ماذا تعرف عن ضريح الشيخ عمران بنجع حمادي؟.. عمره يزيد عن 100 عام (فيديو وصور)
في ضريح الشيخ عمران بمدينة نجع حمادي، شمالي قنا، لن تلتقط أذنك همسات الذكر ومناجاة المحبين المعتادة في كل الأضرحة فقط، لكن أيضًا سيجذبك خصوصية مبنى الضريح الأثري ذو الطراز المعماري الذي ينقلك لعصور مضت، موحيًا بأن تاريخًا من هذه المدينة دوّن هنا وتناقله الناس.
اختتم أبناء الطرق الصوفية في نجع حمادي، مولد الشيخ عمران الأنصاري، الذي استمر لـ3 أيام، بمظاهر الاحتفالات، ومن أهمها عادة “خروج التوب” التي لم تمت رغم مرور أكثر من 111 عامًا، قبل بناء قصر الأمير يوسف كمال، أحد أبناء العائلة المالكة في مصر، والذي يعتبر الضريح جزءًا من تحفته المعمارية بالمدينة.
ضريح الشيخ عمران
يقع ضريح الشيخ عمران في الجزء الخلفي من قصر الأمير يوسف كمال بشارع يحمل اسم الشيخ عمران، وهو مكون من 3 أجزاء “المقام – المأذنة – قاعة الدرس”، ولا يعرف الناس شيئًا عن عمر المقام سوى أنه يسبق بناء القصر بعشرات السنين.
من هو الشيخ عمران؟
لم تتوفر معلومات كثيرة ودقيقة حول شخصية الشيخ عمران، سوى ما يتناقله الناس عن أجيال سبقتهم في المدينة، وهو أن عمران الأنصاري أحد الأقطاب ووالي صوفي وفد من دولة المغرب، وأقام بمدينة نجع حمادي، ويقال سمي بالأنصاري لأنه من الأنصار الذين ناصروا رسول الله صل الله عليه وسلم، بحسب صلاح أبو الحمد، نقيب الضريح الحالي.
الاحتفالات و”خروج التوب”
أما عن الاحتفالات، ففي 13 من شهر رجب من كل عام ولعدة أيام، يحتفل أبناء الطرق الصوفية بمولد الشيخ عمران، من خلال عدة مظاهر من أهمها المسيرة أو “طلعة التوب أو خروج التوب”.
يقول صلاح أبو الحمد، نقيب مقام الشيخ عمران، إن الاحتفالات تستمر 3 أيام لافتًا إلى أنه قديمًا كانت 15 يومًا، ولكن لتغيرات الزمن والظروف الاجتماعية للناس حالت دون استمراره على هذا المنوال.
“مظاهر الاحتفال اختلفت بعض الشيئ عن زمان”، هكذا استطرد أبو الحمد حديثه، مشيرًا إلى أنه قديمًا كان يصاحب المولد إقامة المرماح والتحطيب في الساحة التي كنت أمام الضريح، قبل بناء كل تلك العمارات السكنية أو المصالح الحكومية، ولكن مازالت الاحتفالات تحتفظ بإقامة الذكر وقراءة القرآن وتقديم الموائد، وتوزيع الحلوى على الأطفال، وليالي المديح والإنشاد، وطلوع التوب وهو عبارة عن مسيرة بالجمال والخيول في شوارع المدينة من مقر المقام حتى مقام الشيخ محمد الخواص في منطقة الساحل أو عبدالله رسلان بمنطقة التحرير.
ويروي إبراهيم الأنصاري، أحد المنشدين طوال ليالي مولد الشيخ عمران، أن المسيرة تشمل موكب من خيول وجمّالين يعلو كل منهم هودج مزين بعمامة ترمز للشيخ ومقامة، أحدهم هودج باللون الأخضر ويرمز للشيخ عمران، والثاني وآخر باللون الأحمر وهو رمز رفيقه في حب الله الشيخ محمد الخواص وهو ولي.
