عرض كتاب| «صوت من المنفى».. نصر أبوزيد وإستر نيلسون
كتب – مارك أمجد
نصر أبو زيد؛ وُلد في العاشر من يوليو 1943 في قرية قحافة بالقرب من محافظة طنطا، وهو أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة لايدن في هولندا… نشر عدة كتب باللغة العربية وعددا من المقالات بالإنجليزية. عاش خارج مصر أيضا في اليابان والولايات المتحدة. تقلد في عام 2002 ميدالية مؤسسة فرانكلين وإليانور روزفلت لحرية العبادة. وتم نفيه من مصر في عام 1995 بسبب اتهامه بالكفر والردة.
إستر نيلسون؛ أستاذة الدراسات الدينية بجامعة فيرجينيا كومنولث، وهي كاتبة حرة نشرت العديد من أعمالها في مختلف المطبوعات المتداولة. وهذا الكتاب (صوت من المنفى) عبارة عن حوار صحفي طويل بينها وبين الأستاذ المصري نصر حامد أبو زيد.
الممتع في الكتاب عدة أمور حقيقة؛ أولها أنه لا يتطرق أبدا لصلب القضايا التي اُتهم على إثرها أبو زيد بالكفر، بمعنى أنه لو كنتَ لا تعرف عنه سوى اسمه، فهذا الكتاب يُعد فرصة جيدة كي تطلع من يكون هذا الشخص بالأساس، وما هي الملامح العامة لأفكاره التي تسببت في طرده من البلاد. ثانيا؛ لن تستمع طوال قراءتك سوى لصوت أبو زيد نفسه، وبالتالي فالسيدة نيلسون لا تقوم سوى بمحاورة ضمنية خفية كي تقتاد الرجل للمناطق المفخخة التي حتما يود الجميع دخولها وفك ألغازها. ثالثا وأخيرا؛ نظرا للفترة الحديثة التي تُرجم فيها الكتاب للعربية، وبعد زمن ليس بقليل من توقيت الأزمة الحقيقية، تمكنت دار النشر المصرية من طرح كتاب يعج بالأسرار التي يرويها أبو زيد بنفسه، وهي تطول عددا من مشايخ الأزهر وأساتذة بجامعة القاهرة وأحيانا بعض من رجالات الدولة وقتها.
يبدأ أبو زيد من نقطة انطلاق الأزمة حينما تقدم بأوراقه لنيل درجة أستاذ لقسم اللغة العربية بجامعة القاهرة كي تُرفض، ويتم على إثرها تشبيه أفكاره بالإيدز الثقافي وأنها محاولة ماركسية علمانية لهدم المجتمع المسلم المصري. ثم يتطور الأمر لمحاكمة يخضع لها الرجل مثل محاكم التفتيش قديما فتصدر المحكمة حكما بالتفريق بينه وبين زوجته ثم نفيه نهائيا من البلاد.
لا يتحرج أبو زيد من القارئ فيحكي عن نشأته في قرية ريفية أُمّية من أسرة بسيطة. كما يحكي عن إخوته الذين أعانهم ووقف بجانبهم وقام تجاههم بدور الراعي والأب، حتى وهو أستاذ. وأيضا عيشته في أمريكا واليابان وكيف تأثر بالديانات الأسيوية وأحب طباع الناس وطعامهم هناك. كما يوضح أسباب فشل زواجه الأول وسر انجذابه لزوجته الثانية ابتهال يونس. وإبان كل هذا ينتهز الفرص فيدلي بآراءه في مسائل كثيرة لا تخص فقط قضيته، مثل الزواج في مصر والجنس والعلاقات بين الناس وتدخلهم في شئون بعضهم وكيفية تعاملهم مع الدين والحياة ونظرتهم للغرب ولأنفسهم ونظرة الغرب للإسلام والعرب، خاصة بعد 11 سبتمبر. باختصار الكتاب يعتبر نظرة نقدية لمجتمعنا بعين فيلسوف كانت له قضية أكبر وأهم.
نُشر الكتاب لأول مرة في 2004 ثم صدر بالعربية عن دار الكتب خان في طبعتين 2015 و2017، ترجمة نهى هندي في 312 صفحة من القطع المتوسط.
تعليق واحد