«مشروع إيزيس».. قصة أغرب فيلم «وثائقي» تناول الحضارة المصرية
مقطع فيديو قديم، يسجل رحلة لما يبدو أنهم مجموعة من السياح ذوي ملامح أوروبية، يهبطون من حافلة وقت الغروب، ويسيرون بحذر في مكان غير واضح التفاصيل. وضع على مدخله لافتة كتب عليها بالعربية “ممنوع الدخول”. عندما يحل الظلام يبدأون في ممارسة طقوس غريبة، رافعين أيديهم إلى أعلى وهم يرددون كلمات غير مسموعة. فجأة، يلمع ضوء مبهر في السماء، فيسري بينهم ارتباك شديد، ما بين فرح وانهيار وبكاء، قبل أن تسقط الكاميرا على الأرض وتثبت على لقطة مائلة لا يظهر بها أحد. وقد ساد سكون تام يعقبه ظلام تدريجي، ثم تظهر على الشاشة صفحة من جريدة كتبت بالإنجليزية، في منتصفها خبر يتحدث عن اختفاء غامض لمجموعة سياح روسيين في القاهرة!
تشهد مصر منذ فترة، نقاشا وجدلا مستمرا حول بعض الأعمال الوثائقية التي تتناول التاريخ المصري، والمذاعة على منصات عالمية شهيرة. حيث انتقد الكثيرون هذه الأعمال بدعوى تجاهلها لمعلومات ثابتة تاريخيا، والاعتماد بدلا منها على نظريات وآراء لم يقم عليها دليل. حتى أن المنتقدين لهذه الأعمال رفضوا إطلاق صفة “الوثائقية” عليها. وقالوا بأنها تصنف دراما أكثر من كونها وثائقية، لأن صناعها أباحوا لأنفسهم تغيير التاريخ، وهو ما يمكن قبوله في الأعمال الدرامية، ولكنه أمر غير مقبول بأي حال في الوثائقيات.
الرافضون لتلك الأعمال، اعتبروا أن الفرق بين الدراما والوثائقي، مثل الفرق بين العمل الروائي وبين الدراسة الأكاديمية التاريخية. ففي الوقت الذي يجوز فيه للروائي أن يستخدم الخيال في استحضاره للأحداث التاريخية، لا يجوز على الإطلاق للأكاديمي أن يلجأ للخيال أو حتى يقترب منه عند استعراضه للتاريخ.
فيلم “وثائقي” أمريكي
إلا أن هذا الجدل يبدو أعقد كثيرا من الفيلم الذي نسعى لاستكشاف حقيقته في هذا التحقيق. وهو فيلم من إنتاج شركة Associated Television International الأمريكية. وبالرغم من أنه صادر في عام 2001، إلا أن الأزمة التي يثيرها لاتزال مستمرة حتى الآن، وتتجدد في مصر بين الحين والآخر. ويرجع ذلك إلى أن مقاطع كثيرة من الفيلم يتم تداولها على نطاق واسع بالشبكات الاجتماعية، بوصفها مقاطع حقيقية نادرة تعرض للمرة الأولى، وتكشف واحدة من “أخطر الحقائق” في تاريخ الحضارة المصرية القديمة -حسب وصف متداولها.
فلو كتبت اسم “مشروع إيزيس” Isis Project في محركات البحث على أي من الشبكات الاجتماعية. سيظهر لك العديد من منشورات صناع المحتوى الذين يتابعهم الملايين. والتي تستعرض مقاطع من الفيلم يستفيض متداولوها في شرحها وتفسير ما ورد بها. وبالرغم من غرابة القصة التي تطرحها تلك المقاطع، إلا أن متداولوها والغالبية العظمى من المعلقين عليها، يظهرون اقتناعا تاما بها، باعتبارها مقاطع فيديو مسربة من جهات مخابراتية. وقد كشف عنها مؤخرا فيلم “وثائقي”.
كانت بداية البحث وراء حقيقة هذه المقاطع، تستدعي الوصول إلى كامل الفيلم ومشاهدته والتعرف على الأفكار التي يطرحها. وبعد بحث ببعض الكلمات المفتاحية التي ذكرها متداولو هذه المقاطع، عثرنا على نسخة كاملة من الفيلم متوفرة على منصة يوتيوب. حيث اتضح أن الفيلم الذي يجمع كل هذه المقاطع يحمل اسم The Secret KGB UFO Abduction Files.