وتروي عطيات محمد، 62 عامًا، من محافظة أسيوط، وإحدى الوافدات لخدمة المولد وفق تعبيرها، “نقوم بتجهيز الأطعمة اللحمة – والبليلة – الأرز بلبن – الحمص، وكل خيرات الله للفقراء والمساكين وكل مارٍ”، لافتة أنها حريصة على زيارة الأولياء وضيافة كل مريديهم ومحبيهم لوجه الله.
” الطريق نور” هكذا تابعت عطيات حديثها مؤكدة أنها اعتادت زيارة الأولياء، وأنها بعد مولد الشيخ عمران ستذهب للحدمة في مولد السيدة بالقاهرة وستعود بعدها لقنا حيث مولد عبد الرحيم القنائي.
الشق الأثري
ويوضح الباحث محمود عبد الوهاب مدني، مدير عام قطاع الشؤون الآثارية بمنطقة آثار نجع حمادي لـ”ولاد البلد”، أن مقام الشيخ عمران أسبق في وجوده من القصر. لكن الأمير يوسف كمال حين أراد إنشاء القصر الخاص به، أبقى على الضريح.. كما جدده في مراحل لاحقة من بناء القصر.
ويشير عبد الوهاب إلى أنه من المحتمل أن يكون تم تجديد الضريح بعد المرحلة الأولى من إنشاء القصر.. والتي شملت بناء مبنى السلاملك والحراملك والأسوار وقاعة الطعام والاستراحة الملحقة”، لافتًا أن مبنى الضريح على طراز معماري مغربي مراعيًا الخصوصية في أشياء كثيرة منها توزيع وشكل المباني.
المئذنة
تقع المئذنة بين الضريح وقاعة الدرس، وهي مصمتة.. ويبدو أنها لم تكن تستخدم للأذان حتى لا يُرى من يصعد إليها من داخل القصر.. وهي مكونة من طابقين، مسقط كل منهما مربع الشكل.. وبكل منهما دخلات مستطيلة تتخللهما دخلات معقودة بعقد حدوة فرس.
الضريح
بينما يقع ضريح الشيخ عمران، جنوب غرب مبنى الحرملك.. وهو يتكون من الضريح وقاعة الدرس والمئذنة.. وهو بناء مربع الشكل من الخارج ومثمن من الداخل.. تعلوه قبة ذات قطاع نصف مستدير.. مثبت بها من أعلى ساري معدني يعلوه هلال.. وله مدخلين الغربي وهو الرئيسي، والشرقي وهو يفتح على داخل القصر.
قاعة الدرس
أما قاعة الدرس فهى تقع جنوب الضريح.. وهي عبارة عن بناء مربع يقوم على أعمدة تحمل عقود بشكل حدوة الفرس.. وتحمل فوقها سقف خشبي مكون من ألواح وبراطيم خشبية خالية من الزخارف.. ويتوجها من أعلى شُرفات هرمية الشكل.
ويضيف مدير عام قطاع الشؤون الآثارية بمنطقة آثار نجع حمادي، أنه تم ضم ضريح الشيخ عمران لهيئة الآثار الإسلامية والقبطية في عام 2002.. وكان جزءا من المجموعة المعمارية للأمير يوسف كمال بنجع حمادي.. كما تم إزالة التعديات التي كانت على الضريح من قبل أسرة نقيب الضريح حينها.. وجارِ إزالة باقي التعديات على السك والتفتيش التابعين للقصر.
وحول أسباب ترك الأمير يوسف كمال للضريح وتجديده.. يقول عبد الوهاب إنه يتردد في الشارع الحمادي، أن الأمير يوسف كمال اعتاد الصيد.. لكن في إحدى رحلاته هاجمه أسد وأنقذه شخص.. وأخبره فيما بعد أنه الشيخ عمران، فعاد الأمير ليجدد ضريحه.
وتقع مدينة نجع حمادي على ضفاف نهر النيل شمال محافظة قنا، بحوالي 60 كيلومترا.
وقد ذكرها علي مبارك في الخطط بأنها مدينة جميلة ذات بساتين وفواكه وأشجار نخيل وأبراج حمام.. كما أشار إلى أن أبنيتها جيدة ومساجدها عامرة وبها سوق دائم.