في انتظار 29 كيهك: سهرات صوم الميلاد في كنائس الصعيد

برغم الليل والبرد، تعد سهرات «كيهك» في الكنيسة القبطية من أجمل أيام السنة بالنسبة للمسيحيين هنا في الصعيد. فكل ليلة طوال الشهر القبطي، يذهب المسيحيون إلى الكنائس ليسهروا في تمجيد وحب العذراء البتول وطفلها يسوع القادم ليخلص العالم من الشرور.

سهرات كيهك

يخصص شهر كيهك للاحتفال بميلاد السيد المسيح، ويتميز بالكثير من الطقوس الدينية والروحانية الكبيرة. من أبرز هذه الطقوس سهرات شهر كيهك، التي تُعد واحدة من أجمل وأعظم اللحظات في الكنيسة القبطية. وتعتبر من أهم الاحتفالات الروحية بعيد ميلاد المسيح.

ويحضر الاحتفالات الرجال والنساء والشباب والأطفال، مما يجعل بعض القرى تسهر حتى الصباح يوميا طوال الشهر، رغم الطقس شديد البرودة في هذه الفترة، وحتى ليلة التاسع والعشرين من كيهك، الموافق يوم 6 يناير، عشية عيد الميلاد المجيد حسب التقويم القبطي للكنيسة المصرية.

سهرات كيهك هي سلسلة من الصلوات الخاصة التي تقام في كنائس الطائفة القبطية الأرثوذكسية خلال شهر كيهك، وهو الشهر التاسع في السنة القبطية، الذي يتزامن مع شهري ديسمبر ويناير في التقويم الميلادي. تتميز هذه السهرات بكونها صلوات ليلية تقام بشكل خاص يوميا، وحتى الصباح في أيام السبت والثلاثاء والخميس، وهي الليالي التي يتبعها قداس في الصباح.

طقوس السهرات

تتميز سهرات شهر كيهك بالعديد من الصلوات التي تشمل تسابيح وترانيم خاصة بهذا الشهر. من أبرز هذه الترانيم هي “تسبحة كيهك” التي تنشد طوال الشهر، وتستعرض فيها الكنيسة جوانب مختلفة من أحداث ميلاد المسيح، وتستمد تلك الترانيم قوتها الروحية من النصوص الكتابية المتعلقة بمجيء المسيح إلى العالم.

في بداية السهرات، تقام صلاة “المزامير” التي تُقرأ فيها مجموعة من المزامير التي تحمل معاني التبجيل والتسبيح لله. ثم تبدأ الصلاة الخاصة بتسبحة كيهك، التي يستمتع فيها المصلون بترانيم روحانية تعكس حالة الفرح والانتظار لميلاد المسيح.

سهرات كيهك لها هدف روحاني عميق، فهي تهدف إلى تحضير المؤمنين لملاقاة عيد الميلاد من خلال التركيز على الطقوس الدينية، كما تساهم هذه السهرات في زيادة الروحانية، وتعميق الإيمان، وتجديد العلاقة بين الإنسان والله في فترة مقدسة. كما أن السهرات تعتبر فرصة للمؤمنين للتوبة والتجديد الروحي، فهي فترة للانغماس في الصلاة والتسبيح والتأمل في معاني الميلاد الإلهي. من خلال هذه السهرات، يعبر المؤمنون عن انتظارهم لمجيء المسيح في قلوبهم وحياتهم، ليكون لهم نورًا وراحة.

تنوع التقاليد بين الكنائس

تختلف بعض العادات والتقاليد بين الكنائس القبطية في الاحتفال بسهرات كيهك، حيث توجد بعض المناطق التي تعيش تقاليد قديمة مثل الاحتفاظ بالصلوات حتى وقت متأخر من الليل، بينما قد تقيم بعض الكنائس الاحتفالات في وقت أقرب. وفي بعض الكنائس، يشارك الأطفال في السهرات عبر تقديم الترانيم الخاصة بهم أو من خلال تنظيم فعاليات دينية تساعد في تعزيز الروح الاحتفالية لهذا الشهر.

سهرات شهر كيهك في الكنيسة القبطية تعد واحدة من أروع العادات الروحية التي تجمع بين العبادة والاحتفال بميلاد المسيح. إنها ليست مجرد طقوس تقليدية، بل هي لحظات روحانية ترفع المؤمنين إلى أجواء من النقاء والمحبة والتسبيح.

صرت عروسة يا عذراء
له كل السلطان والقدرة
آدم خالف وأكل الثمرة
من الفردوس إلى برا
حزينا يبكي في حسرة
قد أخذه ورماه في حفرة
وعذاب اليم قاسي بكثرة
ونسله قد صاروا عبرة
دبر تدبيره رب القدرة
فأرسل غبريال بالبشرة
واعطاها سلامة بمسرة
قال الرب معك يا عذراء
جاوبته مريم في الحضرة
غبريال أعطاها الخبرة
السلام لك يا ست الأبكار
يا من في أحشاك قد صار
      لملك المجد الوحداني
أتانا بجسد إنساني
فخرج مطرودا عريان
لأرض الشقاء صار تعبان
مأسورا في رق الشيطان
في قاع جحيم فيه نيران
صار له ولجميع كل إنسان
مذلولين بالأحزان
ليرده للفردوس ثان
لمريم فخر الأكوان
خاطبها بفم ولسان
تقبلين حبلا روحاني
قالت ليس لي معرفة بإنسان
بحلول الابن الوحداني
يا مريم تي بارثينوس
مخلصنا ايسوس بي اخرستوس

(مقطع من مديح كيهك)

اقرأ أيضا:

اللحوم والمذود وطقوس المصريين في الاحتفال بعيد الميلاد المجيد

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر