«صخرة الملتقى».. والملهمة المزيفة للشاعر لإبراهيم ناجي
أبحث عن قصة حب «صخرة الملتقى» التي بثها الشاعر الطبيب، إبراهيم ناجي، كتب سطورها في مدينتي المنصورة، بكلمات تعزف على أوتار الروح وتغذي الوجدان، كلمات تطرد الأرواح الشريرة التي تسمى “مهرجانات”، تجعل الجميع يتراقص ذبيحا لفترة مؤقتة. أما كلمات مثل ما أبدع ناجي ورفاقه، تغذي الروح وتجعلنا نسمو بوجداننا وتطرب الآذان والقلوب. إبراهيم ناجي، الطبيب والشاعر، أحب جارته وهو في السادسة عشرة من عمره، وسافر لدراسة الطب خارج البلاد وعاد للعمل في محافظات الصعيد ثم عشق مدينة المنصورة، بحث عن فتاته لم يجدها، ولخجله الشديد خاف أن يسأل عنها ربما تفضحه عيونه، فأخذته الدنيا دون أن ينساها، إلى أن أستنجد به رجل لإنقاذ زوجته التي كانت في حالة ولادة وتوقف التنفس، وفورا ذهب ناجي، وجد امرأة مغطاة، فطالبهم بكشفها لتستطيع التنفس، وهنا كانت المفاجأة حيث وجدها ملهمته ومحبوبته التي لم ينسها في يوم من الأيام، واستطاع إنقاذ حياتها ووضعت مولودها، ورحل باكيا وكتب رائعته “الأطلال” التي غنتها أم كلثوم بعد وفاته، ومن أبياتها:
رُبَّمَا تَجْمَعُنَا أَقْدَارُنَا ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَمَا عَزَّ ٱللِّقَاءْ
فَإِذَا أَنْكَرَ خِلّ خِلّه وَتَلَاقَيْنَا لِقَاءَ ٱلْغُرَبَاءْ
وَمَضَى كُلّ إِلَى غَايَتِهِ فلا تَقُلْ شِئْنَا، فَإِن الحظ شاء
روشتات علاج
وبعد سنوات من رحيل ناجي، صرحت الفنانة زوزو حمدي الحكيم، أن ناجي كتب “الأطلال” لها، لأنها كانت ملهمته وكان يحبها، مؤكدة أنها ترددت على عيادته مع والدتها وكانت الأبيات مدونة على “روشتات” علاج والدتها.
لقاءات متخيلة
أعود إلى “صخرة الملتقى” والتي كانت مكان لقاء إبراهيم ناجي، بمحبوبته، في المنصورة، أو هكذا قالوا، وأرى أنها تنفي قصة حبه الذي سيطر على حياته لجارته حين كان في السادسة عشرة من عمره ونظم عنها “الأطلال”. ربما كان ناجي يتخيل لقاءات عند الصخرة. لما لا والفنون جنون. وربما أحب أخرى. ولكنني أميل إلى أنها لقاءات متخيلة، لأن الشاعر قال في مطلع قصيدته:
سألتكِ يا صخرةَ الملتقى
متى يجمع الدهرُ ما فرَّقا!
فيا صخرةً جمعت مهجتين
أفاءا إلي حسنها المنتقى!
توضح الأبيات أن لقاءات تمت هناك عند الصخرة، ولكن في آخر القصيدة يقول:
ويا صخرة العهد أبت أليكِ
وقد مُزِّق الشَّمل ما مزقا
أريك مشيبَ الفؤادِ الشهيد
والشيبُ ما كلَّل اَلْمَفْرِق
يتحدث عن مراحل متقدمة من العمر ورغم ذلك لم ينس محبوبته. ورغم كل ما قيل، تبقى القصة التي تحب أن تقرأها وتسمع عنها. فقد رحل ناجي ومحبوبته ورحلت زوزو حمدي الحكيم وأم كلثوم واختفت صخرة الملتقى وبقيت أبياتها نرددها وبقينا نحن نعيش على “الأطلال”.
13 تعليقات