صور| “مريم توت”: الفن تربية والبورتريه مرآة الإنسان
تصوير: خالد تقي
ببشرة سمراء وصوت طفولي واثق، وأصابع مدربة على نقش تفاصيل الوجوه وتصوير مشاعرها، عبرت “مريم” عن شغفها بالفن الذي يفوق شغف الأطفال.
“مريم مبارك توت” تخرجت في كلية التربية النوعية شعبة تربية فنية في عام 2018 يحدوها الأمل في نشر ثقافة الفن في بلدها، إيمانا منها بأن الفن هو رمز رقى المجتمعات.
لم تنتظر ابنة دشنا الوظيفة الحكومية ولم تسع إليها، إذ حزمت أمرها وأخذت على عاتقها تدريب وتعليم الأطفال الرسم واكتشاف الموهوبين منهم وتنمية مهاراتهم، قبل ذلك كان عليها أن تثبت جدراتها لتلك المهمة، فنظمت بدعم من ثقافة دشنا ثلاث معارض قدمت فيها أوراق اعتمادها كفنانة متخصصة في فن البورتريه.
موهبة مبكرة
تقول مريم توت، إنها عشقت الرسم منذ أن كانت في المرحلة الإعدادية، وكانت تجد متعة في رسم صور الأشخاص المشهورين في الصحف والمجلات، لافته إلى أنها وجدت التشجيع من أسرتها وخصوصا والدتها ومعلمو الرسم بالمدرسة، رافقها شغفها بالرسم حتى المرحلة الثانوية لتظهر موهبتها في فن البورتريه.
وتروي بشغف، “أنا كنت علمي ولكني قررت أن أدرس الفن لصقل موهبتي بالدراسة ورحبت أسرتي بالقرار لإيمانهم بموهبتي والتحقت بكلية التربية النوعية شعبة تربية فنية بجامعة جنوب الوادي بقنا وتخرجت بتفوق العام الماضي”.
تلفت مريم إلى أنها برعت في فن التصوير وخصوصا البورتريه حتى أنها منذ أن كانت في السنة الثانية بالكلية كانت تتلقى عروضا مدفوعة من بعض زميلاتها بالجامعة لرسم بورتريهات فنية لهم أو لأقاربهم، وبعد التخرج كان عليها أن تتقدم لثقافة دشنا لإتمام الخدمة العامة للفتيات من خلال إقامة ورش فنية للأطفال ضمن أنشطة بيت ثقافة دشنا.
تتابع الفتاة حديثها: “عجبتني الفكرة خالص، لأننا ممكن نكتشف فنانين عظماء من الأطفال دول، وتمنيت أن الدولة تقيم في كل محافظة أكاديمية شعبية لتعليم الفن للصغار والكبار ويشارك فيها كل شباب الفنانين بأجر رمزي”، لذلك حتى بعد أنهت مريم الخدمة العامة واصلت عمل الورش الفنية للأطفال بشكل تطوعي وفي المقابل كانت تتلقى أوامر شغل لرسم بورتريهات نظير أجر مالي.
فن البورتريه
تلفت مريم، إلى أن فن البورتريه من الفنون الصعبة والتي تحتاج إلى الدقة الشديدة في نقل تفاصيل الوجه وتقاسيمه وتعبيراته المختلفة مع أهمية المحافظة على النسب والمقاييس الطبيعة للوجه، ثم مرحلة التلوين وتوزيع مساحات الضوء والظل، مشيرة إلى أن فن البورترية يختلف عن باقي فنون الرسم في أنه فن إنساني محض موضوعه الأساسي الوجه والذي هو مرآة الشخصية الإنسانية، وينقسم إلى نوعين: النوع الأول هو “تصوير البورتريه” وهو عبارة عن نقل تفاصيل الوجه أو الصورة الفوتغرافية بكل دقة دون تدخل من الفنان، أما النوع الثاني وهو “البورتريه الفني” فيتاح للفنان أن يرسم الشخص من وجه نظره هو من خلال قراءة وفك رموز الشخصية من خلال ملامح الوجه.
وجدت الدعم..ولكن
تؤكد مريم أنها وجدت كل الدعم من ثقافة دشنا في إتاحة الفرصة لها بعمل ثلاث معارض منذ تخرجها العام الماضي، كما نفذت عشرات الورش الفنية لتدريب الصغار على الرسم بثقافة دشنا وفي المدارس الابتدائية والإعدادية، وتوضح أن ثقافة دشنا لا ينقصها الكوادر الفنية والثقافية فلديها عشرات المبدعين في الفن والأدب والشعر والثقافة، ولكن تحتاج إلى الإمكانيات في توفير مبنى كبير مدعم بمسرح وقاعات رسم وموسيقى، ملمحة إلى أن مساحة ثقافة دشنا عبارة عن شقتين لا تزيد مساحتهما معا 100 متر وأكثر من نصف المساحة مخصص للمكاتب الإدارية، وفي حالات الورش الفنية نحتاج لمساحة أكبر للصغار فنضطر إلى نقل الورشة إلى مكان أخر أوسع.
الفن تربية
تجد مريم كل السعادة في التعامل مع الأطفال وخصوصا الموهوبين في الرسم، لافته إلى أنه للأسف تعامل مادة الرسم في المدارس على أنها مادة غير مهمة، بالرغم من أن الرسم يدخل في علوم تطبيقية ونظرية مهمة، مثل الفلك، والجغرافيا، والطب، والهندسة.
وتضيف أن الرسم بالنسبة للأطفال من الوسائل التربوية الهامة في توظيف طاقاتهم في الإبداع، كما أنه ينمي ذكاء الطفل وينمي قدراته المعرفية، ودربت أكثر من 200 طفل في مراحل عمرية متفاوتة من سن 5 سنوات وحتى 16 سنة، ولاحظت أن نسبة لا تقل عن الربع منهم لديهم موهبة مبشرة في الرسم والفن التشكيلي، كما تحرص الفتاة على إدراجهم في ورش فنية نوعية لإكسابهم مهارات جديدة تصقل من موهبتهم الفطرية.
وتحلم مريم بإقامة عدد من المعارض بالقاهرة لعرض موهبتها في رسم البورتريه الفني، كما تحلم أن تؤسس أكاديمية خاصة لتعليم الأطفال الرسم.
14 تعليقات