«عندليب عدوان»: رغم القيود السياسية نواصل توثيق معاناة الصحفيين الفلسطينيين

رغم التحديات الكبيرة التي فرضتها الحرب والقيود السياسية في قطاع غزة، استطاعت الفلسطينية «عندليب عدوان»، مديرة مركز التنمية والإعلام المجتمعي، وهي مؤسسة أهلية تم تدشينها في القطاع، توثيق معاناة الصحفيين الفلسطينيين في أكثر من 30 فيلما وثائقيا، ورغم أهمية هذه الأفلام، فقد تم منع عرض بعض منها بسبب تلك القيود.

صناعة الأفلام وسط القصف والحرب

أكدت «عندليب عدوان» في حديثها الخاص لـ«باب مصر»، استمرار مركز التنمية والإعلام المجتمعي بقطاع غزة في إنتاج الأفلام لعدة أشهر بعد اندلاع الحرب، التي توثق العديد من المبادرات التي انطلقت في ظل الحرب على قطاع غزة. بالرغم من كل الصعوبات والتحديات التي واجهها صناع ومخرجو الأفلام.

تقول: “وجدنا تحديات كبيرة تتعلق بأوضاع الحرب من قصف ودمار ونزوح متكرر للفلسطينيين، ومنهم مخرجو الأفلام وصانعيها، وتعرض معدات صناعة الأفلام للضياع أو التدمير أو الفقد، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء تماماً، وعدم وجود أي مصدر للطاقة لشحن المعدات، فيما عدا وقت محدود جداً من ألواح الطاقة الشمسية المتبقية بعد التدمير والقصف”. وتابعت: صناعة الأفلام بشكل عام تواجه تحديات سواء من الاحتلال الغاشم أو من السياسة الفلسطينية. فهناك بعض القضايا، مثل الاعتداءات الجنسية داخل الأسر، التي واجهت منعًا رقابيًا حال دون عرضها.

توثيق قصص فلسطينيات خلال الحرب

وأضافت “عدوان” أن المؤسسة، في ظل كل التحديات التي تعرضت لها من بداية الحرب، نجحت في إنتاج ستة أفلام وثائقية طويلة. توثق هذه الأفلام قصص لنشاطات وأعمال نساء، منهم شباب بادروا خلال الحرب لخدمة مجتمعهم. فمثلاً؛ أحد الأفلام وثق شخصية امرأة فلسطينية كانت تعمل معلمة قبل اندلاع الحرب. وخلال الحرب، وأثناء نزوح الفلسطينيين المتكرر وتكدسهم في المدارس سواء التابعة للحكومة أو الأونروا كمركز للجوء. لم تتحمل هذه المُعلمة بقاء الصغار دون أن يتلقوا التعليم طوال هذه الفترة. فبادرت بجمع الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال في مراحل التعليم المختلفة. وقامت بتدريبهم على آلية التدريس لأولادهم بأنفسهم. واستمرار تعليمهم في ظل هذه أوضاع الحرب وعدم انتظام العملية التعليمية. وكانت هذه مبادرة مجتمعية ممتازة استفاد منها الفلسطينيون كثيرا. ولقد وثقنا هذه المبادرة في أحد الأفلام.

واستطردت: “كما وثقنا أيضاً في فيلم آخر حياة صحفيتين. وجميعنا يعلم جيدا مدى صعوبة العمل الصحفي بشكل عام للرجل والمرأة. ولكن في ظل الحرب، كان العمل الصحفي أكثر صعوبة بالنسبة للمرأة التي تسعى لتأمين أطفالها وأسرتها، بخلاف تعرضها الشخصي للخطر خلال عملها. وغيرها من القصص الواقعية التي سعينا لتوثيقها ونقلها للعالم كله، بالرغم من كل التحديات والظروف الصعبة جدا التي نواجهها”.

