«طرب» أول مبادرة لتسجيل الرقص المصري في اليونسكو
البحث عن طريقة أكثر جدوى للحفاظ على فن الرقص المصري، كان بداية فكرة أولية خطرت للمهندسة والراقصة المصرية إيمي سلطان قبل أربعة أعوام، لتدشين مبادرة تمكنها من حماية التراث الاستعراضي المصري، خاصة أن مصر تمتلك أقدم وأعرق تقاليد فنون الأداء التراثية التي تعرضت لسلب ثقافي وتمثيل خاطئ، ومن هنا ولدت الفكرة للبحث، والحفاظ، وإحياء الفنون الأدائية المصرية.
إحياء التراث
وبينما تزدهر الحركات الفنية الدولية، فإن نقص التمويل والدعم يعرض الفنون الأدائية المصرية لخطر الاستيلاء والانقراض، وكان هذا هو الهدف من مبادرة «طرب» البحثية التي دشنتها الراقصة المصرية إيمي سلطان وتأتي رحلة البحث بالشراكة مع متخصصين في مجال التراث حول تاريخ فنون الأداء المصرية.
ووفقا للموقع الرسمي للمبادرة، تأتي المبادرة حفاظا على تراث القاهرة التي كانت في يوم من الأيام مركزًا للأداء والفنون البصرية في الشرق الأوسط، ومدينة متألقة تزدهر بالمسارح، كما كان يُطلق عليها في ذلك الوقت، وأماكن الأداء، ودور السينما التي صورت فيها الأفلام جميع عناصر فن الأداء بما في ذلك الرقص والموسيقى.
ولكن، اليوم، باستثناء بعض العروض المحدودة في المسارح الوطنية والمستقلة، لا توجد حركة متكاملة تضم جميع عناصر الفنون الأدائية المصرية، مما يهدد تأثيرها، وتهدف المبادرة البحثية لتوثيق كل نوع فريد من الرقص أو الأداء وحفظه وإعادة تقديمه لجمهور جديد، من خلال تنفيذها عبر ثلاث مراحل مختلفة، البحث والتوثيق، والتعليم، وبناء القدرات وتصميم الأداء.
مبادرة طرب
رغم الإعداد لفكرة مبادرة «طرب» قبل أعوام، إلا أنها أسستها إيمي سلطان فعليا في أكتوبر 2020، وتوضح لـ«باب مصر» أنه تم العمل المستمر منذ ذلك الوقت على تنفيذ الأهداف الثلاث للمبادرة، فالمشروع الأول هو مشروع «توثيق» توثيق الرقص المصري في منظمة اليونسكو في فئة التراث الشعبي غير المادي.
والمشروع الثاني يحمل اسم «تقسيم» لتعليم الرقص والموسيقى المصرية عبر الآلات الشرقية من خلال معهد متخصص، أما المشروع الثالث «ترتر للإنتاج» فيهدف إلى تنفيذ كلما هو متعلق بالتراث الاستعراضي مثل المحتوى أو توثيق ثقافي أو أزياء ومصنوعات متعلقة بالرقص المصري.
كذلك تم التخطيط لأنشطة محددة للتأثير على عدد كبير من المصريين العاملين في مجال الثقافة الذين ليس لديهم فرص التعرض ويحتاجون إلى التشجيع، مع تصميم الأنشطة لإعادة إنشاء النظام البيئي للفنون الأدائية في مصر من قبل، وسيتم تنفيذ البرنامج في خمس مراحل مختلفة، وهي التطوير، التعليم، بناء القدرات، تصميم الأداء والبحث.
الرقص المصري في اليونسكو
تسجيل الرقص المصري في منظمة اليونسكو، سيتطلب من إيمي وفريق المبادرة السفر في كل أنحاء مصر لجمع أرشيف عن أصول وتاريخ الرقصات المصرية المختلفة التي تتضمن العديد من الرقصات المختلفة، مثل الحجالة ورقصات النوبة والإسكندرانية والعوالم، والتي تتفق جميعها في الفلكلور الشعبي على رقص النساء وتختلف من مكان إلى آخر وفقا لحركات الساقين المؤثرة على الخصر.
ومن المقرر أن يستغرق المخطط الزمني 9 أشهر كحد أقصى لتقديم ملف “الرقص المصري” للمنظمة في 31 مارس القادم، وتقول: “بعد إجراء البحوث اللازمة وحال انتهائها قبل مارس 2022 سيتم تقديم الملف، ولكن حال تقديم الدولة أكثر من ملف هناك احتمالية لتأجيل نظر المنظمة في الملف لعام 2023”.
الرقص المصري والشرقي
الدعوة لتصحيح المفاهيم هدف أساسي من مبادرة الراقصة المصرية، خاصة مع الخلط المستمر بين مفهومي “الرقص المصري” و”الرقص الشرقي”، وتوضح إيمي لـ«باب مصر» أن الرقص المصري الأصلي يرجع إلى مصر القديمة، حيث كان الرقص للنساء نوعا من أنواع العبادة باستخدام آلات مثل الدف والناي وغيرها، وتم توثيقها على جدران المعابد، حتى تغير مفهوم الرقص في مصر ليصبح وسيلة لإمتاع الرجال في الفترة من عام 900 حتى عام 1000 ميلاديا بالتزامن مع غزو المماليك مصر.
وبعد دخول المماليك مصر، قاموا بخطف الراقصات ليصبحن فيما بعد جواري، وتقول إيمي: “من هنا بدأ مفهوم رقص النساء للرجال وهذا ما نطلق عليه الرقص الشرقي، أو التركي، وهو مختلف تماما عن فكرة الرقص المصري الأصلية للعبادة والحياة والاحتفالات مثل عيد الشمس وعيد النيل وغيرها من المناسبات المصرية القديمة”.
غزو ثقافي
تصف الرقص الشرقي الدخيل بأنه نوع من أنواع الغزو الثقافي، وتقول: “الرقص واحد من الثقافات المتأثرة بغزو البلاد لبعضها، والرقص المصري أساسه مصر، ولكن تم دخول أنواع أخرى مثل الأندلسي والتركي والهندي ورقص الغوازي من المغرب ورقص شبه الجزيرة العربية، ويشمل الرقص المصري تصنيفات داخلية مثل العوالم والغوازي والشرقي”.
برغم أن وجود الراقصات الأجانب في مصر، أمرا ليس جديد، إلا أن يمر الرقص المصري حاليا بأزمة بسبب الدخلاء على هذا الفن، يختلف تأثيرهن حاليا عن السابق في الهدف من الرقص، وتوضح سلطان: “الراقصات الأجانب حاليا يقتصر رقصهن على الربح المادي فقط، أما في السابق على سبيل المثال كيتي اعتمدت على الدراسة المستمرة والتطوير”.
وكذلك كلمة “بيلي دانسينج” الدخيلة تدل على الغزو لهذا الفن المصري، وعلى حد وصفها فإن الفرنساويين عندما شاهدوا الرقص المصري أطلقوا عليه أنه “رقص البطن”، وهذا مسمى خاطئ لأن كل الحركات أساسها الساقين، “نحاول إصلاح هذه المعلومات والمصطلحات وتوثيقها للتراث المصري” كما قالت.
المجلس الاستشاري
ويأتي هذا المشروع بمشاركة العديد من الشخصيات، تحت رؤية إيمي سلطان المؤسس والرئيس التنفيذي للمبادرة وهي راقصة مصرية بدأت حياتها المهنية كراقصة باليه، بعد التحاقها بالكلية الأمريكية بالقاهرة، ثم بكالوريوس الآداب في التصميم الداخلي من معهد روديك.
ويتضمن المجلس الاستشاري، أ.د فكري حسن مدير، أول برنامج للتعليم العالي في مصر في إدارة التراث الثقافي في الجامعة الفرنسية في مصر، ود.نانسي علي، الباحثة في دراسات النوع الاجتماعي وحاصلة على الدكتوراة في الأدب المقارن والتاريخ من جامعة السوربون في باريس، والسيدة ثريا بهجت، فنلندية مصرية مستشارة ومدافعة عن حقوق المرأة في مصر، وكذلك كريم الشافعي، الشريك المؤسس ورئيس مجلس الإدارة لشركة عقارية تهدف إلى إحياء القاهرة والهوية المصرية، وأحمد الحسيني الخبير الاقتصادي.
اقرأ أيضا
هيئة اليونسكو تسجل الأراجوز ضمن قائمة الصون العاجل للتراث الثقافي غير المادي