صور وحكايات: الآنسة ميّ
في مدفن شديد التواضع، مجرد خانة في الحائط، يرقد جسد الأديبة ميّ زيادة.
ولدت ميّ زيادة عام 1886 في الناصرة بفلسطين لأب لبناني من الموارنة، وأم فلسطينية من أصل سوري. اسمها الحقيقي هو ماري إلياس زيادة. منذ صغرها وهي موهوبة في تعلم اللغات، ويقال إنها كانت تتقن تسعا منها.
انتقلت إلى مصر عام 1907، وعملت بالتدريس واستمرت في دراسة اللغات والأدب. برعت ميّ في الكتابة ونشرت العديد من المقالات والأبحاث في العديد من المجلات والصحف، من أهمها جريدة المحروسة التي كان يملكها والدها، كما ألّفت العديد من الكتب، منها باحثة البادية، وابتسامات ودموع، وغيرها، وفوق ذلك فقد كانت خطيبة بارعة، وتتقن الرسم، والعزف على العديد من الآلات الموسيقية.
أنشأت صالونها الأدبي الشهير الذي كان قبلة للكتاب والأدباء في ذلك العصر، وكان الصالون الأدبي الوحيد الذي تقيمه امرأة. كان الصالون يعقد كل ثلاثاء بدءا من عام 1913. بسبب هذا الصالون، وبسبب لباقتها وثقافتها وجمالها، فقد وقع في حبها الكثير من الأدباء، إلا أنها لم تتزوج أبدا.
اشتهرت مي بمسألة المراسلة، حيث راسلت أعلام عصرها من سياسيين وكتاب وأدباء، وخاصة حب حياتها جبران خليل جبران الذي ظلت تراسله نحو 20 عاما دون أن تراه ولا لمرة واحدة.
عام 1929 توفي والدها، وبعده جبران خليل جبران، وبعدهما والدتها، الأمر الذي أثّر عليها كثيرا، فذهبت إلى لبنان حيث أودعها أقاربها في مستشفى للأمراض العقلية، ثم خرجت من المستشفى لتقيم لدى الأديب اللبناني أمين الريحاني. بعدها عادت إلى مصر. توفت في مستشفى المعادي عن 55 عاما. تم أداء الصلاة عليها في الكنيسة المارونية في شبرا، ولم يمش في جنازتها سوى ثلاثة أشخاص، لتدفن في النهاية في هذا المدفن المتواضع.
المكان: مدافن الموارنة، مصر القديمة.