صور| “هو” عاصمة المقاطعة السابعة من العصر الحجري للعثماني
قرية “هو” بالضم والتسكين، تقع على الشاطئ الغربي لنهر النيل، جنوبي مدينة نجع حمادي، وتبعد عن المدينة قرابة 6 كيلو مترات، تُعرف بين أهالي المدينة ومجاوراتها من القرى بأنها قرية شديدة القدم، فضلا عن مساحتها الكبيرة وعدد سكانها الذي يصل إلى 76 ألف 539 نسمة، بحسب إحصائية عام 2017.
تعد “هو” أكبر قرى مدينة نجع حمادي، شمالي قنا، من حيث عدد السكان، وتصل عدد القرى والنجوع التابعة لها 27 قرية ونجع، ويوجود بها منطقة هور الأثرية الشاهدة على معارك في عصور مختلفة عبر التاريخ، والمسجد العمري، كما تشتهر بالزراعة ووجود المنطقة الصناعية ومدينة الألومنيوم في نطاق الوحدة المحلية لها، بالإضافة لزراعة الطماطم في مساحات مستصلحة حديثًا منذ سنوات قليلة.
القرية منذ الفتح العربي
عرفت القرية منذ الفتح العربي لمصر وحتى أيام الدولة الفاطمية، قاعدة كورة من 80 كورة يتكون منها القطر المصري، وفي العصر المملوكي حدث ما يعرف بـ”الروك” وهو فك الناصر محمد بن قلاوون في 715هـ زمام القطر، لتصبح قرية “هو” كورة تضم 20 قرية تتبع إقليم قوص، وبذلك أعدت أكبر كور الصعيد، وفي العصر العثماني تغير اسم كورة إلى مقاطعة واسم الإقليم إلى ولاية فأصبحت هو مقاطعة الـ12 باسم مقاطعة “هو” وبهجورة وتوابعها.
وحول اسمها يقول محمود مدني، الباحث ومدير عام قطاع الشؤون الآثارية بمنطقة آثار نجع حمادي لـ”ولاد البلد”، إنه في اليونانى ديوسبوليس بارفا (Diospolis Parva) ومعناها طيبة الصغرى، وأيضا “ديسبوليس ميكارا”، وهو أيضًا يعنى طيبة الصغرى، ودياسبوليس الصغرى (Diaspolis Parfa)، واسمها البربائى “هو” Hou.
وذكرها جوتيه فى قاموسه أن اسمها المقدس (Hat Sekhem) والمدنى (Kenmet)، واسمها فى العصرين البطلمى والرومانى كمنت (عاصمة المقاطعة السابعة) من مقاطعات الوجه القبلى ومعبودتها الإلهة حتحور وشارتها الصاجات، واسمها الدينى حوت سيخمو (اسخيم) وهو يعنى بيت أو حصن الإله حتحور، أو أجات سخم أى مدينة أو بيوت الصاجات، واسمها القبطى حات أو حوت ومنه اشتق اسمه العربى “هور” ومنه اشتق اسمه العربي أيضا “هو” وهو الذى عرفت به رسميا منذ سنة 1231هـ.
العصر الحجري
يذكر مدني، أن مقابر ما قبل التاريخ تشير إلى أن مدينة “هو” كانت موجودة منذ العصر الحجري، فقد عثر في الحفائر التي أجراها عالمي الآثار بتري وكيوبيل عام 1884م في صحراء الهو على هياكل بشرية، وتماثيل وأواني فخارية، أدوات زينة ترجع إلى العصر الحجري الحديث، و تماثيل تمثل العبيد الأسرى ترجع إلى أوائل عصر الأسرات.
العصر الفرعوني
كما تشير مقابر ما قبل التاريخ والعصر الفرعوني أن المدينة كانت موجودة فى ذلك الوقت، وأنها كانت مزدهرة طوال العصر الفرعوني وحتى الدولة المتوسطة، وفي أثناء حكم الأسرة السادسة كانت هو قاعدة للإقليم، ثم يبدو أن قبائل النوبة استوطنتها بعدها فى أثناء حكم الأسرة السابعة عشر، ويذكر بعض علماء الآثار مثل آرثر (Arthur ,E,P)، ودوريس (Doresse ,j) أنه كانت توجد حصون رومانية في جانب المدينة الذي يطل على الصحراء.
العصر الروماني
في العصر اليوناني والروماني ازدهرت قرية “هو”، وأقيمت بها قلعة حربية، ومعبد على نهر النيل، ويظهر بقايا المعبد مقصورة صغيرة مشيدة لعبادة الإلهه حتحور إلهة الحب والجمال والموسيقى وعليها نقوش تمثل أباطرة الرومان وهم يقدمون القرابين لها، كما تحمل المقصورة أسماء أباطرة الرومان مثل بطليموس السابع وبطليموس العاشر والإمبراطور أدرين.
ووصفها آرثر بأنها “مدينة كبيرة فى مكان مرتفع فوق بقايا المدينة القديمة، وتتكون البقايا من تلال من مباني الطوب اللبن المتهدمة والأوعية الفخارية المحطمة وبقايا المدن، وبها ترى بقايا المعابد المشيدة من الحجارة الرملية بين هذه البقايا بالقرب من السوق وعلى ضفة النهر كانت ترى أطلال سور الميناء”.
الفتح العربي
كانت القرية من الفتح العربى لمصر وحتى الدولة الفاطمية قاعدة كورة من 80 كورة يتكون منها القطر المصري، وذكرها ابن خردزابة فى المسالك والممالك بأن “كورة هو” إحدى كور صعيد مصر، وذكرها أبوالعباس اليعقوبي بأنها مدينة قديمة كان بها أربع كور: كورة هو، وكورة دندرة من غربي النيل، وكورة فاو، وكورة قنا من الجانب الشرقي، وأنها قد خربت وقلت عمارتها لكثرة من يخرج إليها فى الناحية من الأعراب والخارجين وقطاع الطريق وانتقل الناس عنها إلى ما هو أعمر منها.
العصر المملوكي
فى عهد السلطان حسام الدين لاجين المنصوري في العصر المملوكي البحري، تم مسح القطر المصري وهو ما عرف بالـ”روك الحسامي” سنة 697هـ -1298م وفيه قسم إلى 24 قيراطا، كانت إحداهما كورة “هو” والكوم الأحمر من أعمال ولاية قوص القوصية (قوص)، وكانت أراضيها ضمن الخاصة السلطانية، ثم فك الناصر محمدبن قلاوون سنة 715هـ/1315م زمام القطر المصرى وهو ما عرف بالـ”روك الناصري”، وأصبحت فيه مدينة هو كورة تضم 20 قرية تتبع إقليم قوص وهى بذلك تعد أكبر كور الصعيد وكانت أراضيها أيضا ضمن الخاصة السلطانية، وفى عام 806 هـ شرقت مصر بقصور النيل وتفشى مرض الطاعون بمدينة هو فقضى ذلك الوباء بها على ما يزيد عن 15 ألف شخص.
العصر العثماني
تغير اسم “الكورة” إلى “مقاطعة” واسم “إقليم” إلى “ولاية” في العصر العثماني وأصبحت “هو” هي المقاطعة 12 باسم مقاطعة هو وبهجورة وتوابعهما من أصل 21 مقاطعة كانت تتكون منها ولاية جرجا.
ما ذكره الرحالة عن هو
يتابع مدير عام قطاع الشؤون الآثارية: ذكرت مدينة “هو” في كثير من كتب الرحالة والحجاج.. فقد ذكرها ابن بطوطة في أثناء رحلته لحج بيت الله الحرام.
يقول “سافرت من أخميم إلى مدينة هو.. وهى مدينة كبيرة بساحل النيل نزلت منها بمدرسة تقي الدين ابن السراج.. ورأيتهم يقرأون بها في كل يوم بعد صلاة الصبح حزبا من القرآن.. ثم يقرأون أوراد الشيخ أبي الحسن الشاذلي وحزب البحر.. وبهذه المدينة السيد الشريف أبومحمد عبدالله الحسنى من كبار الصالحين.. كرامة له دخلت إلى هذا الشريف متبركًا برؤيته والسلام عليه.. فسألني عن قصدي.. فأخبرته أني أريد البيت الحرام على طريق جدة.. فقال لي لا يحصل لك هذا في هذا الوقت.. فارجع وإنما تحج أول حجة على الدرب الشامي فانصرفت عنه.. ولم أعمل على كلامه ومضيت في طريقي حتى وصلت إلى عيذاب فلم يتمكن لي السفر.. فعدت راجعا إلى مصر ثم إلى الشام.. وكان طريقي في أول حجاتي على الدرب الشامي، حسبما أخبرني الشريف نفع الله به”.
وذكرها على مبارك بأنها مدينة واقعة على كيمان البلدة القديمة.. وبها مسجدان قديمان يشهدان صلاة الجمعة بخلاف الزوايا.. وبينها وبين البحر الأعظم جسر كبير للمحافظة على مياه خليج الرنان.. وبالجبل ضريح سيدي الأمير ضرار وبجواره بناء يشبه القصر كان قد بناه الدفتردار.
القرى والنجوع
جدير بالذكر أن القرى والنجوع التابعة لقرية “هو” هي:
عزبة ثاقب، عزبة أحمد سليمان، نجع موسى علام، نجع عمر عبدالرحيم، عزبـة محمد أحمـد حمـزة، عزبة العساكرة، عزبة الحديقة، عزبة إبراهيم عارف، عزبة الأمير، طراد النيل الشيخ سليم، مجمع الألومنيوم.
ومنها أيضا:
قرية بركة، المنطقة الصناعية بجبل هو، عزبة تادرس، عزبة طلميات الدرب، نجع السويقة، عزبة مدينة العمال، مستعمرة شركة السكر، نجع ركب، عزبة نقيب الشرقية، عزبة نقيب الغربية، نجع خضر، سكن الدريسة، هيئة التليغراف، عزبة جنيدي، عزبة رضوان، عزبة حسن.
اقرأ أيضا
تعليق واحد