صور| مخلفات أشجار الموز في سوهاج تتحول “لشنطة”
تصوير : أحمد دريم
يبدو أن للموز فنون يدوية لا يعرف عنها الكثير.. من قلب محافظة سوهاج من أكبر محافظات جمهورية مصر العربية زراعة للموز، دشن عدد من شباب مركز ساقلتة التابع لمحافظة سوهاج، مشروعًا لإعادة تدوير مخلفات أشجار الموز واستخدامها في صناعة منتجات يدوية أبرزها الشنطة الحريمي.
ويقول محمد يسري، صاحب فكرة تأسيس مشروع banana art: “تعد محافظة سوهاج من أكبر محافظات الجمهورية في زراعة الموز بمساحة حوالي 3 آلاف فدان، ينتج منه حوالي 60 ألف طن سنويا، ولعدم وجود وسيلة للتخلص من مخلفات تلك الزراعة يلجأ المزارعون إلى إلقاءها على ضفاف النيل والمصارف أو حرقها، ما يعد أحد عوامل التلوث البيئي، ولذلك أتت لنا فكرة إنشاء المشروع لاستغلال تلك المخلفات والتخلص منها بطريقة مفيدة”، مشيرًا إلى أن المشروع استطاع توفير الكثير من فرص العمل للفتيات قرب من محل إقامتهم من بينها 22 فرصة دائمة، و45 مؤقتة، وأصبح منهن الآن مدربات يقومن بتدريب غيرهن، وأبرز المنتجات التي يقومن بتصنيعها هي الشنطة.
صعوبات مشروع أشجار الموز
ويوضح محمد، أن من الصعوبات التى تواجه banana art أولها ثقافة المزارعون، وعدم إلقاء المخلفات للاستفادة منها، وكلية الزراعة ساهمت في التوصل إلى المزارعين، وتعليمهم كيفية تقطيع الموز بالطريقة الصحيحة، والتواصل معهم لأخذ الأشجار، مؤكدا أنهم بالفعل استطاعوا تغيير تلك الثقافة للمزراع، وبعد الحصول على الأشجار تأتي مرحلة استخراج الألياف والمعالجة للعمل عليها في المنتج، وبعدها مرحلة نسج ألياف الموز على الأنوال، وباستخدام المكينة يجري تحويل سيقان أشجار الموز إلى خيوط متينة.
ويضيف، أن من الصعوبات أيضًا التسويق للمنتجات الذي يتطلب الكثير من الأموال، وتكلفة الخامات باهظة الثمن، مشيرا إلى أنه يتحدى تلك الصعوبات بالتنسيق مع بعض الكيانات التي يمكنها توفر الخامات.
مشروع مخلفات أشجار الموز بدأ بـ4 فتيات
ويؤكد صاحب فكرة تأسيس banana art، إن البداية لم يكن بالمشروع سوى 4 فتيات، وبعد تداول الفكرة أعجبت الكثير من الفتيات اللاتي أقبلن على التقدم للتعرف على تلك الصناعة، منوها إلى أنه شاركه في تأسيس الفكرة 3 من أصدقائه، وبعد 8 أشهر من بداية المشروع وصل عدد العاملين إلى 203 عمال.
ويرى، أن المشروع يستمد أهميته لكونه يستهدف حماية الحرف اليدوية النادرة التي تعكس هوية التراث المصري، لما لها من تأثير على الاقتصاد المصري واعتمادها على الأيدي البشرية في التصنيع، متمنيًا أن يحصل المشروع على صدى تسويقي، وتوفير الدعم لحماية تلك الحرف النادرة.
تجربة إحدى الفتيات
وتقول ياسمين أحمد تمام، مدربة بمشروع banana art، إنها علمت بالمشروع من خلال إحدى صديقاتها المقربات، التي أوضحت لها أن المشروع ينتج بعض المنتجات اليدوية مستخدما ألياف أشجار الموز، لافتة إلى أن تلك الفكرة أعجبتها وقدمت بها، وتم قبولها منذ أكثر من 3 أشهر، ويمكنها العمل على تصنيع الشنط من ألياف الموز والجلد بجميع مراحلها من بداية النول وغزل الخيوط حتى النهاية والتشطيب.
