«عبدالعظيم محمد»: حكاية 40 عاما في صناعة «القباقيب»
في حارة تحت الربع، يعمل عبدالعظيم محمد، في ورشته القديمة التي تجاوز عمرها الـ90 عاما، من أجل ممارسة مهنته ومهنة أجداده في صناعة الأحذية اليدوية. وبالرغم من قلة البيع والشراء، إلا أنه اتجه لصناعة القباقيب الخشب الخاصة برواد المساجد، رغبة في الثواب دون المكسب.. «باب مصر» يتعرف على حكايته.
الأحذية الجلد
يحكى عبدالعظيم محمد، 70عاما، عن تاريخ عائلته في صناعة الأحذية ، ويقول لـ«باب مصر»: افتتح جدى الورشة عام 1983 وكان يصنع الأحذية من الجلد، وورشته كانت الوحيدة التي تعمل في هذه المهنة بالسوق كله، وحينها كانت الأحذية الجلد اليدوية هي النوع الوحيد المستخدم لدى المصريين فلم يكن هناك مجالا للمستورد أو دخول المصانع.
وتابع: استمرت الورشة في صناعة الأحذية التي تمر بعدة مراحل منها: شراء الجلد والعمل على تهيئته وإزالة الشوائب والزوائد الجلدية التي قد تشكل عائقا في الحياكة، ثم تفصيل الحذاء على شكل قوالب خشبية ووضعها تحت ماكينة الحياكة، كالثوب المحدد تفاصيله ومقاساته، ثم وضع نعل الحذاء وطلاءه ورفعه على النار لشده.
ويقول محمد: منذ حوالي 40 عاما، قرر والدي الحاج عبدالعظيم، العمل في صناعة القباقيب، خاصة بعد انتشار المساجد وافتتاحها في محيط هذه المنطقة، مشيرا إلى سهولة صناعة القبقاب وعدم استغراقه وقتا في تعلم ذلك، وشهدت هذه الصناعة إقبالا من الجميع في كل مكان، ويضيف أن القبقاب قديما لم يكن يستخدم فقط في المساجد، بل كانت تستخدمه السيدات في المنازل “بيمتص الماء وما بيزحلقش”. هكذا يشرح.
وعن الأخشاب التي تستخدم في صناعة القباقيب، يذكر محمد أنه تتم صناعة القباقيب من أخشاب معينة مثل، الجوز والمشمش والصفصاف والزان والسيبانس، ويتم تقطيع الخشب إلى نصفين متساويين باستخدام المنشار، على حسب مقاس القدم، وبعدها وضعه على آلة تقطيع حديدية، ومنها إزالة الزوائد الخارجية من الجانبين ومن الأمام والخلف، وبعدها وضع قطعة من الجلد على وجهة القبقاب وتثبيتها بالمسامير، ويرتبط القبقاب بالمساجد لعدم تعرضه للسرقة وقدرته على امتصاص المياه.
صناعة القبقاب
ويشير صانع القباقيب إلى قلة الإقبال على شراء الأحذية اليدوية بشكل عام ومنها القباقيب، خاصة مع ارتفاع أسعار الخامات، ليصبح سعر الجوز 15 جنيها بدلا من 2 جنيه في السابق، واقتصر البيع والشراء على رواد المساجد فقط، مثل مسجد السيدة فاطمة ونفيسة والسيدة سكينة، كما أن هناك مساجد من المحافظات الأخرى تقصد ورشته لطلب القباقيب أحيانا، ويضيف: “بنشتغل في سبيل الثواب مش المكسب”.
واستكمل حديثه: “الشغلانة حاليًا لم تعد كما كانت خاصة في ظل وجود المستورد والمصانع غطت على الجلد، كما أن عدم وجود عمالة وعزوف الشباب عن تعلم الحرفة جعلت منها حرفة أوشكت على الاندثار، بنعملها مجاملة عشان ورثناها من أهلنا”.
ويرى عبدالعظيم صعوبة في توريث حرفته إلى أولاده، فيقول: “شايفنها مش بتأكل عيش ولا بتجيب همها”، مشيرًا إلى أنه يلجأ أحيانًا إلى تصنيع منتجات جلدية، كالأحزمة والشنط لتوفير مصدر رزق له.