مسجد الملك فاروق الأول بأسوان.. 70 عامًا من الإبداع المعماري

يطل مسجد الملك فاروق بمئذنته الرائعة على الواجهة الشرقية لطريق الخزان، جنوبي مدينة أسوان، معلق أعلى مداخله أكثر من نص تأسيسي، يوضح مراحل إنشائه وافتتاحه.

كان في الرابعة من عمره عندما افتتح الملك فاروق الأول مسجده عام 1948 وأدى صلاة الجمعة فيه، ماهر محمد عبدالباسط، أحد أهالي عزبة العسكر بأسوان، البالغ من العمر 74 عامًا، يروي: “كنت أقف إلى جوار الصبية، ممن اصطفوا لتحية الملك قبل دخوله المسجد”.

بلاد النوبة

ويضيف عبدالباسط: أن “المسجد كان مقرر إنشاؤه في منطقة الشلال في بلاد النوبة القديمة، ولكن عمدة الشلال اقترح على الملك إنشائه في منطقة عزبة العسكر جنوب مدينة أسوان بالقرب من الخزان، لوجود عدد كبير من النوبيين مهجري الخزان في هذه المنطقة، لا يوجد لديها مسجد لأداء الصلوات فيه، إضافة إلى إنشاء منطقة سكنية كبيرة للعمال المشاركين في بناء الخزان، وتعليته الأولى والثانية في نفس المنطقة التي أنشيء فيها المسجد”.
ويوضح الرجل السبعيني أن مسجد الملك فاروق الأول يشبه في الشكل أحد المساجد التي تم إنشاؤها في مدينة الخرطوم بالسودان ، مشيرًا إلى وجود حدائق جميلة تحيط بالمسجد، ولكن اقتطع منها أجزاء مع إجراء بعض التوسعة.
النص التأسيسي

يقول حسن جبر، مدير منطقة آثار أسوان الإسلامية، إن المسجد له أكثر من نص تأسيسي منهم النص الأول الذي يوضح بدء الإنشاء ومكتوب فيه “أنشيء هذا المسجد المبارك في عهد جلالة الملك الصالح فاروق الأول أدام الله عزه سنة 1360 هـ – 1941 م”.

أما النص الثاني  فيوجد على الواجهة الخارجية ومكتوب فيه “مسجد فاروق بالشلال تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك الصالح فاروق الأول أيده الله فافتتح هذا المسجد المبارك بتأدية صلاة الجمعة فيه يوم 8 جمادي الأول سنة 1367 هـ الموافق 15 مارس1948 م”.
النص الثالث

بينما النص الثالث فيوجد في المدخل الشمالي ومكتوب فيه “مسجد فاروق الأول سنة 1360هـ – 1941 م”.
ويتابع: أن للمسجد أربعة واجهات وهي: الواجهة الرئيسية من الناحية الشرقية؛ ولها مدخلان على طرفي الواجهة، وكل مدخل عبارة عن سقيفة معقودة بعقدين مدببين من مستويين الأول عبارة عن إطار محيط والآخر حلية نصف دائرية معقودة بعقد مدبب، وترتكز العقود على أعمدة حجرية اسطوانية فخمة بالرغم من صغرها.
ويشير إلى أن  كل مدخل بالمسجد يعلوه عقد مدبب مصمم من الحجر الكبير، وتنتهي أرجل العقدين بمستويات زخرفية، على يمين المداخل نجد أيضا عقد مدبب يتوسط نافذة طولية، ويتوسط كل مدخل باب نحاسي من ضلفتين يتوسطه دائرة وأشكال نجمة مثمنة بأعلى كل ضلفة، وتتدلى من الباب حلقة نحاسية مثبتة عبارة عن مطرقة لطرق الباب وبجوارها مقبضين من النحاس.
درابزين زخرفي

ويضيف الأثري أن المسجد يتكون من الداخل من مساحة مستطيلة الأبعاد؛ على جانبيها درابزين حديدي زخرفي مكون من أشكال مثلثات متقابلة يفصل بينها أشكال كرات حديدية، وينتهي كل درابزين حديدي بأشكال حديدية مسننة، وعلى الجدارين الجنوبي والشمالي للمسجد يوجد 5 نوافذ طولية من الخشب والزجاج يعلوها 5 نوافذ أخرى طولية معقودة، وعلى الجدار الغربي يوجد 7 زخارف تشبه الكوابيل الحاملة، ولعل ما يميز المسجد من الداخل هو أربعة عقود ضخمة، كما أن المسجد مسقوفا كمرات خرسانية بشكل مسطح تظهر من الداخل، وهي مكونة من مربع كبير في الوسط على جوانبه مربعات صغيرة الحجم.
المحراب

ويقول جبر إن المحراب يتوسط الجدار الشرقي؛ وهو عبارة عن دخلة في سمت الجدار يعلوها نصف طاقية دائرية.

كما يحيط بالمحراب إطار من الجدائل الزخرفية تبدأ حول المحراب بارتفاع 70 سم من الأرض، ويحيط بالمحراب إطار حجري بمستويين.

كذلك المحراب به زخارف زيتية باللون الابيض والأخضر والأزرق.. وعلى يسار المحراب حجرة لها باب من النحاس.. وهي حجرة المكتبة التي خصصت للمسجد.. وعلى يمين المحراب حجرة تؤدي إلى مئذنة المسجد.
منبر نحاسي

ويضيف مدير آثار أسوان الإسلامية: أن منبر مسجد الملك فاروق الأول مصنوع من النحاس.. كما له قاعدة عبارة عن عتبة تستخدم كدرج يليه باب له مصراعين من النحاس نقشت عليه زخارف وأشكال هندسية متداخلة.

كما يعلوه صف من المقرنصات الزخرفية.. ويحيط بقوائم الباب إطار نحاسي زخرفي ويعلو جلسة الخطيب ارتفاع حديدي مزخرف ينتهي بقبة دائرية يعلوها الهلال..

في النهاية نجد في جانبي المنبر شريط صغير مكتوب عليه باللغتين العربية والإنجليزية نقش “عمل حسن أفندي من عمال مصر”.
مئذنة مراكش

ويوضح أن مئذنة المسجد مثمنة القطع. مشيرا إلى أنها ترتكز على البرج الحجري المربع.. وهي مئذنة تتوسط الجدار الشرقي للمسجد.. وتنتهي ببناء اسطواني ضخم له طاقية مفصصة بصلية الشكل.. يعلوه ارتفاع نحاسي ينتهي بهلال.

ويتابع: يتم الوصول إلى المئذنة عن طريق باب بالطرف الجنوبي للجدار الشرقي.. وهي عبارة عن سلم حلزوني حول عمود أسطواني ينتهي حتى آخر المئذنة بدرجات.. يبلغ عددها 61 درجة؛ لكل درجة حافة حديدية.. وشكل المئذنة على الطراز المغربي.. ثم يقل حجم المئذنة عن القاعدة المربعة ويرتفع في أربعة أشكال دائرية.. ويزين المئذنة أربع نوافذ دولية معقودة بعقود مدببة.. وتشبه هذه المئذنة مئذنة مسجد مراكش بالمغرب.. كما يوجد بالمسجد 5 نوافذ طولية تنتهي بشكل عقد مدبب.. إضافة إلى الزخارف التي تزين هذه النوافذ. مضيفًا للمسجد ثلاثة أبواب إضافة إلى البابين في الواجهة الشرقية.. كما يوجد باب آخر في الطرف الغربي للواجهة الشمالية وهو مصنوع من الحديد.