مشروع إيزيس الروسي
الفيلم الذي يقدمه ويعلق على أحداثه الممثل الأمريكي “روجر مور” بطل سلسلة أفلام جيمس بوند الشهيرة، يعتمد على مقابلة مطولة مع عالم فيزياء روسي يدعى فيكتور إيفانوفيتش Viktor Ivanovich يقول إنه حصل أثناء عمله في الكرملين كمستشار علمي، على ملفات ومقاطع فيديو “سرية للغاية”. تم تسريبها من أرشيف جهاز المخابرات الروسية KGB، تسجل تفاصيل مشروع روسي غير معلن أطلق في خمسينيات القرن الماضي تحت اسم “مشروع إيزيس”. وهي التفاصيل التي كشفها إيفانوفيتش للمرة الأولى في كتاب له يحمل عنوان “Project ISIS: The KGB’s Discovery of the Tomb of the Visitor“. أو “مشروع إيزيس: اكتشاف المخابرات الروسية لمقبرة الزائر”.
بحسب الفيلم، كان يعمل على المشروع مجموعة من العلماء الروس في مختلف التخصصات بينهم علماء من الأكاديمية السوفيتية للعلوم. بالإضافة إلى خبراء عسكريين في مجال النشاط الإشعاعي والحرب الكيماوية. وكان هدف المشروع هو الكشف عن المعارف المصرية القديمة والعلوم المتقدمة التي امتلكوها في الماضي. والتي يمكن أن تساعد في تطوير القدرات العسكرية الروسية في الوقت الحاضر. وذلك ضمن جهود الاتحاد السوفيتي لإثبات تفوقه على الولايات المتحدة الأمريكية في بدايات فترة ما عرف بـ”الحرب الباردة”.
الفيلم يتضمن استعراضا لحجم العلوم التي اكتشفها المصريون القدماء. مشيرا إلى أنها كانت فوق طاقة البشر في ذلك الوقت، ويصعب تخيل أن أمة ما وجدت في هذا الوقت المبكر. وامتلكت كل هذه العلوم التي ساعدتها على بناء حضارة متقدمة بهذا الشكل، دون الاعتماد على مصدر خارجي، أو بالأصح “مصدر غير أرضي”. وهو نفس ما آمن به قادة الاتحاد السوفيتي الذين أطلقوا مشروع إيزيس.
***
ويزعم الفيلم، أن المخابرات الروسية KGB، جندت في عام 1959، سامي شرف مدير مكتب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر للتعاون معها في المشروع. والذي كان بسبب منصبه، لديه صلاحية الوصول إلى معلومات سرية للغاية. حيث علم شرف -نتيجة التنصت على مكالمة هاتفية لأحد المسؤولين المصريين بحسب الفيلم- في يوليو 1960، بشأن تفاصيل غيرت مصير مشروع إيزيس.
ثم يعرض الفيلم تسجيلا صوتيا لشخصين يتحدثان العربية، يقول إنه تسجيل تلك المكالمة. وهي عبارة عن محادثة هاتفية يخبر فيها المسؤول المصري شقيقه، أن اثنين من “البدو” أصابتهما حالة هذيان لعدة أيام بعدما عثرا على مقبرة أثرية. قبل نقلهما إلى المستشفى وهما يرددان جملة واحدة “مقبرة الزائر”. حيث يقول الفيلم إن المقبرة كانت لإله مصري غير مدرج على قوائم الآلهة المصرية المعروفة. وأنه كانت هناك أدلة على أن هذا الإله يرجع لشخصية عاشت في مصر قبل عصر الأسرات بوقت طويل.
ويدعي الفيلم أن شرف فور حصوله على هذه المعلومات، مررها إلى المخابرات الروسية، التي نقلتها بدورها للقائمين على مشروع إيزيس المقيمين بمصر. فقام العلماء والعسكريون الروس بالتوجه سريعا إلى مكان المقبرة بالقرب من الهرم الأكبر بمنطقة الجيزة. وهنا يعرض الفيلم مقاطع فيديو بالأبيض والأسود قال إنها المقاطع المسربة التي حصل عليها إيفانوفيتش من الكرملين -هي ذاتها المقاطع التي تنتشر في مصر عبر الشبكات الاجتماعية-. مؤكدا أنها مقاطع حقيقية توثق لحظة دخول المقبرة وفتح التابوت الذي عثر عليه بداخلها. وأن صناع الفيلم تأكدوا من صحة تلك المقاطع وصحة صدورها عن المخابرات الروسية، بعد عرضها على خبير الأفلام الروسي سيرجي جونشاروف Sergei Goncharov.
***
تظهر المقاطع أعضاء فريق مشروع إيزيس، وهم يدخلون المقبرة رفقة بعض العمال المصريين. وفور قيام أعضاء الفريق بفتح التابوت يصدر عنه دخان كثيف. ما يدفع كل المتواجدين للخروج من المقبرة، قبل العودة مجددا وقد ارتدوا أقنعة واقية. بعدما اكتشفوا أن الدخان الصادر يحمل غازا ساما، ليجدوا داخل التابوت مومياء طولها قرابة مترين، لكائن يبدو للوهلة الأولى أنه غير بشري!
المشاهد التي عرضها الفيلم وقال إنها مسربة من داخل أرشيف المخابرات الروسية من هنا
ثم يستضيف الفيلم عالم فلك روسي يدعى يوري فلاد Yuri Vlad، قال إنه كان من أوائل العلماء الذين تم تجنيدهم من قبل المخابرات الروسية لمشروع إيزيس. حيث يشير إلى أن المخابرات الروسية رفضت في ذلك الوقت فكرة أن الأهرامات بنيت لاستخدامها كمجرد مقابر. بل آمنت إن إحداثياتها ووقوفها في منتصف اليابسة ونظرها للاتجاهات الأصلية وأمور أخرى، تظهر أنها شيدت بمعرفة “كائن فضائي” قادم من السماء، لاستخدامها في الملاحة.
ويتابع Vlad بقوله إنه لهذه الأسباب، تبنى فريق مشروع إيزيس نظرية تقول خلاصتها إن ما عثر عليه في المقبرة هو مومياء الإله المصري “أوزوريس” -إله البعث والحساب ورئيس محكمة الموتى طبقا للمعتقدات المصرية القديمة-. وأنه كان يوصف بـ”الإله الزائر”، زاعمين أنه كان عبارة كان كائن جاء من السماء بصحبة آخرين من جنسه. وأنهم حملوا معهم السحر والمعرفة والقوة والحكمة، قبل أن يعودوا مجددا إلى السماء. ولكن واحد منهم فقط ظل على الأرض، وعلّم سكان وادي النيل كل ما كان يعرفه من علوم، كانت هي أساس الحضارة المصرية القديمة.
***
ويقول الفيلم، إن صناعه تشككوا في رواية العالمين الروسيين فيكتور إيفانوفيتش ويوري فلاد عن مشروع إيزيس ومقاطع الفيديو. فلجأوا إلى ساعي بريد دبلوماسي سابق كان يعمل في الاتحاد السوفيتي ويعمل -في وقت تصوير الفيلم- لدى المافيا الروسية. حيث قدم لهم هذا الساعي وثائق متبادلة بين سامي شرف والمخابرات الروسية، أكدت لهم صحة هذه الادعاءات.
ويستعرض الفيلم تلك الوثائق، التي يقول إنها تضمنت ملاحظات لأعضاء فريق مشروع إيزيس حول المقبرة. يؤكدون فيها أن ما عثر عليه هو مقبرة “الزائر”. وأنهم وجدوا داخلها 15 صندوقا من المقتنيات، وجسدا محنطا داخل تابوت حجري، وثماني مجموعات من الكتابات الهيروغليفية، تشير إلى نبوءة “عودة الآلهة المجنحة القديمة”.
ويتابع الفيلم نقلا عن إيفانوفيتش أن العلماء الروس نقلوا المومياء إلى موسكو لفحصها، وإعادة بناء الوجه. حيث أظهرت النتائج أن المومياء كان لها وجه “مخلوق فضائي”. وبالتالي تأكدوا أن الهرم وهضبة الجيزة بأكملها وكل ما يوجد عليها من آثار. كان يرتبط بنظام دقيق صنعه فضائيون، يتم التحكم به من داخل الهرم الأكبر، وأن تلك المجموعة الأثرية بنيت جميعها قرابة عام 10500 قبل الميلاد.
***
ويضيف أن هذه النتائج دفعت العلماء الروس لمواصلة البحث والتنقيب في منطقة أهرامات الجيزة، وعمل مسح بأشعة الراديو لكامل المنطقة لسنوات. حتى أظهرت الأشعة وجود ممر يقود إلى حجرة ضخمة بيضاوية الشكل أسفل الهرم الأكبر بمئات الأمتار. حيث آمن أغلب المشاركين في مشروع أيزيس أن تلك هي “حجرة المعرفة” التي وضع فيها الفضائيون خلاصة علومهم ومعرفتهم. ولكن عندما قرر القائمون على المشروع التنقيب والوصول إلى تلك الحجرة بعد سنوات من العثور على المقبرة. حدثت تطورات تسببت في إغلاق مشروع إيزيس إلى الأبد، ونسيان أمر تلك الحجرة وقصة “المومياء الفضائية” التي عاش صاحبها في مصر قبل 13 ألف عام.
ويختتم الفيلم، بالقول أنه بالرغم من إغلاق مشروع إيزيس. إلا أن أعضاء الفريق الذي عملوا عليه آمنوا بالمعلومات التي جمعوها من المقبرة. وأن كثيرا منهم تعرض لتغيرات فكرية وعقائدية نتيجة عمله على المشروع، ولاحقا، شكلوا معا جماعة أطلقت على نفسها اسم “جماعة التابعين”. هي ذاتها مجموعة السائحين الذين ظهروا في مقطع الفيديو الذين استعرضناه في بداية هذا التحقيق.