مراحل تصنيع الشنطة
وعن مراحل تصنيع الشنطة من ألياف الموز. توضح: “نأخذ الخيوط المستخرجة من ألياف أشجار الموز، ثم نغسلها وننظفها. وبعد ذلك نبدأ بنسجها على النوال لإعداد الحصيرة المطلوبة حسب تصيم الشنطة. حيث أن هناك تصاميم تحتاج حصيرة منسوجة كاملة، وأخرى نصف حصيرة فقط نقوم بقصها”.
وتشير إلى أنه بعد نسج الخيوط تأتي مرحلة إضافة الجلد، بقصه وتفريغ أجزاء منه. ثم تأني مرحلة التخريم، وهي ما قبل الخياطة والتشطيب. كما أنها تضع طبقة من الجلد تحت طبقة الألياف لحمايته. مؤكدة أنهم يعملون جميعا داخل فريق عمل متعاون جدا،ويشاركون في الأفكار بعضهم البعض.
تجربة ليلى مع مشروع أشجار الموز
وتشير ليلى عبد الرحمن، “28 عامًا”، حاصلة على ليسانس الآداب، إلى أنها تقدمت للمشروع منذ أكثر من عام. وتعد المرة الأولى لها في دخول عالم المنتجات اليدوية. موضحة أن دورها في المشروع هو رسم التصاميم التي تنفذ، بالإضافة إلى تفريغ الجلد وتنسيق الألوان معا.
وترى ليلى، أن من أكثر الصعوبات التي توجههم هي التسويق للفكرة، وعدم توافر الأدوات المستخدمة في التصنيع. ما يجعلهم يقطعون مسافات طويلة لتوفيرها، منوهة إلى استمرارها في العمل، لاسيما وأنه فرصة عمل بديلة.
خطوات تصنيع الشنط
جهاد، أحد أفراد الفريق تلفت إلى أن دورها في صناعة الشنطة هو نسج خيوط الألياف معا بالنول لإعداد الحصيرة. وبعد فرزها واختيار الصالح منها وغسلها وتنظيفها وتسريحها قبل الاستخدام. موضحة أنها علمت عن المشروع عن طريق ورشة عمل عن العمل بالألياف. وفي البداية واجهت الكثير من الانتقادات من قبل أسرتها بالمنزل لتلك الفكرة. ولكنهم تقبلوا الفكرة عند رويتهم للأشغال التي تقوم بها.
ويوضح عبد الله محمود، عامل، دوره في المشروع، قائلًا: “بناخد العربية ونجيب مخلفات أشجار الموز من المزارع، ونقطعها ونستخراج الألياف منها”، لافتًا إلى أنه عند استخراج الألياف يجري اختيار الطبقة الثالثة منها، ثم بعد ذلك يدخلها داخل المكينة ويخرجها على هيئة خيوط متوسطة السمك، ثم غسلها وتنظيفها بالمياه، ثم تأتي مرحلة التجفيف بنشرها في الهواء حتى تجف تماما.
ويشير العامل إلى أنه يمكنه تقطيع ما بين 15 و 20 شجرة يوميا حسب الكمية المتواجدة لدية، باستخدام الآلات الحادة التي تعد من أكثر الصعوبات التى تواجهه، موضحا أنه انضم للمشروع منذ أكثر من عام، ولم يكن لديه أي علم عن كيفية الاستفادة من مخلفات أشجار الموز التي كانت تعد أحد عوامل تلوث البيئة ولكنه بالعمل مع banana art استطاع أن معرفة ذلك، وتعلم العمل على المكينة واستخراج الألياف وتنظيفها على يد المشرف ويدعى “عاطف”.