طه حسين ممثلا: 3 محاولات غير مكتملة لـ فيلم «الأيام»
كانت «الأيام» لعميد الأدب العربي من أكثر الأعمال الأدبية إثارة لخيال صناع السينما، ورغم تعدد المحاولات، إلا أنه لم يتم تقديمها إلا كمسلسل تلفزيوني عام 1978 حقق نجاحا كبير، وكان بداية انتشار النجم الراحل أحمد زكي. وقد رصدت الصحف بعد رحيل العميد المحاولات غير المكتملة لتقديم فيلم «الأيام» على الشاشة الصغيرة.
فيلم الأيام
في 11 نوفمبر 1973 نشرت جريدة الأخبار خبرا تحت عنوان «الأيام مشروع لم يتم» عن محاولة إنتاج مصري فرنسي لفيلم الأيام، ووفقا لما نشر، كان هناك اتجاه في منتصف عام 1964، لإنتاج «الأيام» كفيلم سينمائي مشترك بين مصر وفرنسا، حيث إن أحداث الجزء الثاني في حياة الدكتور طه حسين دارت في فرنسا حيث كان يدرس هناك في جامعة السربون الفرنسية والتقى بزوجته السيدة سوزان بريسو.
ورشحت ممثلة فرنسية لتلعب هذا الدور، أما الإخراج فكان من المقرر أن يكون مصري فرنسي، ورُشح حينها مخرج فرنسي للتعاون مع المخرج المصري صلاح أبو سيف، وبالفعل بدأ الناقد وكاتب سيناريو الأفلام حسن فؤاد في كتابة السيناريو لفيلم «الأيام»، الذي كان يتوق طه حسين شخصيا لإصداره، ولكن المشروع لم يلبث أن توقف.
محاولات مصرية
وعلى مدار شهور متباعدة كان مشروع إنتاج «الأيام» يعاود الظهور. وفي المرة الثانية جاء كفيلم من إنتاج هيئة السينما المصرية. وكشف المخرج الراحل صلاح أبوسيف عن هذا المشروع غير المكتمل أيضا في مقال بعنوان «عميد الأدب على الشاشة.. صلاح أبو سيف يكتب». ونشر في جريدة الأخبار بتاريخ 3 نوفمبر 1973.
كانت مذكراته من الأعمال التي جذبت السينمائيين. وعندما عكفت مؤسسة السينما على إنتاج الفيلم، كانت قد اشترتها بالفعل. وسجلت الهيئة أجزاء منها بالفعل بصوت طه حسين ليقدم العمل بنفسه كممثل وراوي للعمل. وعمل حينها على كتابة السيناريو مجموعة من الكُتاب الذين يتذوقون أدب طه حسين. ولكن العمل لم يكتمل أيضا.
أما المحاولة الثالثة لتقديم الفيلم كانت للمخرج الراحل محمد كريم. وكان أول من قدم للسينما أول فيلم مصري ناطق، وملقب بـ«عميد السينما المصرية». وأراد تقديمه من خلال إحدى الشركات الخاصة.
وقال أبوسيف في المقال: “وعلى الرغم من النجاح الهائل الذي حققته أعمال طه حسين على شاشة السينما. فإننا نحن السينمائيين لم نستغل حتى الآن الكثير من روائعه الأدبية التي لو لقيت من التأني والعمق والفهم الصحيح ما تحتاج إليه، لتحولت إلى أعمال سينمائية ناضجة”.
الفيلم المستحيل
ومن بين الأعمال الكثيرة الأدبية لطه حسين والتي تقترب من 50 عمل في الأدب، التاريخ، الفكر والعلم لم تظهر على شاشة السينما من أعماله إلا 3 أفلام فقط وهي «ظهور الإسلام» و«دعاء الكروان» و«الحب الضائع». وقد حققت هذه الأفلام الثلاثة نجاحا جماهيريا ضخما. ورجح أبو سيف السبب بأنها أفلام ارتبطت بموضوعات عميقة، وتم تقديمها بشكل فني ممتاز.
وقد احتل فيلم «دعاء الكروان» المرتبة الرابعة عشر في قائمة أفضل 100 فيلم للقرن العشرين. وترجع هذه القصة إلى عام 1945 أي قبل إنتاج الفيلم الفعلي بـ13 عاما. حيث فكر صلاح أبوسيف حينها في تقديم «دعاء الكروان» للجمهور في فيلم من إخراجه. وعند عرضه على المنتج حينها أراد تحويله إلى فيلم غنائي، مما دفع مخرج الواقعية للتراجع تماما عن فكرته “كان هذا أمرا مستحيلا!”.
وقال أبوسيف: “عندما ظهر على الشاشة فيلم دعاء الكروان نجح الفيلم. لأن مخرجه هنري بركات كان موفقا في اختيار بطلته فاتن حمامة. فضلا عن أحمد مظهر الذي كان على درجة فائقة من الإحساس والفهم لكل كلمة كتبها طه حسين. كما استطاع يوسف جوهر بالسيناريو والحوار أن يجسد دعاء الكروان فكرا وحياة أمام كل المشاهدين”.
ظلم سينمائي
وتعتبر علاقة تجسيد أدب طه حسين في السينما واحدة من القضايا التي لم تنل حقها في القرن الماضي، مقارنة بغيره من الأدباء في عصره، وربما يرجع ذلك إلى قضية (علاقة الأدب بالسينما) التي طالما كانت محلا للجدل، بسبب صعوبة تجسيد الأعمال الأدبية على الشاشة والتي تجعل الكثير من السينمائيين لا يميلون للإقبال على تنفيذها.
وعلى المستوى الشخصي، كان قد اجتمع طه حسين بصلاح أبوسيف قبل وفاة صاحب الأيام بعدة سنوات، وكان وقتها يتردد على “ستوديو مصر” لمتابعة عملية تصوير فيلمه «ظهور الإسلام» مع المخرج إبراهيم عز الدين، وكان طه حسين دقيق في كل مشهد يتم تصويره، أبدى ملاحظاته على الحوار والملابس والشخصيات وأداء الممثلين، وهو شئ ربما لا يفعله أحد من المفكرين والأدباء.
وكان نجاح هذا الفيلم سببا في تدشين صلاح أبوسيف دعوة حينها لاتخاذ خطوات عملية في إخراج أعمال طه حسين الإسلامية على الشاشة، ومنها «على هامش السيرة» و«الفتنة الكبرى» و«الوعد الحق»، وكان أبو سيف يرى في تنفيذها فرصة لوصولها إلى الدول العربية والإسلامية.
وبعد رحيله قدمت شاشة السينما فيلم «قاهر الظلام» عن حياة العميد عن قصة كمال الملاخ، كتب له السيناريو صبري موسي،ورفيق الصبان، وراجع السيناريو: نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، ويوسف جوهر وإبراهيم الورداني.
اقرأ أيضا