عرض كتاب| البحث عن الذات.. السيرة الذاتية للرئيس أنور السادات
كتب – مارك أمجد
كتاب البحث عن الذات هو مذكرات شخصية مكتوبة بيد رئيس مصر السابق محمد أنور السادات، وفي مذكراته هذه يروي طفولته في قرية ميت أبو كوم والأيام الصعبة التي قضاها في زنزانة 54، ومشاركته في تنظيم الضباط الأحرار ومصر تحت حكم الزعيم جمال عبدالناصر، وما عانته من حروب استمرت من 56 حتى 67، وكيف واجه الشعب المحنة مع الرئيس ثم تولى أنور السادات زمام الحكم، واختار نهجا جديدا للحرب والسلام معا.
أنا أنور السادات فلاح نشأ وتربى على ضفاف النيل حيث شهد الإنسان مولد الزمان، أهدي هذا الكتاب إلى القارئ في كل مكان. إنها قصة حياتي التي هي في نفس الوقت قصة حياة مصر منذ 1918 هكذا شاء القدر. فقد واكبت أحداث حياتي الأحداث التي عاشتها مصر في تلك الفترة من تاريخها، ولذلك فأنا أروي القصة كاملة لا كرئيس لجمهورية مصر العربية، بل كمصري ارتبطت حياته بحياة مصر ارتباطا عضويا منذ بدايتي وإلى الآن.
رغم أنك تحمل كتابا يسرد أدق تفاصيل واحد من أهم الرجال الذين حكموا دولة قوية مثل مصر وفي فترة كانت مشحونة بحروب من كل اتجاه مع السوفييت والصهاينة والأمريكان، مع ذلك تجدها مذكرات كتبت بلغة حميمية جدا من الرئيس المواطن لقلب المواطن. دون أي تزويق أو تجميل لأي حقائق، حتى وهو يسرد طفولته المتقشفة وأيام سجنه القاسية، وحتى وهو يقارن بين نهجه ونهج عبد الناصر، تجده يتحدث بمنتهى الأريحية ودون مجاملة أو تحامل.
لكن وسط هذا الانسياب لن يكون خفيا عليك أنك تتعرف على شخص محنك في سياسة الحروب رغم طبيعته المسالمة، فتجده مثلا وهو يحكي ببساطة كيف تعمد نشر أخبار وهمية قبل حرب 73 عن الاستعدادات للحرب أكثر من مرة، وفي كل مرة يعود ويتراجع عن قراره مما جعل إسرائيل تتكبد خسائر فادحة اعترفت بها إدارتها فيما بعد. والعجيب أن نفس الرجل الذي يحدثك عن الحرب وأهدافها وضروريتها ستجده في فصول أخرى يشرح عملية السلام حينما يحين وقتها ويشرح أسبابه خلف ذهابه للكنيست بنفسه، وهو في ذلك نجا من فخ التناقض، لأنه يشرح الأمور دوما من وجهات استراتيجية ويضع الفعل حينما يتطلب الأمر إيجاده، ولا يهتم حتى لو كان بمفرده. ولم يكن جنرالا في الحروب فقط، وإنما في حياته العادية أيضا كان رجلا يلتزم بمبادئه الخاصة، فكان يواجه أي تهمة تنسب له بردود كلها فطنة وشجاعة، وكانت قاعدته التي التزم بها حتى آخر أيام حياته، أنه غير مطالب أبدا بتقديم أي مبررات عن تصرفاته.
أيضا من الأجزاء اللطيفة في الكتاب حكيه عن سياسة عبدالناصر والفرق بينها وبين طريقته، فتجده يشرح بشكل صريح كيف قرر أن يخلي المعتقلات والسجون وأن يترك متسعا للناس كي ينفسوا قليلا عن دواخلهم، ورغم اختلاف أفكاره عن الزعيم الذي سبقه إلا أنه لا يتطاول عليه أبدا، بل يشرح الأسباب والظروف التي أحاطت بكل منهما. ولم يكتشف السادات اختلاف منهجه مع عبدالناصر بعد توليه الرئاسة، بل اختلفا كثيرا (حسبما يذكر الكتاب) منذ كانا في تنظيم الضباط الأحرار، وطبعا حينما صار عبدالناصر رئيسا لمصر. لكن ما يوضحه السادات في الكتاب أنه كان دائما يعتبر آراءه مجرد وجهات نظر، يمكن الأخذ بها أو تركها كما هي.
لغة الكتاب السلسة المنمقة غير المغالية في أي تركيبات أو استعارات لغوية، تجعلك متيقنا من أنك تقرأ مذكرات حقيقية لمواطن طبيعي مثلي ومثلك، الأمر الذي يجعلك تصدق بسهولة كل كلمة تقرأها وتتعجب بعد الانتهاء منه كيف اطلعت على مثل هذه الأمور الموغلة في السرية والدقة دون أن تشعر بأنك مقبل على كتاب ثقيل. لأنه من الصعب أن تعثر على كتاب لأيقونة سياسية كانت حياتها مشحونة بكل هذه الأحداث وفي نفس الوقت يكون الكتاب ممتعا، فما يحدث عادة أن الراوي يتصور أن كل ما رآه وعاصره جدير بأن يُسرد ويقرأه أحدهم، وقد أدرك هذه النقطة المفصلية السادات، ومن الأكيد أنه استعان في تحرير كتابه بأناس لهم باع طويل في التحرير وإعادة الصياغة. والحق أن هذا انعكس بشكل في غاية التأثير داخل صفحات الكتاب.
مرفق بالمذكرات ملحق صور بالأبيض والأسود للقطات عادية من حياة الرئيس السادات مع عائلته بملابس المنزل ومع فلاحين قريته ببذلته المتواضعة. وصور أخرى تبرز الجانب العسكري من شخصيته وسط الجنود وقادة الجيش.
والفصل الأخير من الكتاب يشمل خطابات بخط يد الرئيس السادات للسوفييت ولرجال الجيش المصري. كما يحتوي على النص الكامل لكلمته التي ألقاها في الكنيست يوم 20 نوفمبر 1977.
نُشر الكتاب باللغات الإنجليزية، والألمانية، والفرنسية، والبرتغالية، والسويدية، والإيطالية، والعبرية، والفنلدية، والدنماركية، والإسبانية، واليابانية.
كما نُشرت أجزاء منه في الصحف والمجلات التالية:
-الأهرام
-مجلة تايم الأمريكية
-بانوراما الإيطالية
-لاريبوبليكا الإيطالية
-الإوبزرفر البريطانية
-نادي الكتاب (كتاب الشهر) بأمريكا
-بوك ديجست بأمريكا
-مجلة دير شبيجل الألمانية
صدر الكتاب عام 1978 عن المكتب المصري الحديث في 455 صفحة من القطع المتوسط، مزود بملحق صور بالأبيض والأسود للقطات هامة من حياة الرئيس السادات سواء الشخصية أو المهنية.
3 تعليقات