حيث يقول الفيلم أن تلك الجماعة توجهت إلى مصر عام 1985، لإيمانها أن أوزوريس سوف يعود إلى الأرض في أحد أيام شهر إبريل من ذلك العام. قبل أن يختفوا في ظروف غامضة أثناء قيامهم ببعض الطقوس عند الهرم الأكبر استعدادا لاستقبال أوزوريس. وهي النهاية الغامضة التي سجلها مقطع فيديو. قال صناع الفيلم أنهم حصل عليه من ساعي البريد الدبلوماسي، الذي حصل عليه بدوره من المصريين كمكافأة له على عمله معهم. وهي واقعة الاختفاء التي سجلتها أيضا الصحف في ذلك الوقت.
رابط الفيلم كاملا على منصة يوتيوب:
حقائق مسربة أم قصة خيالية؟
قد تبدو قصة هذا الفيلم وما تستعرضه من تفاصيل، ضربا من الخيال يصعب تصديقه في نظر البعض. إلا أن هناك آخرين كثر، رأوا في مقاطع الفيلم أدلة حقائق مسربة، تكشف معلومات غامضة يخفيها الروس عن الحضارة المصرية.
والدليل على ذلك، أن هذه المقاطع لا تزال منتشرة بشدة كما أشرنا. وتكسب في كل يوم المزيد ممن يصدقونها ويساهمون في نشرها، ويبدو أن أمرين أساسيين ساعدا على ذلك. الأول أن الفيلم يقدم نفسه على أنه “وثائقي” يعرض حقائق، وهي نفس الصفة التي تم تقديم الفيلم بها على منصة Amazon مالكة حقوق عرضه على الإنترنت. وأيضا على صفحة الفيلم بموقع موسوعة السينما العالمية IMDB.
والأمر الثاني أن كثيرا من المواقع الأجنبية، وبينها مواقع شهيرة يعتد بها، مثل موقع صحيفة The Sun وموقع إكسريس البريطانيين، كتبوا عن الفيلم. واستعرضوا تفاصيله، ما زاد من انتشاره، ونتيجة لذلك، خرج عالم المصريات الدكتور زاهي حواس في أحد البرامج مع الإعلامي عمرو أديب قبل فترة. لنفي ما ورد في المقاطع المنتشرة من الفيلم، والتأكيد بأن الحضارة المصرية بناها مصريون وليس لها علاقة بالفضائيين!
لذلك كله، سنقوم خلال السطور التالية، بتحليل ما ورد في الفيلم وطريقة تصويره، ومحاولة التحقق من التفاصيل التي عرضها، لاستكشاف حقيقته. والتأكد مما إذا كان يعرض بالفعل سرا خفيا دفن لسنوات قد يغير من كل ما نعرفه عن الحضارة المصرية؟ أم أن ما يقدمه مجرد فبركات وضعت في قالب وثائقي لا يختلف عن أي من أفلام الخيال العلمي؟
لقاء د. زاهي حوار مع عمرو أديب للتعليق على مقاطع الفيلم:
واقعة اختفاء السياح
كان أقرب حدث زمنيا في التفاصيل التي استعرضها الفيلم، هو قصة اختفاء مجموعة من السياح الروسيين أثناء زيارتهم للهرم الأكبر في أحد أيام شهر إبريل من عام 1985. لذا رأينا أن تكون بداية البحث من هذه الواقعة، لأنها قد تكون أسهل في التأكد من صحتها لقربها الزمني.
كان دليل الفيلم على صحة هذه الواقعة كما أشرنا، هو عرضه لفيديو مصنوع بطريقة (Home Video) يسجل لحظة الاختفاء. بالإضافة إلى عرضه لصفحة من جريدة مكتوبة بالإنجليزية، تتضمن خبرا عن الاختفاء، عنوانه: Egypt.. Russian Tour Group Vanishes. ويعني بالعربية (اختفاء مجموعة من السياح الروسيين في مصر) وهو العنوان الذي بدأنا به عملية البحث عبر الإنترنت. إلا أن الغريب أننا لم نعثر على أي خبر بهذا المعنى في أرشيف أي من الصحف الناطقة بالإنجليزية أو العربية. رغم البحث بأكثر من طريقة وبعدة كلمات مفتاحية.
ولكن عندما حاولنا البحث بعناوين بعض الأخبار الأخرى التي ظهرت في صفحة الجريدة ذاتها التي استعرضها الفيلم. بدأت تظهر النتائج، فعند البحث بعنوان خبر آخر هو: Kosov Serbs Rally to Protest Plant Closure، وجدناه منشورا على موقع صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” بتاريخ 16 أغسطس 2000. وبالبحث بعنوان آخر من الصفحة هو: 2 Tel Aviv Brothels Set Ablaze 4 Die. وجدناه منشورا أيضا على “لوس أنجلوس تايمز” بالتاريخ ذاته، 16 أغسطس 2000!
