صور| أسوار الإسكندرية الأثرية.. من العصر الروماني حتى التاريخ الحديث
من المعروف أن تاريخ نشأت مدينة الإسكندرية يرجع إلى العصر اليوناني، ومرور الإسكندر الأكبر على جزيرة “راقودة” و “فاروس”، والتي أصبحت هي النواة التي أنشأت عليها مدينة الإسكندرية، التي أشار الإسكندر بإنشاءها عام 331 ق.م، على يد المهندس “دينوقراطيس”، الذي خطط المدينة في عهد بطليموس الأول، وذلك وفقًا لما ذكرته العديد من المراجع التاريخية.
كان لابد أن يتم بناء أسوار تحمي هذه المدينة، التي أصبحت وقتها عاصمة مصر في العصر اليوناني والروماني، ومنها كان يدار حكم مصر، وهنا يوضح الدكتور خالد فؤاد بسيوني في مجلة الآثاريين العرب كيفية بدء فكرة إنشاء أسوار دفاعية تحمي الإسكندرية.
في عهد الإسكندر الأكبر الذي أمر بإنشاء سور ضخم ذو أبراج وحصون وأبواب للدفاع عن المدينة، وأتم تشيده في عهد البطالمة، ثم زاد الرومان تحصينه، إلى أن تهدمت أجزائه وضاقت في العصور العربية، خاصة السور الذي أنشأه أحمد بن طولون، والذي يمكن رؤية بقايا أجزاؤه في منطقة حديقة الشلالات.
أسوار الإسكندرية في عهد الإغريق والرومان
أقام المهندس دينوقراطيس بتخطيط مدينة الإسكندرية، بأمر من الإسكندر المقدوني على النمط الهيبودامي، وهما شارعين رئيسيين متقاطعين بزاوية قائمة.
ويشير كتاب “دليل الإسكندرية القديمة وضواحيها” – إصدار الهيئة العامة للتنشيط السياحة – أن بطليموس الأول “305 -285 ق. م”، أقام سورًا حصينًا حول المدينة.
وتقدر المصادر القديمة محيط هذا السور ما بين 10 إلى 15 كيلومترًا، وكانت هذه الأسوار في شمال المدينة تسير موازية للبحر حتى رأس لوخياس “لسان السلسلة الحالي”، ثم تتجه جنوبًا نحو قناة الإسكندرية.
وخلال الأحداث التاريخية أثبتت هذه الأسوار قوتها وحصانتها في الدفاع عن المدينة، فقد عجز أمامها أنطيوخوس الرابع، ملك سوريا خلال بداية القرن الثاني ق.م، كما صدت هذه الأسوار قوات الروماني دقلديانوس في نهاية القرن الثالث الميلادي، وظلت هكذا حتى العصر الإسلامي.
أسوار الإسكندرية في العصر الإسلامي
ووفقًا لما ذكره الدكتور خالد فؤاد بسيوني في مجلة الآثاريين العرب، فإنه مع فتح عمرو بن العاص مصر عام 641 م، ودخوله مدينة الإسكندرية عام 645 م، قام بهدم أسوارها حتى لا يحتاج إلى حصار طويل، ثم بعد ذلك اهتم الحكام المسلمون بإصلاح أسوارها، وإقامة أسوار جديدة تحيط بما تبقى من المدينة بعد أن انكمشت رقعتها.
وخلال العصر الإسلامي، كما يشير كتاب “دليل الإسكندرية”، نفذت الحكومات بمصر منذ عصر عمرو بن العاص وحتى العصر الطولوني أعمال ترميم، وفي العصر الطولوني تم بناء أسوار جديدة استخدمت فيها نفس أحجار الأسوار القديمة التي شيدت في العصر الإغريقي والروماني، وتم الترميم في نفس مساره من الجانب الشرقي.
أسوار الإسكندرية في العصر الحديث
ويوضح مرجع “دليل الإسكندرية القديمة وضواحيها”، أنه في عهد أسرة محمد علي، أجريت أعمال ترميم للسور الذي تبقى، وأيضًا تم هدم بعض أجزائها، وحاليًا توجد أجزاء من أسوار الإسكندرية القديمة الباقية على شكل أبراج وجزء من السور، حيث تمتد على شكل شبه قوس من الطرف الجنوبي الشرقي لاستاد الإسكندرية، ثم يتخللها حدائق الشلالات.
ما تبقى من الأسوار حاليًا
البرج الشرقي يقع بالطرف الجنوبي من استاد الإسكندرية وتبلغ مساحتة 333 مترًا مربعًا تقريبًا، ويوجد على وجه التقريب في اتجاه مسار السور الغربي.
وفي جولة ارشادية سابقة داخل استاد الإسكندرية، أوضح الدكتور إسلام عاصم، مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بالمعهد العالي للسياحة في المحافظة، أن هذا الجزء من “سور الإسكندرية القديم”، سمي بـ”بوابة الزهري”، لوجود قبر الزهري المقابل لها، ويعود تقريبًا إلى القرن الـ 13 الميلادي.
السور الشرقي يقع في الطرف الشرقي من حديقة الشلالات الجنوبية أمام النادي الأولمبي، وهو الجزء الوحيد المتبقي من السور ذاته ويبلغ طوله 79.50 متر.
البرج الغربي يقع داخل حديقة الشلالات البحرية وأعلى بحيرة الحديقة من الغرب، ويتميز هذا البرج بتنوع الأحجار والعناصر المعمارية المستخدمة في بنائه، التي ترجع للعصر الهلينسي، والآخر يرجع إلى العصر الروماني والعربي، وتبلغ مساحته حوالي 334م مربع.
طابية النحاسين توجد في الطرف الغربي الأقصى من بقايا أسوار الإسكندرية القديمة، وترجع لعصر محمد علي، وكانت مخصصة للأغراض الدفاعية وصناعة الأدوات النحاسية، ومن هنا اكتسبت اسمها.
3 تعليقات