فيديو وصور| “لوكاندة الأنس” أول تجربة مسرحية في دشنا.. إيرادها 90 جنيهًا
عرضت عام 1967.. وهدفها كان مساعدة جميعة ترعى اليتيمات
منعت لأسباب سياسية فقدمها الشباب في مولد السنجق
المكان: دشنا
الزمان: 1967
مشهد رأسي: مجموعة شباب يتجمعون حول أبخرة الشاي، ترتفع ضحكاتهم تارة، ويصمتون مع ارتفاع صوت أحدهم يصدح بأغنية تارة، ويتجاذبون أطراف الحديث في الفن والفنون تارات أخرى.
لماذا لا ننظم عرضًا مسرحيًا في دشنا؟ خطرت على بال أحدهم تلك الفكرة، سرعان ما شرع الشباب الحالمون في تنفيذها، وقرروا تخصيص إيراد العرض لصالح إحدى الجمعيات التي ترعى اليتيمات بدشنا.
“لوكاندة الأنس” كانت هذه أول مسرحية كوميدية في دشنا، لم تخل من النزعة السياسية.
أحد أبطال العرض يتذكر
عبد المنعم أبوالحسن، أحد أبطال المسرحية، يروي ذكرياته مع العرض المسرحي الأول في دشنا، قائلًا: قررنا أنا وبعض أصدقائي، ومنهم عبدالحكيم عبدالسميع، صاحب فكرة المسرحية ومخرج العمل، جمع الإيراد لصالح جمعية خيرية كانت ترعى اليتيمات بدشنا، وكانوا وقتها بحاجه إلى شراء ماكينات جديدة لهم لقد كان وازع عمل الخير هو المحرك الأول لهذا العرض.
في “سيما” الأمل
“المسرحية وقتها اتعرضت في سيما الأمل، كان سعر التذكرة لا يتجاوز 20 قرش”، هكذا يقول عبدالمنعم.
ويضيف أن أبطال المسرحية هم المرحوم حلمي صادق صديق، الذي جسد شخصية العمدة الصعيدي، وعبدالمنعم أبوالحسن، الذي جسد شخصية الجرسون، والمخبر السري، أما الهاربون من مستشفى المجانين فكانوا العم صلاح عويس والعم محمود علي حسن والمرحوم حزين عبده، ومثل دور المحامي سعد نور.
يشرد العم عبدالمنعم ببصره بعيدا وكأنما راق له استرجاع ذكريات هذه الأيام، التي دائمًا ما يصفها بأنها “مش هاتتعوض”، مضيفًا أن أحداث المسرحية دارت في إطار كوميدي عن العمدة الريفي، الذي يزور مصر ويقيم في لوكاندة الأنس، ثم يتضح له أن صاحب اللوكاندة تاجر مخدرات ويقوم المخبر المتخفي في هيئة الجرسون بالإيقاع به في نهاية العرض المسرحي.
معروف عبدالجليل، الذي جسد شخصية صاحب اللوكاندة وتاجر المخدرات، يلتقط طرف الحديث ليقول إن العرض كان من المقرر إقامته على مدار ثلاث ليال، لكننا اكتفينا بليلة واحدة بعد اعتراض مسؤول الاتحاد الاشتراكي، الذي أصر أن يقدم العرض باسم شباب دشنا.
الإيراد 90 جنيهًا
يضيف أن القائمين على العرض أصروا أن تقدم باسم جمعية رعاية اليتيمات التي أقيمت لأجلهن المسرحية، مضيفا أنهم تمكنوا في نهاية العرض المسرحي من جمع 90 جنيها، قدموا كمساعدة ومساهمة إلي جمعية رعاية اليتيمات بدشنا، واشتروا 7 ماكينات خياطة ليتيمات الجمعية.
عبدالجليل يتذكر تفاصيل المسرحية جيدًا، يقول لم أنس شيئًا منها، وعلى استعداد أن أقدمها مرة أخرى، لولا متاعب الشيخوخة.
يتذكر أحد المشاهد التي جمعته بالجرسون أو المخبر السري، الذي جسد دوره العم عبدالمنعم فيقول “يا واد يا دقدق.. فيه زباين وصلوا اللوكاندة تعالى علشان تسكنهم وتريحهم.. يلا بسرعة يا واد”.
المجانين الثلاثة
عمنا صلاح عويس، أحد المجانين الثلاثة، يضحك طويلًا حين يتذكر شكل العمدة عبدالبر، الذي قام بدوره الراحل حلمي صادق قائلا: أحداث المسرحية تدور حول تردد شائعة هروب ثلاثة من مستشفى المجانين وحضورهم إلى اللوكاندة، الأمر الذي جعل العمدة الصعيدي يفكر في الرحيل خوفا منهم.
يتابع أنه في الوقت الذي كان يجمع فيه أغراضه يتقابل معي كأحد من المجانين الثلاثة لأدخل عليه قائلا “بيب بيب”، يرد العمدة في حدة “اسكت هيا ناقصة مجانين”، ويصفعني على وجهي لاستمر في الهذيان ويستمر في صفعي بشدة وسط ضحك الجمهور وأخيرا خرجت عن النص وقلت له “لو ضربت تاني حسيب المسرحية” لتنفجر القاعة بالضحك.
اللجوء إلى مولد السنجق
يتابع العم صلاح بعد أن مُنعنا من عرض المسرحية في سينما أمل، بأمر من مسؤول الاتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت، نظمنا العرض في في مولد سيدي جلال الكندي ومولد سيدي السنجق، ثم ذهبنا إلى الوقف وقدمنا العرض في قطعة أرض فضاء، يومها صممنا مسرحًا، مستغلين وجود أربع نخلات متجاورات، شددنا حولهن ملاءات الأسرة لنحاكي تصميم المسرح وعرضنا المسرحية ، التي لاقت قبولا كبيرا من الأهالي.
الثلاثة يترحمون على زملائهم الذين فارقوا الحياة مثل المخرج وكاتب النص حمادة عبدالسميع وحلمي صادق صاحب الدم الخفيف وحزين عبده، ويبدون أسفهم لضياع معظم الصور القديمة التي التقطت لأبطال العرض، ولم يتبق منها سوى صور قليلة توثق وتؤرخ لأول مسرحية بدشنا .
مصدر الصور الأرشيف الخاص بعبدالمنعم أبوالحسن، أحد أبطال المسرحية.