محرر باب مصر مع عندليب عدوان
 أين عرضت هذه الأفلام الوثائقية؟

أشارت مديرة مركز التنمية والإعلام المجتمعي بقطاع غزة إلى أنه فور الانتهاء من هذه الأفلام الوثائقية تم عرضها في قطاع غزة أولاً. ثم تم عرضها في العديد من الجهات والبلدان الأخرى، مثل: مؤسسة أضف بالقاهرة، وأيضاً في مهرجان الأفلام الفرانكفونية بدار الأوبرا المصرية. كما تم عرضها في جامعات أمريكية بولاية أوهايو. وكذلك جار تنسيق بعض العروض في مؤسسات ونقابات مصرية أخرى في القاهرة.

وتقول: “هناك مؤسسات ومنظمات أخرى تقوم بتوثيق أفلام تتناول الأوضاع التي خلفتها الحرب في غزة. وبالنسبة لمركز التنمية والإعلام المجتمعي، فهناك مشروع قادم لإنتاج أفلام ولكن ليس في الوقت الحالي”.

مهرجان الإسماعيلية

وعن مشاركتها في الدورة الـ26 لمهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، تقول الفلسطينية «عندليب عدوان» إن هذه الدورة ليست أول حضور لها. وتذكر أن أول مشاركة لها في مهرجان الإسماعيلية كان عام 2009، حضرت فيها كمشاهدة لفيلم صديقتها المخرجة نادية كامل باسم “سلطة بلدي”. وبالتالي، هذه تعد ثاني مشاركة لها في هذا المهرجان.

وتابعت: هذا العام شاركت على هامش فعاليات المهرجان في ندوة بعنوان: “الأفلام بعيدًا عن نشرات الأخبار” التي أدارها الكاتب والناقد المصري زين العابدين خيري. وشاركت النقاش المخرجة اللبنانية إيليان الراهب، تحدثتُ فيها عن واقع إنتاج الأفلام الوثائقية في قطاع غزة، وخاصة في ظل الحرب. وتحدث زين العابدين خيري عن أهمية الأفلام التسجيلية في توثيق الأحداث الإنسانية بعيدًا عن التغطية الإخبارية السريعة. وأشار إلى أن السينمائي الذي يحيا تحت القصف قد يتساءل عن دوره خارج نقل الأخبار، ليجد لنفسه دورًا أعمق وأكثر ارتباطًا بالواقع والإنسان.

مشاركة الصوت الفلسطيني

وأعربت «عدوان» عن امتنانها لمشاركة الصوت الفلسطيني في هذه الدورة من مهرجان الإسماعيلية. مشيرة إلى أن الإعلام التقليدي دائما كان يهتم بالمانشيتات فقط دون تسليط الضوء على حياة الشهداء وأسرهم. وأوضحت أنه خلال عملها في مركز التنمية والإعلام المجتمعي بقطاع غزة. لاحظت أن الإعلام كان يتعامل مع ضحايا الحرب كأرقام فقط دون التعمق في تفاصيل حياتهم وأحلامهم. مشيرة إلى أن التغطية الإعلامية دائما كانت تركز على أخبار السياسيين فقط. ما دفعهم إلى إنشاء هذا المركز عام 2006 لتوثيق قضايا النساء. لكنها واجهت تحديات سياسية ورقابية بعد الأحداث السياسية في قطاع غزة.

وفي ختام حديثها أشادت “عدوان” بوجود العنصر الشبابي في تنظيم المهرجان، مما أضاف حالة من النشاط العام. وأيضاً الفريق المساعد لرئيس المهرجان المخرجة هالة جلال كان معظمه من الشباب. وهذا شيء يثلج القلب، فهؤلاء الشباب بحاجة إلى تراكم خبرات لقيادة المستقبل فيما بعد. وهذا شيء رائع لأول دورة تترأسها سيدة.

اقرأ أيضا:

حوار| المخرج الكاميروني جان ماري تينو: السينما أداة للتعبير السياسي والاجتماعي في إفريقيا

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر