في ذكرى ميلاده.. محمد فوزي موسيقار «السهل الممتنع»
خلد في ذاكرة كل طفل جيل بعد جيل “ذهب الليل وطلع الفجر والعصفور صوصو”، “ماما زمانها جاية”، لقبت أغنياته بالسهل الممتنع، فهو كان رائدا في الأغنية الزخرفية الشبابية الخفيفة والسريعة التي كانت تعتبر تجديدا في ذلك الوقت.
قدم الموسيقار الراحل محمد فوزي اللحن الممتع المبهج والذي كان يبحث دائما في ألحانه على ما يضيفه من جديد، وكان دائما وجهة تطل منه البهجة والإقبال على الحياة ولم يطفأ هذا الوجه سوى آلام المرض في أيامه الأخيرة.
ميلاده
تحل اليوم 15 أغسطس ذكرى ميلاد الموسيقار والمطرب الراحل الفنان محمد فوزي لعام 1918، حيث ولد في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، وذكرت دراسة تحليلية لمؤلفات محمد فوزي دراسة ماجستير غير منشورة لأكرم محمد عبداللطيف، كلية تربية نوعية جامعة طنطا عام 1997- أن فوزي كان والده من المقرئين المعروفين في مدينة طنطا يُدعى الشيخ عبدالعال حبس الحو، ويتمتع بحلاوة الصوت حيث عشق محمد فوزي منذ صغره الغناء وتعلم كتابة النوتة الموسيقية في المرحلة الابتدائية على يد عسكري مطافي كما تذكر الدراسة، و تذكر أيضا أن من بين من تعلم على يديهم و أصول الموسيقى في ذلك الوقت على محمد الخربتلي وكان يصحبه للغناء في الموالد والليالي والأفراح.
وفي المرحلة الثانوية ذاع صيته حيث كان يغني أغاني السيدة أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب في الموالد والأفراح.
معهد الموسيقى وصعوبات في مشواره
أثناء غنائه في الموالد في طنطا سمعه عازف الإيقاع مصطفى العقاد وأعجب بصوته وساعده على الالتحاق بمعهد الموسيقى العربية، في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي.
أثناء دراسته بالمعهد عمل مغنيا في فرقة بديعة مصابني وأدى بعض الاستعراضات التي كان يلحنها في ذلك الوقت فريد غصن وأحمد الشريف، ثم التحق بفرقة الأختين “رتيبة وأنصاف رشدي” ولحن لأختهما فاطمة رشدي.
وكما تذكر الدراسة أنه التحق بعد ذلك بالفرقة القومية وغنى كبديل للمطرب إبراهيم حموده، في حالة غيابه في مسرحية “شهرزاد” ولكنه نسى بعض أجزاء المنولوج مما جعله يشعر بالفشل وترك الفرقة وعاد للعمل كمطرب، ولكن رغم نجاحه كمطرب إلا أنه فشل في اختبارات الإذاعة المصرية.
بداية جديدة وإبداع فني
التقى فوزي بالفنان يوسف وهبي والذي أسند إليه أحد أدوار البطولة الثانية في فيلم ( سيف الجلاد ) عام ١٩٤٤ م ، وغنى فوزي في هذا الفيلم باسمه الجديد محمد فوزي وكانت بمثابة انطلاقة جديدة له حيث اشترك في بطولة 36 فيلما مع أغلب نجمات السينما آنذاك وأنتج 25 فيلما كان أولها “العقل في إجازة” أمام الفنانة ليلى فوزي، والذي قدم فيه الفنانه المطربة شادية ولحن لها مجموعة من الأغاني الخفيفة التي أحبها الجمهور.
أسس محمد فوزي شركة «مصر فون» وهي أول شركة للاسطوانات بالشرق الأوسط، في أواخر الخمسينات، وتم تأميمها في بداية الستينيات لتحمل منذ تأميمها إلى الآن اسم شركة «صوت القاهرة»، مما كان له أثر سلبي على صحته وسبب رئيسي في مرضه.
تزوج الموسيقار الراحل محمد فوزي ثلاثة مرات كانت زوجته الأولى تدعى هداية وكانت من خارج الوسط الفني، وزوجته الثانية هي الفنانة الراحلة مديحة يسري، والثالثة كانت الفنانة كريمة الملقبة في ذلك الوقت بفاتنة المعادي. ويعرف الكثير أن الفنانة والمطربة هدى سلطان هي شقيقة الفنان محمد فوزي، وأيضا الفنانة والمطربة هند علام التي لم تستمر كثيرا في الساحة الفنية.
مدرسة فوزي و إبداعه الموسيقي
يذكر كتاب “الأغاني الحلوة والمرة أساليب التلحين العربي” تأليف محمد قبيل “أن ألحان الموسيقار المبدع محمد فوزي كانت تصنف كثير منها ضمن الألحان الزخرفية الشعبية، والتي كانت تتسم بالبساطة والصدق والتي كان كثير منها يتسم بالطابع الشعبي المرتبط بطفولته التي قضاها في قرية كفر جندي بمدينة طنطا، ومن بين هذه الأغنيات “أنا قلبي ضاع يا بنات” للفنانة شادية، و”يا أعز من عيني” للفنانة ليلى مراد، و”صلوا على النبي” لشكوكو، كما غنى بصوته “الشوق الشوق”، و”طير بينا يا قلبي”، و”مال القمر ماله”.
وقدم فوزي أول أغنية بدون أوركسترا وموسيقى، معتمدًا على أصوات الكورال فقط وهي أغنية «كلمني» بما يعرف بفن “الأكابلا” الذي كان يعرف في أوروبا.
يعتبر محمد فوزي أول من اهتم بأغاني الأطفال، فقدم العديد من الأغاني منها “ذهب الليل”، و”ماما زمانها جايه” التي صورها للتليفزيون. كما تذكر الدراسة التحليلية أن محمد فوزي يعد رائداً للأغنية الخفيفة السريعة، كما ابتكر نوعا من الغناء الخفيف ذو طابع كوميدي استعراضي إضافة إلى البساطة في تركيبه للجملة اللحنية الغنائية جعلت الغناء من حق الجميع ويعتبر استكمالاً لمدرسة سيد درويش.
وفاته
أُصيب الموسيقار محمد فوزي، بمرض نادر شخصه بعض الأطباء على أنه «سرطان عظام»، وأطباء آخرون قالوا إنه مصاب بتليف في الغشاء البريتوني الخلفي، وقد صارع المرض لمدة خمس سنوات ولم يستطع الأطباء تشخيصه وقتها، ومازال يعرف هذا المرض في الموسوعات الطبية باسم “مرض محمد فوزي” حتى الآن حيث توفي في 20 أكتوبر عام 1966، ويذكر أن الراحل محمد فوزي تنبأ بيوم وفاته في آخر خطاب كتبه وهو على فراش المرض. ورغم رحيل الموسيقار المبدع محمد فوزي إلا أنه يعيش بيننا بأعماله الخالدة.