عاشت الأسامي| مدرسة داوود تكلا.. ثاني أقدم منشأة تعليمية بقنا عمرها 87 عامًا
مبنى على طراز فريد غاية في الإحكام، يظهر مميزًا وسط المنازل الحديثة ومباني المصالح الحكومية، في قرية بهجورة، إنها “مدرسة داود تكلا”، الواقعة على بعد أمتار من مقر الوحدة المحلية لقرية بهجورة، تلك التي تبعد هي الأخرى نحو 5 كيلومترات من مدينة نجع حمادي.
ومدرسة داود تكلا الإعدادية والثانوية، صاحبة الـ87 عامًا، هي ثاني أقدم مدرسة أنشئت في محافظة قنا.
مدرسة داود تكلا
لم تكن بهجورة تختلف عن شبيهاتها من قري الصعيد في نظام التعليم، إذ كانت تعتمد على الكتاتيب والمساجد والكنائس في تعليم الدين والمبادئ الأولية للحساب، رغم إنشاء ديوان المعارف بمصر “وزارة التربية والتعليم حاليا” لم يصل نظام التعليم المعاصر تحت الإشراف الحكومي للقرية بهجورة ومحافظة قنا بشكل عام، إلا بعد مرور 91 عامًا علي إنشاء الوزارة.
المدرسة تحتوي على مكتبة قديمة، فضلا عن مبني منفصل يحتوي على الفصول المدرسية.. ومعمل للعلوم به هيكل عظمي وأدوات تشريح ومخبر ودورق وأنابيب اختبار.. أيضا ملحق به قاعة للمحاضرات على الطراز الذي لا نراه إلا في مدرجات الجامعات.
يقول أسعد القرمة، مدير مدرسة داود تكلا الإعدادية والثانوية حاليا، إن المدرسة تتبع لهيئة الآثار، لتاريخها.. إذ أنشئت قبل 87 عامًا، مشيرًا إلى أنه كان طالبا فيها، كما درّس والده مادة اللغة الفرنسية أيضًا.
حكاية داود تكلا مع التعليم
بحسب محمود عبد الوهاب، مدير منطقة آثار نجع حمادي، فإن داود تكلا أنشأ في بهجورة مدرسة للبنين عام 1891.. وأخرى للبنات عام 1905. وأوقف عليها مع قرينته 108 أفدنة من أجود الأراضي الزراعية، وأنشأ بها قسما للتعليم الثانوي عام 1909.
عبدالوهاب يقول مع بداية حكم محمد على بدأ الاهتمام بالتعليم وإنشاء المدارس والاهتمام ببرامجها وتخصصاتها.. ما دفع الكثير من أمراء الأسرة العلوية لإنشاء المدارس والمساهمة في إنشاء الجامعة.. كما أنشأ الأمير يوسف كمال أول مدرسة ابتدائية بنجع حمادي عام 1911.
وعندما اشتد الإقبال على التعليم بقرية بهجورة شرع داوود تكلا في بناء مدرسة ثانوية أخرى، على أحدث طراز… لولا أن وافته المنية في 18 سبتمبر1924.. فأتمت قرينت سيدة فلسطين وكريمته منيرة تكلا المدرسة، واحُتفل بافتتاحها في يناير1929.. وأوقفت قرينته عليها 100 فدان من أجود الأراضي.
الفرق بين المدارس قديما وحديثا
“كنت طالبا وأصبحت مدرسًا بها، الزمن غير الزمن” تواضروس ميلاد، وكيل المدرسة- مدرس كيمياء، في بدء حديثه متناولًا الاختلاف بين النظام في المدارس القديمة مقارنة بما أسماه العشوائية الحالية.
ميلاد يحكي عن ذكرياته بشغف، قائلًا لم أنس “أبله فهيمة” معلمتي التي كانت منتدبه من القاهرة في الصف الأول الابتدائي، كما لم أنس يوما عندما طلب مدير المدرسة حامد عطية في السبعينيات من العامل ألا يدخل طالب أو تلميذ بعد موعد طابور الصباح، وتعمد مدير المدرسة الحضور متأخرًا في اليوم الثاني، فمنعه العامل من الدخول.
يتابع كنا ندرس الخط بأنواعه في الصف السادس الابتدائي، وعدد الفصل لم يكن يتخطى 25 طالبًا، يقاطعه نعيم شكري، معلم في المدرسة، أحد خريجيها، الطلاب كمان كانوا محترمين، ومنهم رموز مثل جورج البهجوري، الفنان التشكيلي المشهور، والدكتور عبدالمتين موسى، رئيس جامعة جنوب الوادي سابقا، والمستشار كمال فخري، وحنا ناشد، نائب رئيس مجلس الدولة، ونبيل لوقا، عضو مجلس الشعب سابقا.
قرية بهجورة
داود تكلا هو من أبناء قرية بهجورة ولد بها عام 1859، وأتقن اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، وعين وكيلًا للقنصلية الفرنسة في أسوان، وحصل على العديد من الأوسمة والنياشين مثل النيشان العثماني الثالث والمجيدي الثاني والنيل الثالث.
أما قرية بهجورة فقد عرفت منذ العصر الفرعوني، وكانت تتبع كوره “هو” جنوب غربي نجع حمادي، وأحيانا كورة دندرة، شمال غربي مدينة قنا، وذكرت مع “هو” باسم مقاطعة “هو وبهجورة وتوابعهما”، التابعة لولاية جرجا آنذاك واستمر ذلك حتي العهد العصر العثماني.