فيديو وصور| فتيات يبدعن في استخدام السعف باحتفالات عيد الخويصة
تصوير: مريم الرميحي
بابتسامات مبهجة، وزينة غير تقليدية يرتديها الأطفال وخاصة البنات، تجد نظرات محبة متبادلة بين الجميع لا تستطيع تمييز دياناتهم رغم تواجد الجميع أمام كنيسة القديس “ماريوحنا” الحبيب تحديدًا، بمدينة نجع حمادي، إذ احتفل الأهالي بأحد السعف، أو الشعانيين، أو الخويصة، كما أطلقوا عليه منذ مئات السنين.
الخويصة
منذ آلاف السنين وفي مثل هذا اليوم، استقبل أهالي أورشليم السيد المسيح بابتهاج عارم، حاملين أغصان الزيتون وسعف النخيل، تعبيرًا عن محبتهم، متلهفين للخلاص من الحكم الروماني حينها، بعبارة عبرية “هوشعنا” وتعني أوصلنا أي “خلصنا”، هكذا سرد لنا هلال منير، ناظر كنيسة ماريوحنا الحبيب، أسباب الاحتفال، ولماذا تحديدًا قوالب النخيل “السعف”.
استطرد منير، موجه سابق بالتربية والتعليم، لـ”ولاد البلد“، نسميه أحد السعف أو أحد الشعانيين، أو الخويصة من كلمة خوص والمقصود بها سعف النخيل كما عرفته منذ طفولتي هنا في محافظة قنا، خاصة مدينة نجع حمادي حيث ولدت، كان شارع الشيخ عمران يمتلئ بالأطفال لا تميز ديانتهم، نتبارى في تضفير السعف، لصنع الأشكال مثل رأس بعض الحيوانات ” قطة، كلب، حصان”، وصنع الخواتم للفتيات، والصلبان والطراطير.
وكنا نحرص على المنافسة وإبراز كل منا مهاراته في سرعة وإتقان صنع الشكل، ولكن تطور الأمر الآن وأصبحت الفتيات تصنع أشكالا أكثر تعقيدًا وإتقانًا، هنا أكثر براعة فمنهن من يتعلم من أمهاتهن، فأمي أيضًا رحمها الله كانت تحرص على تعليمنا ومشاركتنا هذا الاحتفال.
يحتفل العرب بالنخيل أيضًا
“الخويصة” هو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد القيامة، واستخدام السعف للتعبير عن الفرح والسرور، عادة تراثية لدى المصريين والعرب أكثر من كونها تنتمي لطقس ديني بعينه، فالعرب كانوا في الجاهلية يحتفلون بهذا اليوم “يوم السباسب”، هكذا روى لنا المقدس عاطف رشدي، أحد أبناء نجع حمادي.
وأضاف رشدي، كما جاء في قصيدة النابغة الذبياني “رقاق النعال طيب حجزاتهم.. يحيون بالريحان يوم السباسب”، والسباسب جمع سبسب: وهو شجر يتخذ منه السهام، وقيل هي القفار والمفازات.
البنات
أما سيمون سامح، الفتاة ذات الـ16 عامًا، تلفت انتباهك بما ترتديه من زينة عكفت على صنعها بنفسها من السعف، حزام للخصر، وتاج للشعر، وأساور للمعصم، وخاتم، وبروش لملابسها.
سيمون، حكت لنا كيف تستقبل عيد الخويصة بعد انتظار هي وصديقاتها، وكيف يتبارين في صنع الأشكال الجديدة التى لم تكن موجودة من قبل، مثل العديد من أشكال إكسسوارات الخاتم ذو الطبقات المتعددة، حزام الخصر، البروش.
أما إيرين لمعي، ربة منزل، عبرت عن فرحتها بعيد الخويصة الذي تستعد له قبلها يوم حيث تحرص على شراء قوالب نخيل السعف لأبنائها، والمكوث طوال اليوم والليل في تعليمهم إعداد القرابين والصلبان والأشكال العديدة، وتصطحبهم في الـ5 صباحًا من اليوم التالي لحضور القداس والصلاة واستكمال اليوم بمرح وسعادة.
كما ترى إيرين، أن عيد الخويصة بداية لمجموعة من الاحتفالات المتتالية لمدة أسبوع مرورًا بأربعاء أيوب، وفيه تحمل سيدنا أيوب الآلام والمرض، والجمعة العظيمة، ويحتفل يوم الأحد القادم بعيد القيامة المجيد، ثم يأتي الاثنين ويحتفل الجميع بشم النسيم.
القربانة
روت إيرين، أنها حين كانت طفلة هي وصديقاتها لم تكن كل هذه الأشكال المتعددة من السعف، بل هو الخاتم ورؤوس الحيوانات، ولكن ورثت عن أمها عادة مجلبة للبركة وهي تضفير قربانه، وهو شنطة صغيرة تصنع من الخوص، وتضع داخلها قربانة خبز صلى عليها في الكنيسة، ونعلقها في المنزل لمدة عام تجلب البركة وتمنع الشر والحزن، والقربانة لا يصيبها العفونة فهي قد تنشف أو تتتشقق فقط.
بمرورك بين ثنايا الكنيسة وفي الشوارع المجاورة لها تلاحظ الازدحام والمعايدات بين الجميع، تطور الزمن يغير من عادات المجتمع، يطمس عادات ويستحدث أخرى، وينعكس في تغيرات على الحياة الاجتماعية والثقافية، ولكن تبقى البهجة التي تحملها الأعياد راسخة، خاصة عيد الخويصة.
3 تعليقات