معلومات لا تعرفها عن “تمي الأمديد”.. عطرها سبب غرام “أنطونيو” بـ”كليوباترا”
كتب- سيف العراقي:
النقوش التي وجدت على جدران مقبرة “بيركيب” بمدينة “تمي الأمديد” في الدقهلية، تقول إن عطور تلك المدينة العتيقة، جابت العالم، وأن صانعي تلك العطور استخدموا زيوتًا للاحتفاظ بتلك الروائح، المستخرجة من الزهور والأعشاب.
كان “زنبق الماء” أحد المنتجات التي تفردت “تمي” بصناعته، هو العطر المفضل لملكة مصر الأشهر “كليوباترا” آخر ملكات مصر، هذا العطر الذي تسبب في وقوع الإمبراطور الروماني “يوليوس قيصر” في حبها، ومن بعده صديقه الخائن “مارك أنطونيو”.
كما تذكر النقوش أيضًا صعوبة عملية تصنيع “زنبق الماء” وتعقيدها، إذ كانت تمر مراحل صناعته بطحن أعشاب ونباتات معينة، وعندما يصبح العطر جاهزًا، يصب في قوارير صغيرة من الخزف دائرية الشكل، لها عنق من الجلد.
“تمي” تعد الضلع الثاني من حيث الأهمية التاريخية لتلال الوجة البحري، وتقع ضمن المقاطعة السادسة عشرة من مقاطعات مصر السفلى، علي مسافة نحو 35 كم جنوب شرق مدينة المنصورة، ويقع بها “المدينة البطلمية” الوحيدة في مصر، الذي يكتمل تخطيطها المعماري بشكل كامل علي مساحة ما يقرب من 50 فدانًا.
في بردية عُثر عليها في الموقع ذاته، تذكر أن “تمي” قُسمت إلي أربعة أجزاء في تصميمها المعماري، وكان الشارع الرئيسي للمدينة حافلًا بالمتاجر والمطاعم، بجانب ورش خاصة لعمال صناعة الفخار من طمي النيل، أسهم في ذلك تعريجات نهر النيل، التي تتخلل المدينة.
عاصمة الصناعة في العالم
بالإضافة إلى ذلك فقد احتوت المدينة على ميناء يطل علي الفرع المنديسي، ما ساهم في سهولة نقل المنتجات منها وإليها، ما خلق رواجًا تجاريًا وصناعيًا.
البردية تذكر أيضًا أنه وجد بالمدينة ورش لتصنيع وصب المعادن وعصر الزيوت، كما كان هناك نحو 3560 منزلاً، يُرجح أن يكونوا منازل عمال معبد “منديس”.
“تمي” احتفظت باسمها هذا لمدة 2500 سنة، والكلمة تعني “الأرض الجديدة”، وربما أطلق هذا الاسم عليها عندما كانت تكتظ “منديس” موضع تل الربع حاليًا بالسكان، بفضل موقعها الذي يطل علي النهر، فبعد الزيادة السكانية التي حدثت بين القرنين السابع والرابع قبل الميلاد، بدأ الناس ينتقلون جنوب النهر، مؤسسين مدينة شقيقه.
أصبحت مدينة “تمي” المركز التجاري الصناعي للعالم القديم، بينما اختصت مدينة “منديس” بالشؤون الإدارية والدينية.
خريطة مادبا
خريطة “مادبا”، هي جزء من أرضية فسيفسائية لكنيسة قديمة في مدينة مادبا بالأردن، تشير إلى أن “تمي” كانت مدينة بارزة خلال العصر المسيحي، وربما كان لبابا كنيسة “تمي” سلطة حاكمة، يرجح ذلك اهتمام الخريطة بالمدينة.
أما عن الحقبة الإسلامية فلا توجد أية إشارات تذكر أن “تمي” كانت مخزن غلال روما في العالم القديم ولم يرد ذكر عطورها الفريدة، كما ذُكر سالفًا واشتهرت به المدينة.
بحسب اكتشافات عدة لتماثيل فخارية تجسد المعبود “بس” والمعبودة “تواريت”، وهما معبودان اختصا بمساعدة المرأة أثناء الولادة، بحسب ذلك يرجح وجود بيت خاص للولادة في “تمي” يدعى بيت الولادة الإلهية “الماميز” “Mammisi”، لكن لماذا هذا الرأي؟
الماميزي
قديما كانت المرأة الحامل تقيم في بيت يدعى “الولادة الإلهية” أو “الماميزي”، المحاط بصور الإلة “بس” بوجهه، الذي يشبه القناع، بحكم أنه الروح الحامية التي تمنع الشر.
في هذا الوقت كان يُعتقد أن اسم المعبود “بس” يتصدى العديد من الأرواح الشريرة، وكانت تُشبه تلك الأرواح بأقزام ذوي سيقان مشوهة ووجه رجل عجوز صفيق الوجة يتدلى لسانة إلي أسفل.
إلى جانب ذلك فقد كانت تميمة “سا” أو “Sa”، التي تعبر عن رمز الحياة، أهم ما اختص به المعبود “بس”، وكذلك السكين للدفاع عن المولود، ثم الآلات الموسيقية التي تُفزع أصواتها الأرواح الشريرة.
وقد أنشئت تماثيل ورسومات “بس” بشكل خاص في بيت الولادة الإلهي “الماميزي”، وهي مبان ألحقت بالمعابد التي تجرى فيها الاحتفالات السنوية بميلاد الابن المقدس.
كانت المعبودة “تا- ورت” معاونة خاصة للنساء أثناء الولادة، وصُرت بشكل فرس النهر، الواقف منتصب الذراعين والساقين الآدميتين، تمسك في يديها علامة “سا” أو “Sa” وأحيانا علامة “عنخ” أو الشعلة المضيئة، التي كان يعتقد أنها تطرد القوى الشريرة، وكانت صورتها تعلق علي الأسرة ومساند الرأس وأدوات الزينة.