قصر ثقافة قلين خارج نطاق الخدمة.. ورئيس الهيئة يرد: ننتظر موافقة التخطيط العمراني
ينتظر قصر ثقافة قلين التابع لمحافظة كفر الشيخ، قبلة الحياة، التي ستعيده لممارسة أعماله من جديد. إذ أصبح القصر شبه مهجور بلا أنشطة ثقافية ولا فنية بخلاف نادي الأدب، ورغم ذلك يمارس العاملون به مهامهم على استحياء خشية انهياره عليهم في أي وقت بعد صدور قرار إزالة له منذ ما يزيد عن 3 سنوات دون أن يحرك ساكنا حتى الآن.. «باب مصر» يستعرض آراء مثقفي وأدباء القصر.
قصر ثقافة قلين
انتشرت مؤخرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي صور توضح ما آل إليه قصر ثقافة قلين، إذ تعرض المبنى للتصدع والشروخ، ما يؤدي لاستحالة عقد أي أنشطة ثقافية أو فنية، فضلا عن خطورة تواجد الموظفين به.
ويتكون القصر من طابقين دون دورة مياه واحدة، وبرغم شكاوى العديد من المثقفين، إلا أن الجهات المعنية لم تتخذ أي خطوة جدية في هذا الشأن، وينتمي القصر إلى ما كان يسمى بالمجمعات التي كانت تضم مجموعة من الحجرات لبعض الهيئات الحكومية بما فيها وزارة الثقافة، إذ تتشارك مع القصر وزارة الشباب والرياضة أيضا.
أما عن مركز قلين نفسه، فهو يقع في الجنوب الغربي من محافظة كفر الشيخ، وهو أحد مراكزها العشرة، ويضم 5 قرى رئيسية هم: (ميت الديبة، البكاتوش، قونة، كفرالمرازقة، شباس عمير)، بالإضافة لوجود واحد وعشرون قرية تابعة وحوالي 90 عزبة أخرى.
القصر وضعه سيء
يقول إبراهيم شلبي، فنان تشكيلي من مركز قلين: كنت أتردد على قصر ثقافة قلين منذ صغري، كان المكان يحوي قاعة للموسيقى ومكتبة ومسرح وقاعة لممارسة الأنشطة الفنية والرسم، وكنا نستمتع بالعروض المسرحية والندوات الشعرية، وتم تنظيم معرضين لرسوماتي وأنا طفل صغير داخل القصر، لكن الآن لا يوجد أي من تلك الأنشطة لسوء حالة المكان حيث توقفت جميعها عدا مكتبة صغيرة وقع أجزاء من سقفها وهي عبارة عن حجرة صغيرة، إضافة إلى مكتب مديرة القصر التي تعقد بها الاجتماعات، المكان الآن وضعه سيء للغاية وأتذكر أنه في إحدى اجتماعاتنا سمعنا صوت صراخ فهرولنا إلى مصدر الصوت لنفاجئ بوقوع إحدى عاملات النظافة داخل خشبة المسرح المتهالك أثناء تنظيفها، وكادت أن تفقد حياتها لولا عناية الله ووجودنا في نفس المكان حيث أنقذناها.
يكمل شلبي: منذ سنوات ساعدنا أحد أعضاء مجلس الشعب في الحصول على مبلغ ثلاثة ملايين جنيه لترميم القصر، لكن كان الرأي وقتها أن يتم هدمه وبناؤه مرة أخرى، ولكن إلى الآن وبعد إصدار قرار الإزالة لم يتم أي شيء، ويجاور قصر الثقافة مبنى نادي الزمالك الرياضي والذي يتشارك معه في نفس بوابة الدخول، وينازع القصر على قطعة أرض فضاء بجوارها لضمها للنادي، وبالفعل قام بالبناء عليها في غياب المسؤولين وتم وضع اليد عليها، بالرغم من عدم وجود أنشطة رياضية بالنادي سوى بعض المحال التجارية وقاعات بلياردو.
