعتبر البعض أن ترشحها يمثل استمرارًا للهيمنة الأوروبية على المنظمة، ويطالبون بتمثيل أكبر للدول النامية. أيضًا، هناك مخاوف من أن وجهات نظرها قد لا تعكس بشكل كامل التنوع الثقافي العالمي. بالإضافة إلى تركيزها المستمر على الأهداف العالمية وتجاهل السياقات المحلية للمجتمعات. فبحكم عملها في منظمات دولية، تميل إلى تبني رؤى عالمية قد لا تتناسب دائمًا مع الظروف المحلية للدول المختلفة.
-
المصري خالد العناني
ولد خالد العناني في 14 مارس سنة 1971، وتخرج في كلية الإرشاد السياحي جامعة حلوان. حيث درس علم المصريات، وحصل لاحقًا على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة بول فاليري مونبلييه عام 2001. ثم أصبح أستاذًا لعلم المصريات في جامعة حلوان، قسم الإرشاد السياحي، ثم في كلية السياحة وإدارة الفنادق في عام 2011.
قام العناني بتدريس اللغة المصرية القديمة في عدة جامعات حول العالم. بما في ذلك جامعة باليرمو وجامعة بول فاليري مونبلييه وجامعة براندنبورغ للتكنولوجيا. بالإضافة إلى ذلك، أصبح عضوًا في العديد من المؤسسات العلمية. كما عمل باحثًا مشاركًا وعضوًا في مجلس إدارة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية. في أكتوبر 2014، تولى منصب المدير العام الثامن عشر للمتحف القومي للحضارة المصرية. وفي عام 2016، أصبح وزيرًا للآثار في حكومة شريف إسماعيل. وفي عام 2018، وخلال حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، احتفظ بمنصبه، وتمت إضافة حقيبة السياحة إلى مهامه خلال التعديل الوزاري عام 2019، ليصبح وزيرًا للسياحة والآثار. واستمر في هذا المنصب حتى أغسطس 2022، عندما تم استبداله بالوزير أحمد عيسى.
أعلنت مصر في عام 2023 ترشيح العناني لمنصب مدير اليونسكو. وخلال تلك الفترة، تم تعيينه سفيرًا للسياحة الثقافية لمنظمة السياحة التابعة للأمم المتحدة. كما تم تعيينه في عام 2025 راعيًا لصندوق التراث العالمي الإفريقي. يحظى ترشيحه بدعم الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والعديد من الدول، بما في ذلك فرنسا وإسبانيا وتركيا والجابون وألمانيا والبرازيل.
تحديات وتخوفات
يحظى العناني بدعم قوي من الدول العربية والإفريقية، التي تشكل كتلة تصويتية كبيرة داخل اليونسكو. لكن هذه الحسابات قد تتغير مع الأيام المقبلة، خاصة مع الترشح المفاجئ للكونغولي فيرمين إدوارد ماتوكو. هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفتيت الأصوات الإفريقية الداعمة للعناني، وبالتالي خسارة كلا المرشحين لصالح المكسيكية غابرييلا راموس. ويرى البعض أن دخول غابرييلا راموس المفاجئ يهدف إلى إحكام سيطرة دول العالم الأول على المنظمة الدولية. ورغم أن المكسيك دولة نامية، إلا أن راموس تُقدم عادة باعتبارها منتمية إلى العالم الأول بسبب شبكة علاقاتها الدولية وتبنيها لخطاب المركزية الأوروبية.
يرى البعض أن خبرة العناني في مجال السياحة والآثار لا تكفي لتولي منصب مدير عام اليونسكو، الذي يتطلب خبرة دبلوماسية واسعة. ويتخوف الكثيرون من أن تركيزه الشديد على الآثار والتراث المادي قد يطغى على الجوانب الأخرى لعمل اليونسكو. مثل التعليم والعلوم والثقافة غير المادية.
يجيد العناني التواصل بثلاث لغات رسمية لليونسكو (الإنجليزية والفرنسية والعربية)، مما يسهل عليه التواصل مع مختلف الدول الأعضاء. لكنه في المقابل يواجه صعوبة في حشد الدعم من الدول غير الإفريقية التي قد ترى أنه يركز بشكل كبير على القضايا الإفريقية. وظهور المرشحة المكسيكية أربك الحسابات نظرًا لشبكة علاقاتها أيضًا بدول أمريكا الشمالية والجنوبية.
لم يكن خيارًا جيدًا
على الجانب الآخر، يعتبر أغلب المهتمين بالتراث داخل مصر أن ترشيح العناني لم يكن خيارًا جيدًا. فبينما يعتبره الكثيرون صاحب بصمة حقيقية في مجال الترويج السياحي للمواقع الأثرية خلال فترة عمله وزيرًا للآثار. ينظر المثقفون والأكاديميون والمهتمون بالتراث والآثار إلى فترة وجوده كوزير باعتبارها الفترة الأسوأ. إذ سمح بهدم أجزاء كبيرة من مقابر القاهرة التاريخية التي يعود تاريخ إنشائها لأكثر من ألف عام، ورفض تسجيل هذه المباني الفريدة. والتي هُدمت لاحقًا بدعوى أنها لا تستحق التسجيل.
كما تبنى فكرة شطب الآثار بدلًا من تسجيلها، من خلال إجراءات غير مسبوقة لشطب مباني أثرية فريدة من قائمة المباني الأثرية المسجلة، والتي يعود كثير منها لأكثر من 500 عام. وهي الإجراءات التي ساهمت في هدم تلك المباني فيما بعد. وقد أطلقت عليه الصحافة المصرية وقتها اسم «وزير شطب الآثار» وذلك لتبنيه فكرة شطب المباني الأثرية ورفضه فكرة التسجيل.
اقرأ أيضا:
محمد حمزة: هدم المقابر لن يتوقف.. و«العناني» غير مؤهل لمنصب مدير اليونسكو