فيلا شاكر بك بأسيوط .. طرابيش ونياشين تتحدى الزمن
كتب – فاتن الخطيب
في شارع فرعى بمنطقة النميس يستقبلك عقار فخم مكتوب عليه “فيلا مصطفى شاكر” وبجواره لافتة مكتوب عليها “العقار ليس للبيع”، وما إن تتخطى الباب الحديدي ويستقبلك مدخل من البلاط المزخرف متنوع الألوان وسلم له درابزين من الحديد المرسوم برسومات تشكيلية المفرغة ذات الزخارف المميزة، حتى تصل للطابق الثاني من فيلا شاكر بك فتجد أبواب غرف منزوعة.
بالحديث مع الورثة اتضح أن فيلا مصطفى شاكر التي تقبع في الطابق الثالث أنشأها مصطفى شاكر وريث شاكر باشا، الذي بنى قصر شاكر باشا في 1920، ولكن تم تأجيره لمدرسة دار الأندلس بنات، والتي تغير اسمها لـ “مجمع مدارس 30 يونيو”.
مدخل فيلا شاكر بك عبارة عن مساحة فراغ شاسعة وباب من الخشب لبدورم، وفي منتصف المدخل وواجهة الباب السلم الموصل للدور الثاني والثالث.
لم يتبق من فيلا شاكر بك سوى المدخل والسلم وتلك الجدران المغلقة بالطوب الأحمر لعزلها عن باقى القصر بعد تأجيرها للمدرسة، وطرقة مستطيلة من البلاط المطعم بنقوش أبيض وأسود وعلى حوافها بلاط آخر به رسومات ملونة لتكون برواز للطرقة المستطيلة.
وفور الصعود للطابق الثالث تجد مسكن الورثة وعلى يسار المنزل غرفة كبيرة تستنشق منها عبق المتاحف، رغم حداثة البناء، وفى واجهة باب الغرفة أنتريه قديم أنيق الطراز من 4 كراسى وكنبة حواف كراسيه مزخرفة برسوم نباتات رقيقة، لم يتغير منه إلا القماش حيث جدده الورثة بسبب تهالك القديم لعوامل الزمن، وعلى اليمين “نيش” كبير أو مكتبة احتفظ الورثة فيها بأشياء تستحق أن يُطلق عليها لقب تحف فبها علب لطرابيش الباشا وهي عبارة عن علب من الكارتون الصلب لها قاعدة وغطاء وشناكل حديدية هى قفل لغلق العلبة ومازال بداخل العلبة طرابيش جديدة بحالتها لم يتم ارتدائها.
وبداخل المكتبة الزجاجية 2 راديو كبير و5 تليفونات سوداء قديمة وأوان للقهوة من الفضة، ونياشين مجلس النواب، وتذكرة مرور حنطور منذ العام 1950،وبايوه للفضة به الملاعق والسكاكين الفضية.
ومن داخل الغرفة التي تحوي تحف الزمن القديم بدأ عبدالرحمن مصطفى شاكر، حفيد شاكر بك، متحدثا: بنى شاكر بك القصر فى عام 1920 تقريبا وله أكثر من قصر في محافظات مصر وأحدهم في حلمية الزيتون بالقاهرة، ولجدي الأكبر محمد عبدالعال قصر آخر بالعقال القبلى بالبداري كان جدي شاكر باشا يستوطنه أيضا، وتعدد القصور نظرا لظروف عمله كان جدي شاكر باشا عضوا في مجلس الأمة في أول مجلس أمة في مصر.
صور عديدة تزين جدران بيت العائلة منها صور للنحاس باشا وصور لأعضاء مجلس الأمة، وهنا يشرح أسامة مصطفى شاكر، هذه الصور متنوعة ما بين صور للعائلة وصور لجدي شاكر باشا فهذه الصورة، مشيرًا إلى صورة تجمع أعضاء مجلس الشعب وقتها، تجمع كل أعضاء البرلمان في أول دورة انعقاد له ومن بينهم جدي فكان ذلك في احتفالية افتتاح البرلمان، وصورة أخرى كبيرة تجمع شاكر باشا مع مكرم عبيد، ولم يكن الأمر مجرد صور فحسب بل زار النحاس باشا ومكرم عبيد قصر شاكر بك سواء في أسيوط أو قرية العقال البحري.
ثم أحضر عبدالرحمن كتيبات قديمة متنوعة منها كتيب به دعوة حضور افتتاح البرلمان مكتوب بها موعد الافتتاح ونوعية الملابس المحددة كزى حضور رسمى، ووثيق البهوية وكروت معايدة صغيرة عليها طابع الملك فاروق مُرسلة لشاكر باشا كتهنئة بالعيد من مصطفى النحاس باشا وفؤاد سراج الدين ومأمور فنار المكس. ومن ضمن الدعوات كانت دعوة لحضور مناورة لتدريب معاونة الأسلحة المختلفة فى المعركة بالذخيرة الحية فى الصحراء عن الكيلو 24 بالسويس، ولوحظ بالوثائق والمعايدات كتابتها بلقي حضرة صاحب العزة، وهنا أوضح الحفيد أن شاكر باشا حاصل على لقبى صاحب العزة ويمثل رتبة البهوية من الدرجة الأولى وكذلك حضرة صاحب العزة ويمثل رتبة البهوية من الدرجة الثانية.
فيما أحضر صندوقا كبيرًا به العديد من المقتنيات ومنها سبح من الكهرمان ومباسم مطعمة بالذهب حتى إن أحدها مازال به قليل من التبغ، وعلب من الفضة كان يُقدم بها الحلويات في الأفراح للحضور، وساعات جيب أوروبية الصنع وأغلبها تركى، إضافة إلى علب تبغ عليها نقوش فارسية عن الحضارة السومرية، وعصا منشة مكتوب عليها شاكر عبدالعال 1937 وعصيان من العاج وتلبيسة حذاء برأس فرعوني مصنوعة من العاج وختم محفور عليه اسمه.
وهنا تتحدث نجلاء مصطفى شاكر، قائلة: نتمسك بقصور أجدادنا ولن نفرط فيها بالبيع فبها عبق أهلنا ورائحتهم التي نتنفسها كلما مررنا على جدار.
وهنا يُعاود أسامة الحديث قائلا: للأسف غيرت المدرسة في ملامح القصر وأضافت عليه منشآت جديدة. فلم نكن نتمنى ذلك فنحن نريد الاحتفاظ بقصر أجدادنا كما هو ونرفض تغيير ملامحه.
تعليق واحد