كحيل ووهبة ومكسيموس.. تراث منسي في شوارع منفلوط
كتب – أحمد صالح
تصوير: دعاء نصر
على بعد 50 مترًا من محطة قطار منفلوط، تقع فيلا حسن عبدالحافظ كحيل ، في شارع الدواوين، على مساحة 400 متر، مقام على 260 مترًا منها مبان بالطوب الأحمر الحراري، و140 مترًا حديقة بها أشجار الزينة تحيط الفيلا.
يضم شارع الدواوين فيلتين آخرتين ليوسف أمين يوسف، ومحمد صالح جمال الدين، وسُمي بذلك الاسم لكثرة الدواوين الحكومية به “مبني الضرائب العقارية، والبريد، والحزب الوطني القديم”.
تاريخ فيلا حسن عبد الحافظ كحيل
يقول جمال أحمد عطا، ابن أخت الحاج حسن كحيل، مدير إدارة تموين منفلوط بالمعاش، بنيت الفيلا عام 1900، أي بداية القرن الماضي، منذ ما يقارب 117 عامًا، موضحًا أنه ولد وتربى ونشأ وعاش فيها منذ أكثر من 60 عامًا.
ويشير عطا إلى أن مهندس فرنساوي هو من قام بعمل تصميمات الفيلا وأشرف على أعمال البناء، بناءً على تكليف من السيد حفني الطرزي، صاحب التكليف الأصلي للمنطقة كلها، لكي تُتخَذ كسكن خاص لأول مأمور مركز شرطة منفلوط، شارحًا حدودها الأربعة: فيلا يعقوب زرابي “الحد القبلي”، وفيلا محمد صالح جمال الدين “الحد البحري”، ومستشفى الأطفال والولادة بمنفلوط “الحد الغربي”، وشارع الدواوين الرئيسي “الحد الشرقي”.
ويصف المبني قائلًا: الفيلا مكونة من دور أرضي ودور أول علوي فقط، الدور الأرضي غير مُستغل سوى الصالة التي تستقبل فيها الزائرين، وأعيش أنا وأختي وولدي وبنتي في الدور العلوي، الذي يحتوي على ثلاث حجرات واسعة وصالة وحمام ومطبخ كبيرين.
ويستكمل حديثه عن محتويات الفيلا: نصف الفيلا تقريبًا مُفَرَغ، والظاهر أن ذلك ما كان مُتبع في أعمال بناء الفيلات في الماضي على حساب عدد الحجرات أو مساحتها، أما السلالم فهي مَبْنِية من الخشب العادي مُحاطة بسور حديد “دربزين”، منوهًا بأن الفيلا بها جزء أوقاف خاص بالسيدة نفوسة الطرزي، زوجة المرحوم حفني الطرزي، كما تحتوي – كذلك – على بدروم كبير بمساحة المكان المَبْنِي، ولكنه خال تمامًا وغير مُستغل لطفح المياه الجوفية فبه باستمرار.
ووجّه ابن أخت الحاج حسن كحيل، نداء عاجل للمسؤولين عن الأماكن التراثية عبر حملة الحفاظ عليها التي تتبناها شركة “ولاد البلد”، بمساعدتهم في التخلص من المياه الجوفية التي لا تنتهي، وتتسبب في روائح كريهة وأمراض كثيرة وخاصة أمراض العيون لدرجة أنه أجرى منذ أيام عملية في إحدى عينيه بسبب ذلك، مطالبًا الدولة بتبني هذه الأماكن التراثية وإعادة تأهيلها بما يضمن الحفاظ على الطابع الخاص بها مثل ما تم في القاهرة الخديوية، وذلك عن طريق إدراجها في ميزانية الدولة، أو بعض المِنَح من المنظمات الدولية المعنية بالمحافظة على التراث المعماري للعصور القديمة.
سيد فرج وهبة بالقِيسَارِية
يقع مبنى سيد فرج وهبة، على بعد 200 متر تقريبًا من بداية شارع القيسارية، المتفرع من شارع الجيش بمدينة منفلوط، هكذا بدأ حديثه الأستاذ محمود، ابن الحاج سيد فرج، عن منزل والده التراثي.