ويضيف شلبي، كان هناك مقترح أيضًا أن يتم نقل القصر والبناء في مكان أكبر آخر في منطقة “السلخانة” وتم أخذ الموافقات من المحافظ، لكن لم تتم هذه المحاولة أيضًا، والآن لا نستطيع إقامة أي أنشطة أو معارض فنية لعدم وجود قاعات أو مكان لممارسة النشاط الفني وخدمة أهالي المركز خاصة أنه المكان الثقافي الوحيد الذي يخدم كافة قرى وعزب المركز.
ترميمات دون فائدة
ويقول خضر عبدالباقي، مدير بيت ثقافة قلين السابق: أعمل في الهيئة العامة لقصور الثقافة منذ سنة 1990 وتوليت رئاسة قصر ثقافة قلين منذ عام 2007 وحتى 2019، كان القصر يعج بالأنشطة بالرغم من حالته التي كانت تزداد سوءًا وخضوعه أكثر من مرة لعمليات الترميم التي كانت بدون فائدة، فقد كان القصر يضم مكتبة عامة ومكتبة للطفل، وقاعة للمسرح تم بنائها من ألواح الصاج، وبالرغم من ذلك كانت هناك فرقة مسرحية تابعة لقصر ثقافة قلين تقوم بعمل العروض المسرحية على هذا المسرح البسيط وحصلت على جوائز ومراكز متقدمه وسافرت إلى الخارج أيضًا.
وتابع: كان بالقصر أيضًا فرقة للآلات الشعبية تقوم بعمل العروض الفنية، لكن للأسف بعد صدور قرار الإزالة منذ ثلاث سنوات بناء على سوء حالة المكان، تم وقف شريحة المسرح وتم حل الفرقة المسرحية وتفكيك فرقة الآلات الشعبية واختفت الفرق، وأتمنى أن تعود تلك الفرق ويعود قصر الثقافة بشكل جديد ليعود لممارسة أنشطته الفنية والثقافية لخدمة أولادنا وشباب المركز.
نادي الأدب
لا يزال نادي الأدب النشاط الوحيد الذي يقام في قصر ثقافة قلين، فيقول عنه الدكتور رضا أبورية، رئيس نادي الأدب: استلمت رئاسة النادي في دورته الأخيرة منذ ستة شهور لكنى من رواده كشاعر منذ أكثر من خمسة عشر عاما، نقوم بممارسة أنشطة نادي الأدب واجتماعاتنا الأسبوعية داخل المكتبة التي توجد بالمكان، وهي عبارة عن حجرة تبلغ مساحتها 4 أمتار في 4 أمتار حيث لا توجد قاعة بالمكان، ولا تستوعب المكتبة اجتماعات أعضاء نادي الأدب الذي قد يصل عددهم في بعض الأحيان إلى 30 عضوًا ما بين شعراء وقصاصين وروائيين ومثقفين، وفي هذه الحالة يجلس أغلبهم خارج المكان أثناء الاجتماع ونجد معاناة كبيرة في كل أسبوع، أو عند وجود فعاليات لعدم وجود قاعة أو منصة لجلوس الشعراء أو الضيوف.
وتابع: المكان سيء للغاية وطرقنا أبواب المسؤولين والتنفيذيين لإيجاد حل لتلك الأزمة، دون جدوى، فنحن لا نستطيع استضافة ضيوف من خارج المحافظة لعدم وجود مكان، وفي حالة تنظيم الأمسيات على سبيل المثال خارج المكان نجد صعوبة حيث يستلزم الحصول على الكثير من الموافقات من عدة جهات ووضع أسماء للضيوف وغيرها من إشكاليات صعبة، وقبل رئاستي لنادي الأدب عندما كنت عضوًا تقدمت بشكوى عن سوء حالة المكان، وكان الرد وقتها أن هذا هو المتاح، وأرى الحل لهذا الوضع هو أن وجود مكان بديل لحين الانتهاء من الهدم والبناء.