هنا وضح أن صفحة الجريدة التي أوردها الفيلم ترجع غالبا إلى صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”. فقمنا بالبحث في أرشيفها الورقي على الإنترنت، حتى وصلنا إلى عددها الصادر في 16 أغسطس 2000. وبالبحث في العدد عن الصفحة التي تتضمن هذه الأخبار، وجدنا أنها الصفحة رقم A16. ووجدنا فيها بالفعل نفس الأخبار التي تضمنتها صفحة الجريدة التي نشرها الفيلم، ولكن مع اختلاف بسيط، هو أن الصفحة الأصلية لم تكن تتضمن خبر اختفاء السياح الروس.
مصري يتحدث بلهجة تونسية
كانت من أغرب التفاصيل التي عرضها الفيلم، والتي يظهر بشكل واضح لكل من يشاهدها أن بها شيء ما خاطئ، أن العمال المصريين الذين ظهروا في مقطع الفيديو الذي تم تصويره بالأبيض والأسود. والذي زعم الفيلم أنه مسرب من أرشيف المخابرات الروسية. كانوا يرتدون أزياء أشبه بأزياء الطوارق في شمال ‘فريقيا وأزياء سكان النوبة، وليس زي سكان قرى الجيزة التي من المفترض أنهم عثروا على المقبرة فيها بالقرب من الهرم الأكبر. فما علاقة الطوارق والنوبة بالجيزة؟
إضافة إلى أن الكتابات الهيروغليفية التي ظهرت داخل المقبرة في المقطع ذاته، والتي قيل أنها تشير إلى نبوءة “عودة الآلهة المجنحة القديمة”. اتضح أنها في الأصل كتابات مأخوذة من مقبرة سيتي الأول التي عثر عليها المستكشف الإيطالي جيوفاني بلزوني عام 1817 بوادي الملوك في مدينة الأقصر. والتي تعد أحد أشهر وأجمل مقابر ملوك مصر القديمة. وهي كتابات جنائزية تهدف إلى ضمان الانتقال السلس لروح سيتي الأول إلى العالم الآخر.
أيضا، أي مصري يستمع إلى التسجيل الصوتي الذي عرضه الفيلم. وقال إنه تسجيل مسرب للمكالمة التي تنصت عليها شرف. وكانت تجري بين مسؤول مصري وشقيقه، سيكتشف أن من يتحدثان ليسا مصريين على الإطلاق. حيث يتحدثان بلهجة أقرب إلى سكان تونس ودول المغرب العربي. كما أن أحدهما رجل والآخر امرأة، بالرغم من قول الفيلم أنها محادثة بين مسؤول مصري و”شقيقه”.
شخصيات لم توجد أبدا
أما عن الشخصيات الرئيسية التي استضافها الفيلم، واعتمد عليها في عرض قصة “الوثائقي”. فقد تصدرهم الشخص الذي قال الفيلم أنه عالم فيزياء روسي يدعى فيكتور إيفانوفيتش وسبق له العمل كمستشار علمي في الكريملين. وهو المصدر الرئيسي للوثائق ومقاطع الفيديو الذي كشفت وجود مشروع إيزيس. وكانت سببا في إنتاج الفيلم، حيث يبدو واضحا أن هذا الرجل كان في منتصف الأربعينيات من عمره عند تصوير الفيلم.
ولكن عبر البحث باسم فيكتور إيفانوفيتش عبر الإنترنت، وجدنا عالم روسي واحد يحمل الاسم ذاته. هو فيكتور إيفانوفيتش إليابيف، ولكنه عالم في مجال الغابات وليس الفيزياء. ومن مواليد 1921، وتوفى عام 2000 عن 79 عاما. كما أن صوره لا تشبه صور الشخص الذي ظهر في الفيلم بأي حال من الأحوال.
أيضا، لم نعثر على أي كتاب صدر يوما يحمل اسم Project ISIS: The KGB’s Discovery of the Tomb of the Visitor. وهو الكتاب الذي زعم الفيلم أن فيكتور إيفانوفتيش أصدره بعدما حصل على المعلومات السرية من أرشيف المخابرات الروسية. وكشف فيه لأول مرة قصة مشروع إيزيس. كما لم نجد في أي من مواقع الكتب، أي مؤلفات لشخص يدعى فيكتور إيفانوفيتش من الأساس.
***
من الشخصيات الأخرى التي استضافها الفيلم شخص قال إنه عالم روسي يدعى يوري فلاد. وأنه كان أول من انضم إلى مشروع إيزيس. حيث لم نعثر على أي عالم روسي يحمل هذا الاسم على الإطلاق. أما خبير الأفلام الذي قال صناع الفيلم أنهم عرضوا عليه مقاطع دخول المقبرة للتأكد من صحتها. ويدعى سيرجي جونشاروف، فلم نعثر على أي خبير روسي يحمل هذا الاسم أيضا. والشخص الوحيد الذي عثرنا عليه له الاسم ذاته، هو مواطن روسي في منتصف العمر ويعمل بمجال البيع بالتجزئة!
أما باقي الشخصيات التي استضافها الفيلم، فلم يقدم لها تعريفا من الأساس. وظهروا على الشاشة دون أن ندري وظائفهم أو أسمائهم، ما صعب عملية التوصل إليهم.
وهنا يظهر سؤالا ضروريا.. إن لم يكن هناك أي وجود للشخصيات الرئيسية التي استضافها الفيلم واعتمد عليها في عرض قصته.. فمن هم الذين ظهروا به وقدموا تلك القصة الغريبة؟
ممثل للقيام بدور عالم
بالدخول على صفحة الفيلم على موقع موسوعة السينما العالمية. سنجد بعض المعلومات المثيرة للاهتمام عن الفيلم. فبخلاف أسماء المنتج والمؤلف والجهة المنتجة، سنجد أن هناك اسمين لاثنين من الممثلين الذين اشتركا في الفيلم بخلاف روجر مور -مقدم الفيلم والمعلق عليه-. وذلك بالرغم من أن الفيلم لم يذكر أن أيا من المشاهد التي عرضها كانت مشاهد تمثيلية، أو محاكاة للواقع.. فمن هما هاذان الممثلان؟
الأول يدعى Alim Kouliev، وهو ممثل أمريكي من أصل روسي، يعمل في الإخراج المسرحي وكتابة السيناريو. ولد في الاتحاد السوفيتي عام 1959، ويبلغ من العمر حاليا 65 عاما. وبمطالعة صور هذا الممثل، ستكتشف بكل بساطة، أن هو ذاته، الشخص الذي ظهر في الفيلم باعتباره العالم الروسي فيكتور إيفانوفيتش! والذي قدمه الفيلم طوال الأحداث على أنه شخصية حقيقية.
أما الممثل الثاني، فيدعى Herman Sinitzyn، وهو ممثل أمريكي من أصل روسي أيضا. توفي عام 2016 عن 76 عاما، وبمطالعة صوره، ستجد أن هو ذاته الشخص الذي ظهر في الفيلم بوصفه العالم الروسي يوري فلاد، الذي ادعى أنه كان من أوائل من انضموا لمشروع إيزيس!
خلاصة البحث، تقود إلى أن الفيلم، الذي يقدم نفسه على أنه “وثائقي” يعرض حقائق، هو فيلم مفبرك بشكل كامل. أشبه بأفلام الخيال العلمي، قدم معلومات مضللة لم يقم عليها دليل. ونسبها لأشخاص ليس لهم وجود، واستضاف ممثلين على أنهم علماء وخبراء، وعرض فيديوهات وتسجيلات وصحف مصطنعة ومفبركة.
أليم كوليف يتحدث
ولكن ما الذي قد يدفع شركة إنتاج عالمية، مثل Associated Television International إلى إنتاج فيلم يحتوي كل هذا الكم من المعلومات المضللة والمفبركة عن الحضارة المصرية. وعرضه على أنه فيلم وثائقي؟
حاولنا في بادئ الأمر توجيه هذا السؤال إلى صناع الفيلم.. حيث أرسلنا رسالة نصية عبر البريد إلى الشركة المنتجة للاستفسار منها عن سبب القيام بذلك، إلا أننا لم نتلق منها ردا. أما مخرج العمل Judy Lyness وكاتب السيناريو Fredrick Secor، فلم نعثر لهما على أي وسيلة للتواصل عبر الإنترنت. وكان المتاح عنهما قليل للغاية، ويظهر أنهما ربما لا يمتلكان أي تجارب في الإخراج والكتابة سوى هذا الفيلم.
إلا أن الحظ حالفنا، وتمكنا من الوصول إلى الشخص الرئيسي الذي استضافه الفيلم. واعتمد عليه كمصدر أساسي في كل التفاصيل التي استعرضها، وهو الممثل الأمريكي الروسي Alim Kouliev، والذي ظهر في الفيلم بشخصية العالم الروسي Viktor Ivanovich، حيث وصلنا إليه عبر صفحته على منصة فيسبوك.
***
في البداية، قال الممثل أليم كوليف لـ”باب مصر”، إنه لم يكن على علم بالضجة التي أثارها فيلمه في السنوات الأخيرة في مصر ولا بانتشار أخباره في الصحف العالمية. مؤكدا أن الفيلم يصنف باعتباره وثائقيا حتى وإن كان كل من ظهروا به “ممثلين”. لأنهم كانوا يؤدون أدوار شخصيات حقيقية حسب قوله.
وعندما أخبرناه إن بحثنا عن الشخصيات التي ذكرت في الفيلم، قادنا إلى أنها شخصيات لم توجد أبدا. تراجع وقال إنه “يرجح” أن قصة الفيلم مبنية على “أحداث حقيقية”. إلا أنه لا يتذكر بدقة إن كان صناع العمل أخبروه أثناء التصوير، إن كانت قصة الفيلم حقيقية أم مجرد خيال مؤلف.
وأضاف ردا على سؤال حول رأيه الشخصي في حقيقة عثور الروس على مومياء لكائن فضائي في مصر. قائلا “كل شيء وارد، ولكني لا أستطيع أن أنفي أو أؤكد بشكل قاطع. يجب عليكم أن تبحثوا حول هذا الأمر للحصول على إجابة دقيقة”. وعندما أخبرناه بأننا قمنا بالفعل بعملية بحث موسعة توصلنا خلالها إلى أن المقاطع التي عرضها الفيلم بوصفها فيديوهات سرية مسربة هي مقاطع مفبركة. وأن واقعة اختفاء السياح الروس كذبة لم تذكرها أي من صحف العالم، اكتفى بالرد علينا بإرسال أيقونة “وجه حزين”!
وفي الختام، سألناه: برأيك.. لماذا تقوم شركة عالمية بإنتاج فيلم مفبرك وتقديمه على أنه فيلما وثائقيا؟ فأجاب بقوله: “ليس لدي إجابة. كما قلت، أنا لست صانع الفيلم، أنا لست مؤرخا أو عالما. يجب عليك التحدث إلى شركة الإنتاج، أود أن أساعدك، ولكن يبدو أنني لا أمتلك ما تريده، آسف”. مختتما بقوله إنه لا يعرف أي وسيلة للتواصل مع صناع الفيلم، حيث لم يسعوا للاتصال به مجددا منذ إنتاج الفيلم في عام 2001.
أخلاقيات الأفلام الوثائقية
بغض النظر عن ردود الممثل أليم كوليف، التي لم تقدم إجابة مقنعة على ما فعله الفيلم الذي قام ببطولته. إلا أن السؤال الذي يظل مطروحا هو: هل يجوز لفيلم اعتمد على مثل هذه الأساليب في طرح فكرته أن يقدم نفسه باعتباره فيلما وثائقيا؟ وهل من الطبيعي أن تلجأ الأفلام الوثائقية لمثل هذه الأساليب؟
تقول الكاتبة باتريشيا أوفدرهايدي، الأستاذة بالجامعة الأمريكية في واشنطون، إن الفيلم الوثائقي يروي قصة عن الحياة الواقعية، قصة تدعي المصداقية. مشيرة إلى أن جمهور الأفلام الوثائقية لا يتوقع أن يتعرض للخداع والكذب، بل يتوقع أن تنقل إليه “أشياء صادقة عن العالم الواقعي”.
وتضيف في كتابها “الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا”، إن مصداقية ودقة وموثوقية الأفلام الوثائقية مهمة للجميع. لأن هذه السمات هي التي تضفي التقدير والخصوصية على الأفلام الوثائقية. متابعة بقولها “عندما تخدعنا الأفلام الوثائقية، فإنها لا تخدع المشاهدين فحسب. ولكنها تخدع أفراد الجمهور الذين قد يتصرفون من منطلق المعرفة المستقاة من الفيلم”.
***
وتشير أوفدرهايدي إلى أن المسائل الأخلاقية كان لها أهمية بالغة في صناعة الأفلام الوثائقية. حيث كان يطرح دائما سؤال عن القدر المقبول من تزييف ومحاكاة الواقع في مثل تلك النوعية من الأفلام. معتبرة أن المشاهد البسيطة التي يتم إعادة محاكاتها مثل تجسيد لقطات لإنسان ما قبل التاريخ أو إعادة لحظات يفهم بالضرورة أنها لم تلتقط بالكاميرا. يمكن قبولها لأنها لا تحدث أي ارتباك أو حيرة لدى المشاهدين. إذ عادة ما يمكنهم تمييز التجربة الحقيقية عن التجسيد الرمزي لها، ولكن عندما يتداخل التزييف مع الحقيقة دون إعطاء المشاهدين فرصة للتمييز. هنا تحدث الأزمة، التي تعتبر “تجاوزا أخلاقيا”.
كلام أوفدرهايدي، يجسد بشكل دقيق، النتائج التي ترتبت على ظهور فيلم The Secret KGB UFO Abduction Files، حيث انخدع فيه المشاهدون. خاصة في مصر التي تركز عليها أحداث الفيلم بشكل رئيسي. وأصبح الكثيرون يتداولون مقاطع منه، مفبركة تماما ومضللة، على أنها مقاطع حقيقية توثق لحظات نادرة التقطتها الكاميرا. ولم تظهر للعلن إلا بعد تسربها من أرشيف المخابرات الروسية.
معضلة عصر الأسرات
متفقا مع وجهة نظر أوفدرهايدي، يرى الآثاري والباحث في علم المصريات أحمد صالح، إنه في الوقت الذي يمكن أن نتغاضى فيه عن أعمال فنية درامية تتناول الحضارة المصرية بشكل غير دقيق يعتمد على الأسطورة فقط. إلا أنه لا يمكن السكوت على عمل وثائقي يتناول الحضارة المصرية بهذه الطريقة. لأنه يساهم في خداع الناس وتضليلهم، لاعتقادهم أن الوثائقيات تقدم معلومات وليس قصصا خيالية.
وضرب مثالا على ذلك بسلسلة من الأفلام الأمريكية أنتجت خلال القرن الماضي وكانت المومياء المصرية بطلا رئيسيا في أحداثها. مشيرا إلى أن هذه السلسلة اعتمدت على الحركة والإثارة والرعب على حساب الدقة التاريخية. إلا أنه كان هناك جانب إيجابي فيها، وهي أنها ساهمت في إثارة اهتمام الكثيرين بالحضارة المصرية ودفعتهم للتعرف عليها ودراستها. لذا لم يكن هناك حاجة للخروج وانتقادها والرد على ما ورد بها، مضيفا أن الأمر يختلف في الوثائقيات. حيث يكون التضليل المتعمد فيها له أغراض سياسية وفكرية. مثل ما حدث مع مسلسل كليوباترا الذي أنتجته منصة “نت فليكس” قبل سنوات، مشيرا إلى أن المسلسل كان يروج لقضية فكرية محددة يتبناها صناعه، على حساب الحقائق التاريخية.
وتابع بقوله، إنه لا يوجد أحد في مصر لديه خطة أو منهجا للرد على مثل تلك الأعمال التي ينتجها الغرب. حيث تكون ردودنا غالبا عنيفة ولا نهتم بمناقشة أصحاب تلك الأفكار واستيعابهم وتوضيح الحقائق لهم. وتكون قراراتنا هي المصادرة والإلغاء والمنع غالبا، مما يساهم في انتشار هذه الأفكار أكثر. وهو نفس ما حدث عندما سعى البعض لإقامة مؤتمر في أسوان عن المركزية الإفريقية. حيث تم بإلغائه ومنعه، بدلا من الرد عليه ومناقشة ما يطرحه من أفكار حتى يعلم الجميع حقيقة الأمر.
***
وأضاف أن قضية الوعي الأثري والتاريخي في مصر، تعاني من غياب المنهجية الصحيحة في التعامل معها. وفي الوقت الذي نسعى فيه لمواجهة الرواية الغربية عن الحضارة المصرية. نحن غير قادرين على النقاش مع الشباب المصري الذي أصبح يتبنى هذه الروايات ويساهم في نشرها بالرغم من وضوح فبركتها. مثل ما يحدث حاليا مع فيلم قصة مشروع إيزيس. متابعا: “لو استطعنا أن نقوم بهذا الدور مع الشباب المصري أولا، سيقوم هو بالدفاع عن بلده وتاريخها مستقبلا بدلا من نشره لهذه الأساطير”.
وطالب صالح، بتفعيل دور قناة الوثائقية، وتغيير سياستها الحالية، لتكون قادرة على مخاطبة الغرب واستيعابه. وأن تضع في خطتها إنتاج أعمال بلغات أجنبية تستضيف من خلالها نجوما عالميين. يساهمون في نشر تاريخنا بشكل دقيق وتقديم القصة الصحيحة للحضارة المصرية.
أما عن كثرة الربط بين الحضارة المصرية وادعاء وجود دور للكائنات الفضائية في بنائها. قال صالح إن ذلك يرجع إلى معضلة تاريخية تتمثل في النقلة الاستثنائية التي شهدتها الحضارة المصرية والتي انتقلت بها من عصور ما قبل التاريخ إلى عصر الأسرات. والتي كانت نقلة محيرة وفجائية بمقاييس الزمن والتقدم الفكري والحضاري. حتى أن أهم إنشاءات معمارية تركها المصريون القدماء وهي الأهرامات ظهرت في بداية تلك الحقبة وليس في نهايتها كما يفترض. مشيرا إلى أن هذا التطور السريع صُعب على الكثيرين استيعابه وتفسيره. لذا ادعوا أن هذا التطور راجع إلى وجود قوى خارجية ساعدت المصريين القدماء على بناء حضارتهم العظيمة. مطالبا بأن يهتم العلماء والمسؤولون المصريون بتوضيح وتفسير سبب هذه النقلة بشكل مبسط. خاصة في المناهج التعليمية، ليعرف الجميع أن أساس وعماد هذا التطور، كان هو الإنسان المصري ساكن وادي النيل.