وقال محمود، معلم تربية رياضية بالتربية والتعليم بمنفلوط، إن المنزل أصلًا ليس مِلَكَنا وقام والدي بشرائه من السيد توفيق أحمد هارون، من بيت هارون بالحواتكة، عام 1995م، وهو من بناه برخصة مباني عام 1930م من القرن الماضي، مشيرًا إلى حدوده الأربعة هي: درب السور”الحد القبلي”، وشارع القيسارية الرئيسي “الحد البحري”، ومنزل أهالي “الحد الغربي”، وشارع فرعي “الحد الشرقي”.
ويصف محمود المبنى قائلًا: المبنى من الداخل ليس مثل الخارج، ومساحته 315 مترًا، واجهته الخارجية المتميزة جعلته يُصنف كمبنى تراثي، مكون من 4 أدوار أرضي وثلاث أدوار علوية، مشيرًا إلى أن الدور الأرضي مُستغل مخازن وتكعيبة زرع غير مستغلة ومضيفة لاستقبال الزائرين، وقمنا باستغلال محلين على الشارع أحدهما للأدوات المنزلية والآخر إيجار لشركة خلفاء محمد علي الشرفا.
ويستكمل حديثه عن محتويات المبنى قائلًا: الأدوار العلوية كلها شبه بعضها في التقسيم، حيث يتكون كل دور من أربع غرف معيشة واسعة وصالة كبيرة ومطبخ وحمامين، منوهًا بأنه وإخوته محمد وأحمد وزوجاتهم وأولادهم يقيمون فيه، وله أربع شُرف على الشارع الرئيسي “بلكونات” للدورين الأول والثاني العلوي، والدور الثالث يطل على الشارع من خلال شبابيك وليس شُرف “بلكونة”، أما السلالم مَبْنِية بالحجارة الكبيرة من الرخام “المزايكو” مُحاطة بسور حديد “دربزين” حتى الدور الثالث العلوي، فوقه سطح خالي غير مُستغل أيضًا.
وطالب ابن الحاج سيد فرج، المسؤولين بالدولة وهيئة التنسيق الحضاري، الجهة المسؤولة عن الحفاظ على المباني التراثية بمحافظات الجمهورية، بالنظر الجِدي إلى هذا المبنى، “إننا لا نستطيع بيعه أو تجهيزه بطريقة حديثة، أو إدخال أية تعديلات عليه ليواكب عصرنا الحالي، دون الرجوع إلى الجهات المسؤولة، والتي ترفض أي تعديل ولو بسيط، فلا يوجد استفادة منه”، مؤكدًا أن كثير من الأهالي عرضوا عليه بيعه بِطُرق غير قانونية لهدمه وطمث معالمه التراثية لكنه رفض، فيجب أن يكون هناك تعويض مادي أو خدمات خاصة لأصحاب هذه المباني التراثية طالما أننا مُحافظين عليه.
دانيال مكسيموس
أمام محطة قطار منفلوط، يقع منزل دانيال مكسيموس، لا يفصله عنها سوى شارع المحطة بطول ستة أمتار تقريبًا، هذا ما بدأ يرويه لنا جاره السيد إدوار صادق، معلم خبير بالتربية والتعليم سابقًا، وحاليًا بالمعاش.
يضيف صادق أن مبنى دانيال مكسيموس التراثي، ملك السيد دانيال مكسيموس، وهو مُسَمَي باسمه وبناه في عشرينيات القرن الماضي، وتحديدًا في عام 1925م.
ويصف عم إدوار المكان قائلًا: المنزل مَبْنِي بالطوب الأحمر “بتاع زمان”، ومكون من بدروم ودور أرضي ودورين علويين، وليس به أسانسير، بل سلالم “مزايكو” فاخرة، ويوجد “رووف” على السطح، مشيرًا إلى حدوده: عطفة مكسيموس “الحد القبلي”، ومنزل أهالي “الحد البحري”، وشارع المحطة الرئيسي “الحد الغربي”، ومستشفى منفلوط للأطفال والولادة “الحد الشرقي”.
ويتضح للزائر أن المكان مُهْمَل، وتراكم الغبار على حوائطه من الخارج، فسألنا عم إدوار عن ذلك، فأجاب: المنزل غير مَسْكُون، وأصحابه اللي هم أحفاد دانيال مُقيمين في مدينة أسيوط ولا يأتون إليه إلا نادرًا.
تعليق واحد