دعم ومساندة
«أعمل وحدي دون مساندة من أحد وأتمنى أن تُمارس الأنشطة بالقصر بشكل طبيعي، وأخشى أن يقع سقف المبنى فوق روؤسنا» هكذا وصفت أسماء النجار، مدير قصر ثقافة قلين حال المبنى الذي تتولى رئاسته، وتقول: المكان بوضعه الحالي لا يصلح لإقامة أي أنشطة، واضطر إلى تنظيم الندوات أو المحاضرات خارج القصر من خلال التواصل مع جهات أخرى بعمل بروتوكولات تعاون معهم مثل الشباب والرياضة والتربية والتعليم، وللأسف في بعض الأحيان يتم الرفض.
وتابعت: استقبل في مكتبي داخل القصر اجتماعات نادي الأدب أو أي ندوات بسيطة، ويرفض الأهالي يرفضون أن يتردد أولادهم على القصر خوفًا عليهم، كما أرسلت مذكرة للهيئة العامة لقصور الثقافة مرفقة بقرار الإزالة الذي تم إصداره للقصر لوضع حل لتلك المشكلة، لكن كان الرد بإدراج القصر داخل خطة الهيئة، وأن هناك أماكن أخرى تسبقنا في الخطة وفي الدور.
ونوهت النجار بأن العديد من الأماكن التي صدرت لها قرارات إزالة، يتم نقل موظفيها وأنشطتها لأماكن أخرى، حيث تقوم الهيئة باستئجار أماكن وشقق أخرى تدفع تكلفتها حتى يتم بناء أماكنهم أو ترميمها، وهو ما لم يحدث مع موظفي قصر ثقافة قلين، فنحن نُقيم في المكان بالرغم من تهالكه، وعندما تواصلت مع مجلس مدينة قلين وطالبت بتوفير مكان بديل بأي مركز شباب بصفة مؤقتة، تم العرض علينا النقل إلى إحدى مراكز الشباب بإحدى قرى المركز البعيدة، وهو يضيف عبء تحمل تكلفة الانتقال على الموظفين، إضافة لذلك لم يستجب مجلس المدينة لشكوى تقدمت بها، حيث يوجد مقهى أمام القصر يقوم بوضع الكراسي والمقاعد أمامنا، وهو ما يمنع الفتيات من التردد على المكان.
وتوضح أنه بالرغم من سوء حالة المكان تطالبني الهيئة بممارسة الأنشطة بشكل طبيعي، وهو ما يضعني في حيرة كيف أقوم بها وأين المكان وتجهيزاته؟، حيث لا يوجد أثاث وأستعين بمقاعد من نادي الزمالك المجاور للقصر، ولم تتواصل معي الهيئة حتى الآن لإتاحة مكان بديل.
وتختتم مديرة القصر حديثها بتساؤل: هل سنظل بهذا المكان حتى ينهار على رؤوسنا؟، وتتمنى أن يقوم المكان بدوره على أكمل وجه في استقبال الأطفال والموهوبين وتجهيزه بكافة المتطلبات.
الهيئة العامة لقصور الثقافة
يقول الدكتور أحمد عواض، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة في تصريح خاص لـ«باب مصر» على هذه المشكلة: ندرج الأماكن الثقافية التي تحتاج إلى ترميم أو إعادة بناء داخل خطة عمل زمنية وفق ما يتم تحديده من ميزانية مادية من قبل الدولة، وتم بالفعل إدراج قصر ثقافة قلين ضمن تلك الخطة، لكن هناك خلافات أخرى تخص قصر ثقافة قلين، حيث يوجد خلافات على مساحة الأرض المخصصة للمكان داخل المحافظة، ونتواصل مع المحافظة لحل هذا الخلاف.
ويشير عواض إلى مواجهة هذه المشكلة في العديد من الأماكن الأخرى ليس بيت ثقافة قلين فقط، لكنى لا استطيع اتخاذ أي إجراءات سواء بالهدم أو البناء دون موافقة جهاز التخطيط العمراني الذي يوجد بكل محافظة، وهو ما ننتظر رده في محافظة كفر الشيخ التابع لها قصر الثقافة، وننتظر في الهيئة رد المحافظة وبناء على هذا الرد سنتخذ الإجراءات اللازمة فورًا.
اقرأ أيضا
مثقفو بني سويف: قصر الثقافة لا يعمل.. ورئيس الهيئة يرد: الأحلام كثيرة والميزانيات قليلة
تعليق واحد