"عروسة المولد يازينة محلاكي بالفترينة".. مراحل تصنيع العرائس الحلاوة
“ياعروسة يا حلوة يازينة واقفة بتطلي علينا.. ياعروسة يا حلوة يازينة ياحلاوتك في الفترينة”، أغنيه تراثية خطرت في ذهني عندما رأيت عرائس المولد الحلوى والتي كانت ولازالت هي وسيلة التعبير الأولى عن الفرحة بقدوم المولد النبوي الشريف، فعلى الرغم من انتشار العروسة البلاستكية من سنوات مضت، إلا أن هناك العديد من المصانع المصرية تصنع هذه النوع من العرائس، والتي هي تراث مصري شعبي لا يزول.
رجال الصنعة
الساعة الثالثة عصرًا يجلس الأسطى أحمد، كبير الصانعية، في السبعينات من عمره، أمام باب أحد مصانع حلوى المولد في باب البحر، يشرب كوب الشاي، منتظرًا الأسطى رامي، 33 عامًا، والواقف أمام منضدة خشبية عريضة، ليحضر الخميرة، والذي ينادي على يوسف، ابن الخامسة عشرًا عامًا، ليجلب له الأدوات، فيما قام أبو سويلم، ذاو البنيان القوي، برفع لوح خشبي على ظهره، ليساعده أحمد، 25 عامًا، في إنزال اللوح.
هكذا يتشارك الـ 5 رجال بأعمارهم وأجيالهم المختلفة، في صنع عروسة وحصان المولد من السكر، لنعيش معهم يوم كاملًا للتعرف على مراحل تصنيع هذه الجميلة “عروسة المولد”.
الضرب
الخميرة هي المرحلة الأولى والأساسية في صنع عروسة المولد الحلاوة، والتي تتكون من سكر وماء وملح ليمون، توضع في وعاء نحاسي كبير، هكذا يشرح الأسطى رامي، مراحل صنع عروسة المولد قائلًا “عروسة المولد في الأساس هي عبارة عن سكر ومياه، تمر بعدد من المراحل حتى تخرج إلى الشكل النهائي”.
يكمل: الخميرة هي المرحلة التجهيزية والتي من خلالها يتم تذويب السكر في الماء حتى يصفر لونه، ثم يوضع به ملح الليمون ويترك جانبًا فترة ساعة تقريبًا، ليتفاعل ملح الليمون مع السكر والذي يقوم بمهمة تجميد الخليط، وذلك بعد أن يتم ضربه بمضرب خشبي كبير، لأكثر من ربع ساعة.
عملية الضرب ليست هينة، فهي تأخذ مجهودا عضليا كبيرا، لذا تمت بالتناوب بين الشابين أبو سويلم وأحمد، لتتجمد الخميرة وتتحول إلى لون أبيض.
يوضح أحمد أن الخميرة لا تحتاج إلى مجهود ذهني ولكنها تتطلب مجهود بدني، قائلًا “زي ماشوفتي المضرب الخشبي كبير جدًا وتقيل وبيحتاج لقوة إيد لتمسكه وتحركه كويس وبقوة”، مضيفًا أنها تحتاج إلى سرعة في الأداء حتى تتجمد ثم تنقل إلى صاج صفيح وتتساوى باليد، وتترك بعيدًا.
النار
هي المرحلة الأولى والأساسية، فمن خلالها توضع المياه في إناء من النحاس دائري بيد خشبية ليمسك به، وهنا يشير سويلم إلى أنه يتم وضع المياه في الوعاء المجوف من الداخل ويرفع على النار، ثم نبدأ في وضع السكر بكمية مناسبة، ويتم التقليب جيدًا حتى يصبح السائل متماسكًا.
رجل المخاطر
وسط هذه المراحل لم يحرك له ساكنًا ويقف مترقبًا فقط إلى أن آتت مرحلة النار وهي المرحلة الأخطر في الصنع، ليأخذ هو العصى الخشبية ويقلب بها وهو أمام النار العالية مباشرة، وكأن خبرته تغطي على قوة النار.
“دي عادة ربنا مايقطعهلنا”، بضحكة لا تفارق وجهه المليئ بالتجاعيد لكبر سنه، يقف وهو مرتديًا ملابسه البسيطة، أمام النار، ليوضح عم أحمد، مدى حبه للصنعة، قائلًا “يابنتى أنا ليا 40 سنة في المهنة ورثتها أبًا عن جد، مشفتش أصعب ولا أحلى منها مهنة”، موضحًا أنه قام بتعليم الشاب في المصنع، كما أنه “شرّب الصنعة” للأغلب العاملين بتصنيع عروسة المولد حاليًا.
يفور السائل على النار ليختبر عم أحمد سمكه ويجده مناسبًا فيقوم سويلم بإنزال القدر من على النار، لتتضح هنا أهمية الخميرة.
يأتي يوسف بقالب من الخميرة التي وضعت جانبًا ليضعها داخل السائل بالإناء الساخن، ويقف جيدًا وهو يؤكد أهميتها في تبريد وتجميد السائل، مشيرًا إلى أنه بهذا يصبح جاهزًا للتشكيل والذي يتم عن طريقة مرحلة الصب.
قوالب خشبية كبيرة أو صغيرة تكون متساوية خارجيًا، ومحفور بها الشكل داخليًا، تبلل بماء قبل أن يتم صب السائل الساخن بها.
يوضح الأسطى رامي أنه يقوم بوضع القوالب بجوار بعضها وبمجرد سكب السائل يبدأ في التجميد مباشرة ليتخذ الشكل الداخلي سواء كان عروسة أو حصان بأحجامهما المختلفة.
مولود جديد
القوالب الخشبية مصنوعة بطريقة تسمح بفكها من الجانبين الأيسر أو الأيمن، لتخرج ما بداخلها، وهو ما يفعله سويلم، عندما يفتح القالب ويخرج العروسة والتي تشبه المولود الجديد الخارج من بطن أمه، في لونه الأبيض وملامحه غير المحددة، منوهًا إلى ضرورة تركها حوالي ربع ساعة لتجف في الهواء.
عن العروسة
يقول مؤرخون إن العروسة ظهرت في عهد الحاكم بأمر الله، والذي خرج في احتفالات المولد النبوي مع إحدى زوجاته مرتدية رداءً أبيضًا وعلى رأسها تاج من الياسمين، فقام صناع الحلوى برسم الأميرة في قالب الحلوى، بينما قام آخرون برسم الحاكم بأمر الله على حصانه وصنعوه من الحلوى.
مؤرخين أخرين قالوا إن موسم الزواج كان متزامن مع احتفالات المولد النبوي.
اقرأ أيضا:
https://heritage.weladelbalad.com/217497-2/
3 تعليقات