مسيرة أم كلثوم وأثرها الفني في ليلة خاصة بمسرح سيد درويش
ضمن سلسلة «أرواح في المدينة» استضاف مسرح سيد درويش “أوبرا الإسكندرية” الليلة السنوية في حب سيدة الغناء العربي «أم كلثوم». حيث استعرض الكاتب الصحفي محمود التميمي خلال الفعالية مسيرة كوكب الشرق، وتأثيرها الفني على الأجيال المتعاقبة، إلى جانب الأبعاد الروحية والوطنية في أعمالها الخالدة.
50 عاما من الحضور
بدأت الليلة بعرض حفلة غنائية لأم كلثوم تشدو وسط الأوركسترا بقصيدة “ألف ليلة”. ووصف التميمي فترة حياة أم كلثوم بالفترة الذهبية لمصر. وتحدث عن وطنيتها الشديدة وحبها لمصر، ودعمها للمجهود الحربي بجمع الأموال خلال حفلاتها. والتي تجاوزت مبلغ 277 ألف جنيه في حفلة طنطا 1968 فقط، وهو مبلغ كبير آنذاك. وقد تم تخصص المبلغ لإعادة إعمار مدن القناة كما أعلن محافظ الغربية آنذاك. وأهدى أم كلثوم مفتاح المدينة على المسرح تكريماً لها.
قال «التميمي»: “هناك عدد كبير من القصص حول حياة أم كلثوم على مواقع التواصل الاجتماعي لا تمس الحقيقة بصلة. وأشهرها قصة الرجل صاحب هتاف “عظمة على عظمة يا ست”، واسمه الحقيقي الحاج حافظ الطحان، الذي اقتبس هذه الجملة من عبدالوهاب خلال إحدى حفلات الست”. وعبر عن دهشته البالغة لعدم إقامة حفل مجمع لمطربات مصر الأوائل في الذكرى الـ50 على رحيل أم كلثوم.
سر المنديل
ثم عرض لقاء إذاعي لـ”الست” تتحدث فيه عن جمهورها. حيث ذكرت فيه أن 75% من مجموع حضور حفلاتها من الشباب وهم مستمعون جيدون جدا. واعترفت بخوفها من الجمهور مع بداية كل حفل. وخاصة بعد الشعور بالنجاح. لذلك كانت دائما تحمل المنديل في يدها لتعرق يدها من الخوف. ويعد الإذاعي وجدي الحكيم هو الوحيد الذي أقنعها بعقد لقاء تتحدث فيه عن قصة حياتها. رغم أنها كانت رافضة هذه الفكرة. ولكنها وافقت على عقد اللقاء وبيعه لجمع أموال المشروع الخيري الذي كانت ترغبت فيه وهو “دار أم كلثوم الخيري” والذي لم يتم حتى وفاتها. وأشارت في لقائها إلى أنها لم تكن تحلم بالفن والشهرة. ولكنها خرجت للعمل مع والدها لتجد ما تأكله، فكانت حياتها بسيطة جدا.
فيما أكد الكاتب والباحث كريم جمال، مؤلف كتاب “أم كلثوم: سنوات المجهود الحربي”، أن استمرار أثر أم كلثوم لنصف قرن بعد رحيلها شيء ملهم وعظيم. وتحدث عن فترة مهمة في حياتها. حيث تميزت بذكائها الشديد خلال جولاتها بين الدول، فارتدت في أول حفلاتها بالمغرب القفطان المغربي. واستطرد قائلا: “إجمالي ما جمعته الست أم كلثوم للمجهود الحربي يبلغ 3 ملايين جنيه مصري ونصف مليون استرليني، وهو مبلغ يساوي المليارات حاليا”.
وبالرغم من هذا المبلغ الكبير، إلا أن الأهم بالنسبة لها كان تكوين العلاقات الطيبة الدولية مع الجميع؛ مثل المغرب وتونس وغيرها. وتأكيدا على شعبيتها وجماهيريتها، كان يحضر جمهورها في كل سفر لها يودعها حتى لو كانت رحلة علاجية. كما أنها كانت ناصرية الهوى، وانتشرت الشائعات حول خلافات بينها وبين جيهان السادات.
جماليات صوت الست
وقال الباحث في الأصوات والتلاوة والإنشاد هيثم أبو زيد، إن الحفلات المتلفزة تحصر أم كلثوم في عقدها السابع. بعد أن طرأ على صوتها بعض التغيرات، ولكن جمال صوتها كان يظهر بوضوح في حضور الحفلات.
وذكر «أبو زيد» عددا من الجماليات الصوتية التي تميزت بهم السيدة أم كلثوم دون غيرها من المطربات على مر العصور، ومنها: جمالية تجريح الصوت، وهي عبارة عن بحة شديدة جداً في صوتها. وهذه الجمالية تظهر في حفلات كثيرة لها ومن الصعوبة جدا أن يقلدها أحد فيها. بالإضافة إلى جمالية تعريض الصوت، التي تُعد خاصة بالرجال في الغالب، وهذا أضاف إلى صوتها جمالا وفخامة. وأيضًا جمالية القرار الخفيض، وهي صعبة على أي امرأة، وكانت هي لديها أكثر من طبقة قرار، وجمالية الجواب المرتفع بدرجات مختلفة، وهو ما كانت تشتهر به أم كلثوم.
وأشار الكاتب الصحفي محمود التميمي إلى أن شخصية أم كلثوم لم تكن تسمح لأي شخص بالتجاوز في حقها. وحضورها طغى على الكثيرات من أبناء جيلها أصحاب الأصوات الطربية. مثل: الآنسة سهام وفتحية أحمد ونعيمة المصرية والمطربة نادرة ونجاة علي وغيرهن. مشيرا إلى أن أغنية “الخلاعة مذهبي” كانت سقطة لأم كلثوم. ولكن المجتمع وقتها كان يعج بالخلاعة. وهي التي وجهت المجتمع للحفلات الراقية الهادئة التي استمرت لسنوات. بالرغم من ذكر أم كلثوم في أحد لقاءاتها أن منيرة المهدية حاولت عرقلة مسيرتها في بدايتها فور انتقالها لمدينة القاهرة.
اقرأ أيضا:
أوراق الإمام محمد عبده المجهولة: وثائق تكشف جوانب جديدة لتاريخ مصر